الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » أؤنب الشوق فيهم وهو يضطرم

عدد الابيات : 55

طباعة

أُؤَنِّبُ الشَّوقَ فيهِم وهو يَضطَرِمُ

وأستَقِلُّ دموعَ العينِ وهي دَمُ

للهِ أيُّ شُموسٍ منهُمُ غَرَبَتْ

بِغُرَّبٍ وبدورٍ ضَمَّها إِضَمُ

بِيضٌ تُخبِّرُ عنها البِيضُ لامِعَةً

بأنَّهنَّ نَعيمٌ دونَه نَقَمُ

أَهْدَتْ لهُنَّ على خَوْفٍ إشارَتَنا

تَحِيَّةً رَدَّها العُنَّابُ والعَنَمُ

هيَ الظِّباءُ ولي من رَبعِها حَرَمٌ

وهيَ الشِّفاءُ ولي من لَحْظِها سَقَمُ

سُقْيا المحبِّينَ من أَهلِ الحمى ظَمأ

بَرْحٌ وسُقياهُ من أَجفانِها دِيَمُ

وما تَحَكَّمَ في دارٍ فِراقُهُمُ

إلا غَدَتْ في دموعِ العَيْنِ تَحتَكِمُ

سَلِمْتَ ما فَعَلَتْ غِزْلانُ ذي سَلَمٍ

إذا الكِناسُ الذي حلَّتْ به سَلَمُ

يُمْسي به الحُسْنُ والإِحْسانُ في قَرَنٍ

ويُصبحُ الخِيمُ في مَعناه والخِيَمُ

جَادَتْكَ مُذهَبَةٌ بالبَرْقِ مُجلِبَةٌ

بالرَّعْدِ تَربَدُّ أحياناً وتَبتَسِمُ

كأنَّها وجُنوبُ الرِّيحِ تَجنُبُها

بحرٌ يَسُدُّ فَضاءَ الجوِّ مُلتَطِمُ

منَ اللَّواتي تقولُ الأرضُ إنْ بسَمَتْ

هَذي الحياةُ التي يَحيا بها النَّسَمُ

كأنَّها إذ توَلَّتْ وهيَ مُقْلِعَةٌ

جَيْشُ العَدوِّ تولَّى وهو مُنهَزِمُ

عادَتْ حُماتُهُمُ سُفْعاً خُدودُهمُ

كأنَّما سَفَعَتْ أبشارَها الحُمَمُ

وَلَّتْ وبِيضُ ابنِ عبدِ اللهِ تَنشُدُها

كالطَّيْرِ رَوَّعَها من بارقٍ ضَرَمُ

أطفأْتَ بالكَرِّ والإِقدامِ نارَهُمُ

وقبلُ كانتْ على الإسلامِ تَضطَرِمُ

دَفَعْتَهم بِغِرارِ السَّيفِ عن بَلَدٍ

رَحْبٍ تَدافَعَ فيه سَيْلُكَ العَرِمُ

فأصبَحَتْ من وراءِ اليَمِّ شَوْكَتُهم

وهمْ من البِيضِ إن جرَّدْتَها أُمَمُ

غَشِيتَهُم برماحٍ ليسَ بينَهُمُ

وبينَ أطرافِها إلٌّ ولا ذِمَمُ

ونِلْتَ أَمنعَهُم حِصْناً وأبعَدَهم

فليسَ تَعصِمُهُمْ من بأسِكَ العِصَمُ

وباتَ ذو الأمرِ منهُمْ قد أَلَمَّ بهِ

من خَوْفِ إلمامِكَ المُؤذي به لَمَمُ

تَروعُ أحشاءَهُ بالكُتْبِ وَهْوَ لَهَا

خَوفُ الرَّدى ورجاءُ السِّلمِ مُستَلِمُ

لا يَشرَبُ الماءَ إلا غَصَّ من حَذَرٍ

ولا يُهَوِّمُ إلا راعَهُ الحُلُمُ

اللهُ جارُكَ والارماحُ جائِرَةٌ

والبِيضُ تأخُذُ من ألوانِها اللَّممُ

والنَّقْعُ لَيْلٌ يَكُفُّ الطَّرْفَ غَيهَبُه

والُمرهَفاتُ كقَرْنِ الشَّمْسِ تَزْدَحِمُ

أَضْحى بِنَجْدَتِكَ الإسْلامُ مُعْتَصِماً

وأنتَ باللهِ والهِنديِّ مُعْتَصِمُ

تُزجي القَنا والمَنايا فيه كامنةٌ

فتَحطِمُ الشِّرْكَ أحياناً وَينحَطِمُ

أَعْجِبْ بهِ حينَ يَدعوهُ لمَلْحَمَةٍ

أَصَمُّ ليسَ به من دَعْوَةٍ صَمَمُ

كأنَّها والعَوالي مِلءُ ساحَتِها

مَغارِسُ الخَطِّ فيها للقَنا أَجَمُ

فالغَزْوُ مُنْتَظِمٌ والفَيء مُقْتَسَمٌ

والدِّينُ مُبْتَسِمٌ والشِّرْكُ مُصْطَلَمُ

يا سلئلي عن عليٍّ كَيفَ شِيمَتُهُ

أنظُرْ إلى الشُّكْرِ مَقْروناً به النِّعَمُ

مَدْحٌ يَغُضُّ زُهَيْرٌ عنه ناظِرَه

ونائلٌ يَتوارَى عِنْدَهُ هَرِمُ

وباسطٌ يَدَه بالعُرْفِ مُطلِقُها

بالحَتْفِ يُنعِمُ أحياناً وَينتَقمُ

مُشَهَّرٌ مثلُ بيتِ اللهِ تَعرِفُه

بِفَضْلِ ما ذاعَ عنه العُرْبُ والعَجَمُ

إذا بَدا الصبحُ فهو الشَّمسُ طالِعةً

وإن دَجَى اللَّيلُ فهو النارُ والعَلَمُ

لا يَستعيرُ له المُدَّاحُ مَنقَبَةً

ولا يقولون فيه غيرَ ما عَلِموا

رأى السَّماحَ فطيماً فاشرَأَبَّ له

وخيرُهُم مَنْ رَآه وهو مُحتَلِمُ

رَحبٌ على آمليهِ ظِلُّ رَحْمَتِهِ

وليسَ بينَهُمُ قُربَى ولا رَحِمُ

عَمَّتْ أياديه إذا عَمَّ الحَيا بلداً

إنَّ التي عَمَّتِ الدُّنيا هي الكَرَمُ

فما نبالي إذا فُزْنا بِديمَتِهِ

أن يُمْسَكَ الغَيْثُ أو أن تَهلِكَ الدِّيَمُ

هو الحَيا والغِنى ما انهَلَّ عارِضُه

وهو الرَّدَى ما ارتدى بالسَّيفِ والعَدَمُ

رمى الصَّليبَ وأبناءَ الصَّليبِ فلم

تُغْمَدْ صَوارِمُه إلاّ وهُم رِمَمُ

بالِبيضِ تُنْكِرُها الأغمادُ مُغمَدَةً

والجُرْدِ تَعرِفُها الغِيطانُ والأَكَمُ

لا تُخلَعُ العُذْرُ عنها عندَ أَوْبَتِها

ولا تُنَفَّسُ عن أَوساطِها الحُزُمُ

كأنَّما نُتِجَتْ للحَربِ مُسرَجَةً

مُرَكَّباتٍ على أفواهِها اللُّجُمُ

يا صارِمَ الدينِ إنَّ الدِّينَ قد عَلِقَتْ

كَفَّاهُ منك بِحَبْلٍ ليسَ يَنصَرِمُ

أَشِيمُ عَفْوَكَ عِلْماً أنْ ستَنْشُرُه

عَليَّ تلك السَّجايا الغُرُّ والشِّيَمُ

كَانَ انصرافَي جُرْماً لا كِفاءَ له

عندي وأيُّ لَبيبٍ ليسَ يَجتَرِمُ

رَأْيٌ هَفَا هَفْوَةً زَلَّتْ لها قَدَمي

وما هَفا الرأيُ إلاّ زَلَّتِ القَدَمُ

هو اضطِرارٌ أزالَ الاختيارَ وهَل

يَختارُ ذو اللُّبِّ ما يُرْدي وما يَصِمُ

وكيفَ يَجتَنِبُ الظَّمآنُ مَورِدَهُ

عَمْداً إذا راحَ وهو البارِدُ الشَّبِمُ

صَفْحاً فلو شُقَّ قلبي عن صَحيفَتِه

لَظَلَّ يُقْرَأُ منه الخوفُ والنَّدَمُ

جاءَتك كالعِقْدِ لا تُزْري بِنَاظِمِها

حُسناً وتُزْري بما قالوا وما نَظَمُوا

والشِّعْرُ كالرَّوْضِ ذا ظامٍ وذا خَضِلٌ

وكالصَّوارمِ ذا نابٍ وذا خَذِمُ

أو كالعَرانينِ هذا حَظُّهُ خَنَسٌ

مُزْرٍ عليه وهذا حظُّه شَمَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة