الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » هي الدار موقوف عليك بكاها

عدد الابيات : 49

طباعة

هي الدّارُ موقوفٌ عليك بكاها

فلا تعدُها يوماً تؤمُّ سواها

وخلِّ اِعتذاراً بالرّكاب فإنّما

بكفّ الّذي يعدو الرّكابَ خُطاها

هويتُ ثراها قاصداً مَن مشى بها

ولولا هواها ما هويتُ ثَراها

ولمّا عرفنا دارَها بمُحَجَّرٍ

وَحَلَّتْ عيونٌ بالدّموعِ حُباها

نظرتُ إليها يوم سارتْ حُدوجُها

فلم يكُ للأجفانِ غيرُ قَذاها

وقفنا عليها طاعةً لقلوبنا

رِكاباً حَداها الشّوقُ حين حَداها

فكان حنينَ المُهْجَساتِ رُعودُها

وصوبَ دموعِ النّاشجين حَياها

فيا منزلاً بانتْ وفيه ضياؤها

وليستْ به وَهْناً وفيه نَشاها

سقاكَ من الأنواءِ ما شئتَ من ندىً

ولا زلتَ ريّانَ الثّرى وسَقاها

أُحبّكَ والبيتِ الّذي طوّفَتْ به

قريشٌ ومسّتْ تُربَهُ بلحاها

ومَنْ حَطَّهُ بيتاً عتيقاً محرّماً

وجاب له الأحجارَ ثمّ بناها

وقومٍ نَضَوْا بالمَوْقِفَيْنِ ذنوبهمْ

ومَن حلَّ في وادي مِنىً وأتاها

وبالحَصَياتِ اللّاتي يُنبذن حِسْبَةً

ومَنْ قَلَّها من صخرها ورماها

لَئِنْ كنتِ من دارِ الغرامِ صحيحةً

فلي مُهْجَةٌ لم يبقَ غيرُ ذَماها

وَزارتْ وِسادي في الظّلامِ خَرِيدةٌ

أَراها الكرى عيني ولستُ أراها

تَمانَعُ صبحاً أنْ أراها بناظري

وتبذلُ جُنحاً أنْ أُقبِّلَ فاها

ولمّا سَرَتْ لم تخشَ وَهْناً ضلالةً

ولا عرف العُذّالُ كيف سُراها

فما ذا الّذي من غير وعدٍ أتى بها

وماذا على بُعدِ المزارِ هَداها

ويا ليتني لمّا نزلتُ بشِعْبها

تكون قِرَايَ أوْ أكون قِراها

وقالوا عساها بعد زَوْرةِ باطلٍ

تزور بلا ريبٍ فقلتُ عساها

ألا نكّب الأنواءُ دارَ مَهانةٍ

فما عندنا للنّفسِ غيرُ ضَناها

مقيمٌ بلا زادٍ سوى الصّبر والحِجى

على شَجَراتٍ لا أذوق جَناها

لغيري اِخضرارٌ من فروعِ غُصونِها

وليس عليه بَلْ عليَّ ذَواها

أَشيمُ بُروقاً لا أرى الغيثَ بعدها

وأرقبُ سُحباً لا يَطُلُّ نَداها

ولو كنتُ أرجوها قنعتُ فإنّني

حُرِمْتُ بها فيما حُرِمتُ مُناها

وإنّي لَمغرورٌ بقومٍ أذِلَّةٍ

يحِلّون من أرضِ الهوانِ ذُراها

وإنْ جئتهمْ تشكو مضيضَ مُلِمَّةٍ

تَقَوْا بك مغلولَ اليدين شَباها

وكلِّ مَليءٍ وبالمَلامِ مذمَّمٍ

عَرَتْه المخازي مرّةً وعَراها

يهشُّ إلى العَوْراءِ وهْيَ قَصِيَّةٌ

ويَعْمى عن العلياءِ وهو يراها

صحبْتكُمُ أجلو بكمْ عنِّيَ القَذا

فَأَعشى عيوني قربُكمْ وغَطاها

وكنتُ أُرَجِّي صُبحَكمْ بحنادِسٍ

فكنتمْ نهاراً للعيونِ دُجاها

فَلَيت الّذي ما كان للعين قرّةً

وقد أبصَرَته لا يكون عَماها

وَدارُكمُ دارٌ إِذا ما مضى بها

كريمٌ عداها مُعرِضاً وطَواها

إِذا قرّبَتْ شَيئاً لديه اِنتوى لها

وإنْ عرضتْ يوماً عليه أباها

وما هانَ إلّا خائفٌ يستجيرها

وَلا خابَ إلّا مَنْ مَنا فَرَجاها

وما المُسلَمُ المخدوعُ إلّا نَزولُها

ولا المُهْمَلُ المبذولُ غيرُ حِماها

فلا باركَ الرّحمَن فيمنْ أحبَّها

وبارك فيمن مَلَّها فقلاها

ولا بَلَغَتْها النّاجياتُ طَلَبْنَها

وعُقِّلْنَ عن إدراكها بوَجاها

فأيُّ اِنتِفاعٍ بالبلادِ عريضةً

وبات قصيراً في الرّجال جَداها

فكلُّ بلادٍ لم يُفِدْك اِقتِرابها

فَما قربُها إلّا كبُعدِ مداها

رُمِ المَطرَحَ الأعلى من الفضل كلّهِ

ولا ترضَ في أُكرومةٍ بسواها

وَخلِّ ضنيناً بالحياةِ فإنّه

فداها ببذلِ العِرْضِ حين فَداها

فَلستَ لدى حكمِ العشيرةِ شيخها

إذا لم تكنْ يوم الطّعانِ فتاها

وكيف ولم تحملْ بظهرك ثِقْلَها

تدور على قطبٍ نَصَبْتَ رحاها

وما سُدْتَها في يوم سِلْمٍ ولم تكنْ

بسيِّدها في الضَّربِ يوم وغاها

فَكُن إِنْ أَردتَ العزَّ فيها مسالماً

شِفارَ مَواضيها وزُرْقَ قناها

فَلي في معاريضِ الكلامِ تَعِلَّةٌ

ومن عِلَلِ الأدواء منه شفاها

فإن يمكن التّصريحُ صرّحتُ آنفاً

وروّيتُ أحشاءً أطَلْتُ ظماها

وإلّا فَجمجامٌ من القولِ سائرٌ

بِأيدي عِناق النّاعجاتِ كفاها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

80

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة