الديوان » العصر المملوكي » تميم الفاطمي » وصامت الجو بعيد الفرقد

عدد الابيات : 68

طباعة

وصامِتِ الجوّ بَعيدِ الفَرْقَدِ

مُشْتَبِهِ الأعلامِ جَهْمِ المَشهدِ

مَرْتِ الرُبَا عاري العَرَاء فَدْفَدِ

يحارُ فيه كلُّ هادٍ مُهْتد

صَلْدِ السَّبَارِيتِ صَلِيبِ الجلْمَدِ

يُمْرِضُ فيه الريحَ بُعْدُ المقصِد

ليس به غيرُ الظلام الأسودِ

يظلُّ فيه الركبُ هيمانَ صدِ

قَطَعتهُ يقظانَ لم أستنجد

إلا بِمتْن الصارم المهنَّد

والليلُ مضروب الرُّواق الأَرْبَد

على قَلْوقِ الرحل مَوَّارِ اليدِ

عَوْدٍ جَدِيليّ صريح المَحتِدِ

كأنني منه على خَفَيددِ

وكلّ هِرْجابٍ أَمُونٍ أجُدِ

لو سُلِعت في النار لم تَبَلَّد

ولو سَرَتْ ما بقِيَتْ لم تُجْهَدِ

من المراسيل العِتَاق الوُخَّد

الشَدْقميّات العِرَابِ الشُرَّد

مَهْرِيَّة النِسْبة لم تفنَّد

لها على الإرقالِ والتمرُّد

عَزُّ الموالي واحتمالُ الأعْبُد

تقول للَمْعزَاء لا تَبَّعدِي

قَوْداء في السير ولم تُقَوّد

تُعِيد في إرقالها وتبتدي

كأنها في جِنَّة لم تُجهَد

تعطِيك ما اعتادت وما لم تعتدِ

كأنها جاءت بأعلى ثَهْمَد

تسبَحُ في الآل إذا لم تُسْئِد

والآلُ في رَقْراقِهِ الممدَّد

كالماء في صَرْحٍ له ممرَّد

يحسبه الغائب ما لم يَشهَد

ماءَ خِضَمّ المَوْج طام مُزْبِدِ

وآسِنِ الطعم قذِيِّ الموردِ

مِلحٍ أُجاجٍ كدموع الأرمَدِ

وردتُه تحت الظلام المُلْبِد

والليلُ جونُ المِرْطِ أَحَوى الجسدَ

قبل هبوبِ الطائرِ المغرِّد

حتى تَبَدّى الصبح ظهر المِبردِ

والليل في مَغْرِبه لم ينفَد

كأنه كُحْل عيون الخُرَّد

تخاله فوق الصباح المنجِد

صُدْغين في خدّ غلامٍ أمردِ

وأنجمُ الظلماءِ لم تَبَدّد

كأنها لآلئٌ لم تُعْقَد

سابحة في فَلَكٍ من عَسْجَدِ

وتارةً تَسْبَح في زُمُرُّد

سَبْحَ المَدارِي في أَثيثٍ أجعد

كأنما شِعْراه إذا لم تَخْمُدِ

جُمَانةٌ في كفّ عبدٍ أسود

يا كاتِمَيْ سِرِّ المشوقِ المُكْمَد

هل فيكما بالله لي من مُسْعِدِ

إذا رمى الليلُ عيونَ السُّهَّدِ

مِن نَشْوَتَيْ كلّ كَرىً بِمرْوَد

كم زَورةٍ لي تحت ذاك المرقِد

في حَيّ سهم بالظلام مُرْتَدِ

لا مستعينا بسَوى تجلُّدي

أسرَى وأمضَى في الدُّجَى من فَرْقَد

حتى أبِيت بين غِيدٍ نُهَّد

أرشُف شَهْداً كامِنا في بَرَد

ملتزِماً هِيفَ الخصورِ المُيَّد

ما أنتِ يا لَيْلي سوى غُصْنٍ ندِ

تميس في غُصْن نَقًى مُلَبَّد

وقَمَرٍ فوق قضيبٍ أَملَدِ

تَفْتَرُّ عن كاللؤلؤ المنضَّد

صِيغ لها من عسلٍ مجمَّدِ

فهُوَ متى هَمَّ بذوب يَبردِ

الثلجُ لولا بَردُه لم يَجمُد

وفاتِر الطَرْف عليلِ الموعدِ

أضعف من لحظِيَ بين العُوَّد

يقتل من يشا ولكن لا يدِي

يجور في حكم الهوى ويعتدي

يا حبَّذا قَوْلتُها قَدْك أقصِد

أذَبْتَنِي بالضمّ والتشدُّدِ

يا شَرها من قُبَلِي ومن دَدِي

يكفيكَ ما في الخدّ والمقلَّد

وناهدٍ منتصبٍ مِلءْ اليدِ

كتما كَحْسو الطائرِ المصرَّد

لم تر عين مثل هذا المشهدِ

مستعبَدٌ يعبث بالمستعبِد

حتى إذا خِفتُ عيون الهُجَّد

وانكدرت زُهْرُ النجومِ الوُقَّد

ولاح ضوءُ الفجر كالسيف الصدِي

قامت تَهادَى كالغزال المفردَ

تقول يا ليت الدُّجَى لم يُطْرَدِ

وقد جرت أدمُعُها بالإثْمد

على نقاءِ خَدِّها المورِّد

فهْيَ عليه كالعِذَار المبتدي

وبارقٍ مثل الحريق المُوقَد

أَرَّق عيْنَيَّ فلم أوَسَّدِ

يُومِض في نِشاصِهِ المعمَّد

كصفحَة السيف إذا لم يُغْمَدِ

مهما يَلُحْ في حَجْرتيه يرعُد

طَوْع ندى الريح وسؤل الروَّدِ

كأنه في هَطْله المجوَّد

كفُّ العزيزِ الملِك المؤيَّد

إذا اعتراه مُعْتَفٍ أو مُجْتَدِي

يا عِصْمة الخائِف والمسترشِدِ

وحُجَّةَ الله التي لَمْ تُرْدَدِ

بعد النبيّ المصطفَى محمّدِ

دعا بك الملحِد كالموحِّدِ

جرَّدت عزماً كان لم يُجَرَّد

حتى عقدت دولة لم تُعْقَد

قبلك يا بن الخُلفاء المُجَّد

ففضلك الفضل الذي لم يُجْحَد

شهِدْتُ والملعون لم يَشهد

بأنّك الطالب ثأْرَ أحمد

وأنك الرائح فيه المغتدي

وأنك الوارث كلّ السؤدد

وأنك الواجد ما لم يوجَد

أعطاكَها الله فخذها وأحمد

فالله يكفيك عيون الحسّد

بالبيت حِلْفاً فالصفا فالمسجد

ما شيَّد الدولةَ من مشيِّد

مِثْلُ العزيز الملِك المخلَّد

شدّ من المُلْك عُراً لم تُشْدَد

إني بأفعالك قِدْماً أًقْتدي

ولم أَزَلْ أَهدِي بها وأهتدي

هُنَاك شَهْرٌ طالع بالأسعد

حتَّى دوامِ عِزّك المجدَّد

فصُمْه بالتقوى وبالتهجّد

محتسِبا لله بالتعبّد

فأنت فيه رُشْد من لم يرشُد

ورِفْدُ مَنْ أكدى ولم يسترفِد

وعِيدُ من صلَّى ولم يعيِّد

يا سبب النور الذي لم يخمد

وحكمةَ الله التي لم تنفَدِ

وشبْه داعِيه النبيّ الأحمدِ

أنت إمامٌ لي بلا تقيُّد

لا هُمَّ فاشهدْ ثم لاهُمَّ اشهدِ

إن نِزاراً غايتي ومعقِدي

أنا بريء مِن عِداك مفتد

إن لم تكن ذي نيَّتي لم أسْعَدِ

لولاك لم أَسْمُ ولم أُسَدَّد

فابقَ لِرَعِيْ مُلْكك الممهَّد

ممتَّعاً بعزّك المؤيَّد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن تميم الفاطمي

avatar

تميم الفاطمي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Tamim-Al-Fatimi@

565

قصيدة

3

الاقتباسات

38

متابعين

الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي. أمير، من أعيان بني العباس. كان صاحب الصلاة بمدينة السلام وأمير مكة والموسم، وحجَّ بالناس نحو عشرين سنة. مولده ووفاته ببغداد.

المزيد عن تميم الفاطمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة