الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » ما ودع اللهو لما بان منصرما

عدد الابيات : 33

طباعة

ما وَدَّعَ اللَّهوَ لمَّا بانَ مُنصَرِما

حتى تَلفَّتَ في أعقابِه نَدَما

بكى على الجَهْلِ إذ وَلَّى فأعقَبَه

حِلْماً أراهُ الصِّبا لمَّا مضَى حُلُما

رُدَّا عليه رِداءَ اللَّومِ فيه وإنْ

رَدَّ الحنينَ أنيناً والدموعَ دَما

صبابةٌ تَلبَسُ الكِتمانُ كامنةً

بين الضُّلوعِ وشَيبٌ يَلبَسُ الكَتَما

لا أظِلمُ الحُبَّ في رَيَّا وإنْ ظَلمتْ

ولا أُكَفكِفُ فيه الدَّمعَ ما انسجَما

هي القَضيبُ ثَنى أعطافَه هَيَفٌ

فكادَ يَنثُرُ منه الوردَ والعَنَما

مظلومَةُ الحُسنِ إن شبَّهتُ طَلْعَتَها

صُبحاً يسالمُ في إشراقِه الظُّلَما

جُهْدُ المَتَّيمِ أن يَرعى العهودَ لها

حِفْظاً ويَحْمِلَ عن أجفانِها السَّقَما

إن يَظْمَ مِنْها إلى طيبِ العِناقِ فكَم

رَوَّتْ جوانِحَه ضَمّاً ومُلتَثَما

وصاحبٍ لا أمَلُّ الدَّهْرِ صُحبَتَه

يُعَبِّسُ الموتُ فيه كلَّما ابتسَما

تُنبي الطَّلاقَةُ في مَتْنَيْهِ ظاهِرَةً

عَنِ القُطوبِ الذي ما زالَ مُكتَتَما

إذا اعتَصَمْتُ به في يَومِ مَلحمَةٍ

حسبتُني بِسَليلِ الأَزْدِ مُعْتَصِما

وعارضً ما حَداه البَرقُ مُبْتَسِماً

إلاّ أرَانا ابنَ إبراهيمَ مُبتَسما

يبكي فينثُرُ من أجفانِ مُقْلَتِهِ

دُرّاً غَدا في جُفونِ النَّورِ مُنْتَظِما

كأنَّما الرَّوْضُ لمّا شامَ بارِقَه

أفادَ أخلاقَ عبدِ اللهِ والشِّيَما

أَغَرُّ يَغمُرُ شُكْري فَيْضَ أَنْعُمِه

فكلَّما ازدَدْتُ شُكْراً زادَني نِعَما

دَعا الخطوبَ إلى سِلمي وحرَّمَني

على النوائبِ لمّا راحَ لي حَرَما

مُمهِّدٌ لي في أكنافِه أبداً

ظِلاً عَدِمْتُ لديه الخوفَ والعَدَما

وتارِكٌ ماءَ وَجْهي في قَرارَتِه

بماءٍ كَفَّيْهِ لمّا فاضَ مُنْسَجِما

رَضِيتُ حُكْمَ زَمانٍ كان يُسخِطُني

مُذْ صارَ جَدواه فيا بيننا حَكَما

وإن غدوتُ زُهَيراً في مدائِحِه

فقَد غدا بتوالي جُودِه هَرِما

هُوَ الغَمامُ الذي ما فاضَ مُحتَفِلاً

إلا أصابَ نَداه العُربَ والعَجَمَا

يا ابنَ الذَّوائبِ دُمْ في مُنتَهى شَرَفٍ

شابَتْ ذَوائِبُه والدَّهْرُ ما احتلَما

فكم يَدٍ لكَ لم تُخلِقْ صَنائِعُها

عندَ العُفاةِ وأخرى جَدَّدَتْ نِعَما

ومَشهَدٍ ما جَرى ماءُ الحديدِ به

إلاّ غَدَا البَرُّ بَحراً ثَمَّ مُلتَطِما

ضاقَتْ جوانبُه بالبِيضِ فازدَحَمَتْ

كالماءِ ضاقَ به اليَنبوعُ فازدَحَما

أضرَمْتَ نارَ المَنايا في النُّفوسِ بِه

ضَرماً وأَخْمَدْتَ من نيرانِهِ ضَرَما

أما الصِّيامُ فقد لَبَّيْتَ داعِيَه

إلى العَفافِ ولم تُظْهِرْ له صَمَما

تركْتَ فيه سماءَ الجُودِ هاطِلةً

فإنْ مَضَتْ دِيَمٌ أَتبَعْتَها دِيَما

أناملٌ ما هَجَرْتَ الكأسَ دائرةً

إلا وَصَلْنَ النَّدى والسَّيفَ والقَلَما

فاسلَمْ لرَعْيِ زِمامِ المَجدِ مُجتنِباً

مَنْ ليسَ يَرعَى له إلاّ ولا ذِمَما

واسعَدْ بقادِمَةٍ كالحَلْيِ حامِلَةٍ

شُكْراً تُهنِّيكَ بالعيدِ الذي قَدِما

مُقلَّدٌ بِزمامِ القَولِ قائِلُها

فما تَكلَّمَ إلا دَبَّجَ الكَلِما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة