الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » أمن العيون تروم فقد عنائه

عدد الابيات : 50

طباعة

أمِنَ العيونِ ترومُ فَقْدَ عَنائِه

هَيهاتِ ضَنَّ سَقامُها بشِفائِه

ما كان هذا البينُ أوَّلَ جَمرةٍ

أذكَتْ لهيبَ الشَّوقِ في أحشائه

لولا مساعدةُ الدموعِ ودَفْعُها

خوفُ الفِراقِ أتى على حَوبائِه

وأنا الفداءُ لمن مَخِيلَةُ بَرقِه

حظِّي وحظُّ سواي من أنوائِه

قمرٌ إذا ما الوشيُ صِينَ أذالَه

كيما يَصونَ بهاءَه ببهائِه

خَفِرُ الشَّمائلِ لو مَلَكتُ عِناقَه

يومَ الوَداعِ وَهَبْتُهُ لحَيائِه

ضَعُفَتْ معاقِدُ خصرِه وعهودُه

فكأنّ عَقْدَ الخصرِ عَقْدُ وَفَائِه

أدنو إلى الرُّقَباءِ لا من حبِّهم

وأصدُّ عنه وليس من بَغضائِه

للهِ أيُّ محاجرٍ عنَّتْ لنا

بمُحَجَّرٍ إذ ريعَ سِربُ ظِبائِه

ونواظرٍ وجدَ المحبُّ فتورَها

لمّا استقلَّ الحيُّ في أعضائِه

وَحيَاً أرقتُ لبرقِه فكأنه

قَدَحُ الزِّنادِ يطيرُ في أرجائِه

سارٍ على كَفَلِ الجَنوبِ مقابلٍ

حَزَنَ البلادِ وسهلَها بعطائِه

حنَّتْ رواعِدُه فأسبل دمعُهُ

كالصَّبِّ أتبعَ شدوَه ببكائِه

وسقَتْ غَمائمُهُ الرِّياضَ كأنما

جُودُ الأميرِ سقى رياضَ ثَنائِه

سَفَهاً لِمَنْ سمَّاه سيفَ حفيظَةٍ

هلاَّ أعارِ السَّيفَ من أسمائِه

متجرِّدٌ للخطبِ عرَّاضُ القَنا

والمَشرفيّةُ من مَشيدِ بنائِه

ومواجهٌ وجهَ العدوِّ بصَعدَةٍ

ينقضُّ كوكبُه على شَحنائِه

والرومُ تعلمُ أنَّ تاجَ زعيمِها

مُلقىً بحدِّ السَّيفِ يومَ لِقائِه

لما حماه القَرُّ سفكَ دمائِهم

أضحى يَعدُّ القَرَّ من أعدائِه

حَمَدَ الغمامَ وذمَّه ولربَّما

ساء الحبيُّ وسَرَّ عندَ حبائِه

قَلِقٌ يُفنِّيه الحديدُ فينثني

جَذْلانَ مثلوجَ الحشا بفَنائِه

إنَّ الربيعَ مُبيدُ خضراءِ العِدا

ومُسيلُ أنفسِهم على خَضْرائِه

ولو أنّهم قدَروا على أعمارِهم

وصلوا بها الأحوالَ عمرَ شِتاتِه

إن عاقَه عما يحاولُ صِنوهُ

وشبيهُه في بِشره وعَطائِه

فكأنَّني بجبينِه في مأزقٍ

متمزِّقٍ عنه دُجى ظلمائِه

مفقودةٌ شِيَةُ الجوادِ لنَقْعِهِ

وحُجولُ أربعةٍ لخَوْضِ دمِائِه

أو جحفلٌ لعبَتْ صدورُ رِماحِه

فكأنما انقضَّتْ نجومُ سَمائِه

لَجٍبٌ توشَّحَتِ البسيطةٌ سيلَه

وتعمَّمت أعلامُها بعمائِه

ضوضاؤُهُ زجلُ الحديد وإنما

يتوعد الأعداء في ضوضائه

متبسِّمٌ قبلَ النهارِ كأنما

زَرًّ النهارُ عليه ثَوبَ ضَحائِه

ويُريكَ بينَ مٌدجَّجِ ومُدرَّعٍ

خِلَعَ الرَّبيعِ الطَّلْقِ بينَ نِهائِه

يَثنيه في السَّيرِ الحثيثِ بلحظِهِ

كالريحِ تَثني الغيمَ في غُلَوائِه

فكأنَّ أشتاتَ الجِبالِ تجمَّعَتْ

فتعرَّضَتْ من دونِهِ ووَرائِه

فهناك تَلْقى الموتَ فوق قَناتِه

متبرِّجاً والنصرَ تحتَ لِوائِه

أعَدوَّه أوفَى عليكَ مشوَّقاً

بِقراعِه إذ لستَ من أكفائه

ومُشمِّراً قد شلَّ من إدلاجِه

ليلُ التمامِ وملَّ من إسرائِه

ودقيقَ معنَى العُرفِ يجعلُ بشرَه

بدرَ العدوِّ وتلك من أكفائِه

وإذا النَّسيمُ وَشى إليك مصبِّحاً

بمسَرّةٍ فحَذارِ من إمسائِه

قد قلتُ إذ سَالت عَدِيُّ أمامَه

سَيْلَ السَّرابِ جرى على بَطحائِه

ما بالُه مُغرىً بوَصْلِ عدوِّه

وعدوُّه مغرىً بوَصْلِ جَفائِه

يا موجِباً حقَّ السَّماحِ بنائلٍ

تتقاصَرُ الأنواءُ عن أنوائِه

والمبتني بيتَ العَلاءِ ببأسِه

فغدا علاءُ النجمِ دونَ علائِه

ومن السيادة لا تليق بغيره

لعظيم سودده وفضل غنائه

وإذا بحارُ المكرُماتِ تدفَّقَت

فجميعُها تمتارُ من أندائِه

لا يقتدي بسواه في تدبيره

والبحر يغنى عن رذاذ ضحائه

كم منَّةٍ لكَ ألبَسَتْني نِعْمةً

تَدَعُ الحسودَ يذوبُ من بُرَحائِه

صُنتُ الثناءَ عن الملوكِ نزاهةً

وجعلتُه وَقْفاً على آلائِه

ألفاظُه كالدُّرِّ في أصدافِهِ

لا بل تزيدُ عليه في لألائِه

من كلِّ رَيِّقَةِ الكلامِ كأنما

جادَ الشبابُ لها بِريِّقِ مائِه

فالشِّعرُ بحرٌ نلتُ أنفَسَ دُرِّه

وتنافسَ الشعراءُ في حَصْبائِه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة