الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » رويدك عن تفنيد ذي المقلة العبرى

عدد الابيات : 32

طباعة

رويَدكَ عن تفنيدِ ذي المٌقلةِ العَبْرَى

وقَصركَ أنَّ الدَّمعَ غايةُ ما نَهوى

ولا تبكِ إلاّ بعدَ طولِ صبابةٍ

وحسْبُك من فرطِ الصَّبابةِ ما أَبكى

إذا الدمعُ لم يبرَحْ مَحَلاً يَحُلُّه

سرى الدمعُ من أجفانِه قَلِقَ المَسرى

حَماهُ الكَرى برقٌ تَألقَ بالحمى

إذا ما خَفَى وهْناً أبى الشوقُ أن يَخفى

وقى اللهُ من شكوى الصبابةِ خُلَّةً

شكوتُ الذي أُلقى فأضعفَ في الشكوى

أكاتمُ بَلْوى الحبَّ كيما أُبيدَه

وعيني تَفيضُ الدمعَ عينٌ على البلوى

أُواصِلُ فيها الدمعَ يَدمَى مسيلُهُ

وأقطعُ أنفاساً مسالِكُها تَدمى

تذكَّرتُ إذا سَهْمُ الهَوى غيرُ طائشٍ

وإذ أسهُمُ الأيامِ طائشةُ المَهوى

وكم ليلةٍ أحيَتْ نفوسَ ذَوي الهَوى

عِناقاً وكانت لا تموتُ ولا تَحيا

ويومَ أرانا العيشَ يهتزُّ عِزَّةً

بما قد حوى من غُرَّةِ الرشأِ الأحوى

جَلَوْنا به الكاساتِ والأفقُ عاطلٌ

إلى أن تَبَّدَى الأفقُ في حُلَّةٍ تُجلى

فصافحَ منها الشَّرْبُ كلَّ مَشوقَةٍ

عليها رِجالُ الفُرسِ يقدُمُهم كِسرى

نُحَيَّا ونُسْقى في الزُّجاجةِ باطلاً

إذا نحنُ حقَّقْنا التَّحيَّةَ والسُّقيا

ويُلبسُه ساقي المدامةِ حُلَّةً

ولكنَّه في كفِّ شاربه يَعْرَى

وليلٍ رَحيبِ الباعِ مَدَّ رِواقَه

على الأفقِ حتى خِيلَ في حُلَّتَي ثَكْلَى

يُقيِّدُ ألحاظَ العيونِ حِجابُه

كأنَّ بَصيرَ القومِ من دونِه أعمى

ترَدَّيتُه حتَّى رأَيتُ رِداءَهُ

يَرِقُّ بمنشورٍ من الصبحِ لم يُطْوَ

ولاحَ لنا نَهْجٌ خَفِيٌّ كأنَّه

إذا اطَّرَدَتْ أثناؤُه حيَّةٌ تَسعى

إلى سيِّدٍ يُعطي على الحمدِ مالَه

فيأخُذُ ما يَبقى ويُعطي الذي يَفنى

وأبيضَ يَحمي كلَّ أبيضَ ماجِدٍ

إذا لاحَ فرداً فهو صاحبُه الأدنى

ومزمومَةِ الأطرافِ مُصفرَّةِ القرا

مؤلَّفةِ الأعضاء من فِرَقٍ شتَّى

تَشرَّدَ من أولادِها كلُّ زائرٍ

فيا لَكِ أُمّاً ما أعقَّ وما أجفى

إذا طار عنها انفلَّ في كلِّ نَثَلةٍ

دِلاصٍ كما ينفلُّ في الشَّمَطِ المِدْرَى

وإن حادَ عن نفسٍ هَدَاه لها الرَّدى

ولم يُرَ سارٍ قبلَه بالرَّدى يُهْدى

طلعْتَ عليه والذوابلُ تَلتوي

أسنَّتُها في نحرِ كلِّ فتىً ألوى

وأسفْرتَ والألوانُ تَرْبَدُّ خِيفَةً

وبيضُ الظُّبا تَدْمَى وسُمْرُ القَنا تَفْنَى

تَقَيَّلْتَ عبدَ اللهِ في البأسِ والنَّدى

فما حِدْتَ يوماً عن طريقتِه المُثلى

وأنتَ رفعتَ الشَّعْرَ بعدَ انخِفاضِهِ

بجودكَ حتى صار في ذِروةِ الشِّعرى

فكم مِدحَةٍ غِبَّ النَّوالِ تبسَّمَتْ

كما ابتسمَ النُّوَّارُ غب حَيَاً أروَى

ثَناءٌ أبانَ الفضلَ مني لحاسِدٍ

تبيَّنَ فيه ذِلَّةُ العبدِ للمَولى

يجولُ فِجاجَ الأرضِ وهو مقيَّدٌ

بقافيةٍ يَبلى الزمانُ ولا تَبلى

وما ضَرَّ عِقْدٌ من ثَناءٍ نظمتهُ

وفصَّلتُهُ أن لا يعيشَ له الأعشى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة