الديوان » العصر المملوكي » تميم الفاطمي » يعد وجيع الوجد ما هيج البعد

عدد الابيات : 53

طباعة

يُعدّ وجِيعَ الوجد ما هيَّج البعدُ

وأوجعُ منه قرب من قربهُ الصدُّ

أبي الدّمعُ إلاَّ أن تَفِيض شئونه

فيبدو إذا أبدته ما لم يكن يبدو

وعصيانُ دمع العين غَدْرٌ بربّه

إذا بان عنه الصبر واحتكم الوجدُ

وما يَنْقضي عهدُ الأسى من متَّيم

إذا لم يدم يوماً لمحبوبه عهد

أآمرِتي بالصبر وهي تَحُدّه

وعاذلتي في السُّقم وهي له جندُ

كما لم تجد عيناكِ بُدّاً من الضَّنَى

كذا ما لجسمي من ضنىً بهما بدّ

إذا وعدت هندٌ ثَنى جودَها الوعد

وإن سَمحت يوما فنائِلُهَا ثَمْد

يَضيق بها خَلْخالها وسِوارُها

ويَجْذِبها من خلفها كفَلٌ نَهدُ

وإن هي أسرت في الدُّجى نمّ حسنُها

عليها ونمّ الحَلْى والمسك والنَّدّ

لها خُلُق في كلّ يوم من الجفا

طريفٌ له بين الحشى حُرَق تُلْد

ولم أر مثلي يكره العار خالياً

ويُصْبِيه سحرُ الطرف والجيدُ والخدّ

أراني إذا ما رمتُ أمراً يعوقني

من الدهر والأيام عن كونه طرد

وأُصبح فرداً في مرامي ومن يَرُم

عظيماً يَقلّ المُسْعِدون له بَعْد

كذا الشرف العُلْويّ ليس يناله

من الناس إلا الفذّ في سعيه الفردُ

أرى محنُ الأيام ماليّ مذ سَطَتْ

يدٌ ليس يخلو من شَباها ولا زَنْد

خطوبٌ وأحداثٌ إذا ما لقِينَني

تفرّقن والمبيضّ منّيَ مسودّ

وكم سِرتُ لا أبغي سواي مشيِّعا

لقلبي ولا عزمي بغيريّ يشتدّ

وأقدمتُ إلحاحاً على كلّ مَطْلب

فلم ينفع الإقدامُ إذ لم يكن جَدّ

وبي فُتِّحت للناس كلُّ غريبة

ومُحْكَمةٍ ينشقّ منها الصَّفا الصَّلْد

ومن كان ذا علم بأهل زمانه

تيقّن أنّ الناس كُلَّهُمُ وَغْد

وأنّهمُ لا يسترقّ حِفاظَهم

وفاءٌ ولا يَفْنى لهم أبداً حقد

إذا فَرِقوا أبدَوْ وداداً وذلّة

وأنفسُهمْ حربٌ وألسُنُهمْ لُدُّ

فلا تَرْحمِ الأعداءَ يوماً ولا تَلُمْ

حسوداً فما إن يَرْتضى ضدَّه الضّدّ

وإنّي ليُبقى بعض جهدي مآربي

مخافَة ألاّ ينفعَ الجاهدَ الجَهْد

وأزهدُ في كلّ الأنام صيانةً

لقدري وأمّا في المعزّ فلا زُهْد

هو الملك القَرْم الذي سبقتْ له

إليّ أيادٍ ليس يُحْصَى لها عَدّ

وما راح عن كسب المحامد مُقْصِراً

ولو خبّأتها بين أنيابها الأُسْد

عليمٌ بوجه الأمر من قبل كونه

بصيرٌ بعَدْوِا الخطب من قبل أن يعدو

فتىً ليس بين المال يوما وبينه

ذِمامٌ إذا ما زاره الشكر والحمدُ

إذا زاره وفدٌ غدا من تليده

وطارفه عند الذي لم يَزُرْ رِفد

سحائبُ معروفٍ لكفّيه تَنْهمي

علينا ولا بَرْق لهنّ ولا رعدُ

رأيتُ مَعَدّاً كالحسين وإنما

يطول على المولود إن أنجب الجَدّ

تَغرَّب فهْماً مثل ما ذاب رقّةً

وظَرْفاً فما في كنه وصفٍ له حدّ

به يَشتفي السّمعُ الأصمُّ بلفظه

وتُشْفَى برؤيا وجهه الأعين الرُّمدْ

كأنّ ضياء الشمس ردّاه نورَه

وأهدى إليه قلبه الأسَدُ الوَرد

وليس يُبالِي أن يَرُوح ويَغتدي

من المال صِفراً حين يصفو له المجد

كأنّك لا تَرْضى لنفسك خلّة

إذا لم يكن في كلّ كفّ لها رِفْد

ولستَ تُبالي أن تروح بعيشةٍ

تَضِيق إذا كانت عُلاك هي الرَّغد

ولولا احتمالُ النّفس كلّ مشقَّة

إذاً لتساوى في العلا الحرُّ والعبد

حجبتُ سنا شعري زماناً ولم يزل

لديّ مصوناً لا يَبِين ولا يبدو

ونزّهتُه دهراً فلمّا هززتَني

هززتَ حساماً ليس ينبو له حَدّ

كذا السيف لا تَسْتخبِرُ العينُ عِنْقَه

إذا لم تفارقه الحمائل والغمد

فسار بمدحي فيك كلُّ مهجِّر

وغنّى به في السهل والوعر من يحدو

وصاغْت له عَلْياك حسناً وزينةً

وصيغ لها من حَلْي ألفاظه بُردُ

وليس لكّل الناس يُسْتحسَن الثَّنا

كما ليس في كلّ الطُّلى يحسُن العِقْد

وكم لك عندي من يدٍ وصنيعة

أقرّ بها منّي لك اللّحم والجلدُ

فلا يَعْجَب الحسّاد لي أن ودِدْتني

فحقّ لمثلي من مثالك ذا الودّ

رأيتُك يُفْنِي العذْرُ حقدُك كلَّه

فتَرْضى وما يُفْنِي مواهبَك القصدُ

ولا تُوعدُ الجاني إذا زلّ بل له

فإذا اعتذر المعروفُ عندك والوعد

وتَجْحَد ما تُولى يداك من النَّدى

وإن كان عند المُجْتدِي للنَّدَى جَحْد

ولو كفَر العافون نُعماك لم يكن

لطبعك منك الآن عن كرم رَدُّ

وتهتزّ للمدح اهتزاز مُهَنَّد

تناوَله يوم الوغى بطلٌ نَجْد

عليك سلامُ الله ما لاح بارقٌ

وما حنّ مشتاق تداوَلَه الفقد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن تميم الفاطمي

avatar

تميم الفاطمي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Tamim-Al-Fatimi@

565

قصيدة

3

الاقتباسات

38

متابعين

الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي. أمير، من أعيان بني العباس. كان صاحب الصلاة بمدينة السلام وأمير مكة والموسم، وحجَّ بالناس نحو عشرين سنة. مولده ووفاته ببغداد.

المزيد عن تميم الفاطمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة