الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » أخلت أن جنابا منك يجتنب

عدد الابيات : 50

طباعة

أَخِلْتِ أنَّ جِناباً منكِ يُجتَنبُ

وأنَّ قلبَ محبٍّ عنكِ يَنقلِبُ

هيهاتَ ضرَّمَ نارَ الشوقِ فالتهبت

ضِرامُ نارٍ على خدَّيكِ يَلتهبُ

إذا طَلبتْ ربُى نجدٍ مخيِّمةً

فما لها في طلابِ غيرِها أربُ

لم يَشهَدِ البَينُ تُبدي ما يغيِّبُه

إلا وإشهادُنا من خيره غَيَبُ

تنقبَّت بالكسوفِ الشمسُ إذ طلعَت

شمسٌ تزيد ضياءً حين تنتقِبُ

مطلوبةُ الودِّ لم يَقعُدْ بها هربٌ

من الفراقِ ولم يلحقْ بها طلَبُ

قريبةٌ ودوامُ الهجرِ يُبعِدُها

والنَّجمُ أقربُ منها حين تَقتربُ

أشكو إلى الظَّلْمِ ما بي من ظُلامتِها

لو كانَ يُنصِفُ ذاك الظَّلْمُ والشَّنَبُ

وقد تناوبَني منها الخيالُ فما

أصابَ إلا خيالاً قلبُه يَجِبُ

أنَّى اطمأَنَّ وحصباءُ العَجاجِ عِدىً

من دونِه وثَراها السُّمرُ والقُضُبُ

حتى تصدَّتْ له بالشامِ من كثَبٍ

والشامُ لا صَدَرٌ منها ولا كَثَبُ

يكفيك أن لَعِبت بي نيةٌ قُذُفٌ

كأنّ جِدَّ المنايا عندها لَعِبُ

وراعَني ووراءَ الليلِ طاردُه

وَرْيٌ من الشَّيبِ في آثارِها لَهَبُ

لمّا تبسَّمَ في الفَوْديَنِ مغترباً

حيَّيتُه وكلانا اليومَ مغتَرِبُ

قوِّض خيامَك عن دارٍ ظُلِمتَ بها

وجانبِ الذُّلَّ إنَّ الذُّلَّ يُجتنَبُ

وارحلْ إذا كانت الأوطانُ مَضْيَعَةً

فالمَنْدَلُ الرَّطبُ في أوطانِه حَطَبُ

أما ترى الدهرَ أعقى من نوائِبه

جارَ الأمير فما تنتابُه النوبُ

أجارَنا منه من إقبالِه رَغَبٌ

يُحيي العُفاةَ ومن إعراضه رَهَبُ

غَيثٌ تحلَّبَ في الآفاقِ رَيِّقُه

على العُفاةِ ومَنشَى مُزْنِه حلَبُ

مرفوعةٌ حُجْبُه للزائرينَ وهل

للصُّبحِ مزَّقَ جِلبابَ الدُّجى حُجُبُ

ومسرعٍ وهو ثاوٍ في مكارمِه

كأنَّ إصعادَه من سُرعةٍ صَبَبُ

غامَت يداه فلم تكذِبْ غيومُهما

والغيثُ رُبَّما أزرى به الكَذِبُ

فللشَّمالِ سَحابٌ صوبُها غدَقٌ

ولليمينِ نِهابٌ صوبُها ذَهَبُ

لما توجَّه تِلقاءَ الثغورِ صفَت

كُدْرُ المياه بها واعشوشَبَ التَّرِبُ

وعرَّدَ الرُّومُ لما رامَهم هرباً

وهل من الحَينِ وافى جيشَه هربُ

لم تجلُبِ الخيلَ تَردي نحوَهم قُدُماً

إلا انثنتْ وذوو تيجانِها جَلَبُ

قُلْ للعُداةِ خذوا للحربِ أُهبتَها

فعن قليلٍ تفرَّى منكمُ الأُهُبُ

فتُبعثوا وتكونوا في اللِّقاءِ يداً

إنَّ الحِمامَ إلى أرواحكم سَغِبُ

أو فاغنموا السِّلْمَ قبلَ الحَيْنِ واستلموا

ركناً تَحِنُّ إليه العُجْمُ والعَرَبُ

فالحربُ آخذةٌ منكم وتاركةٌ

وإنما حربُ سيفِ الدولةِ الحَرَبُ

إن الهُمامَ الذي أضحى يغالبُكم

له على الدَّهْرِ فيما سامَه الغَلَبُ

فاستوهبوا العيشَ من إيثارِ طاعتِه

فإنما العيشُ ما يُعْطي وما يَهَبُ

لن تكسِبُوا العزَّ من عِصيانِ محتسبٍ

في الجودِ ما بِغرارِ السَّيفِ يَكتسبُ

ألوى فشنَّ على الأعداء غارتَه

من حيثُ يُؤمنُ أو من حيثُ يُرتَقَبُ

ظِلالُه حيثُ حلَّ القُضْبُ مُصْلتةً

وخيلُه حيثُ سار الجَحْفَلُ اللَّجبُ

أوفى على بطنِ هنزيطٍ فأمطره

وَدْقاً خلالَ بروقِ البيضِ يَنسكِبُ

غيثٌ هو المَحْلُ ما احمرَّت سَحائبُه

إلا تراجَعَ مصفرّاً به العُشُبُ

فكلما انتشَرتْ أبرادُ صيِّبِه

على البلادِ انطوَتْ أبرادُه القُشُبُ

وشارفَ البحرَ في بحرٍ إذا اضطربَتْ

حشاهُ خِلْتَ الجبالَ الشُّمَّ تضطربُ

مكوكَبُ النقعِ لو رامَتْ كواكبُه

كواكبَ الجوِّ ثابَتْ وهي تُنتَهَبُ

إذا سَرتْ حنَّتِ الجُردُ العِتاقُ به

وغرَّدَتْ في أعالي سُمْرِه العَذَبُ

كأنَّ شمسَ الضُّحى تخشاه بارزةً

فَضَوْءُها بحجابِ النَّقعِ مُحتَجِبُ

ولَّى الشَّمَيْشَقُ لا يهفو به طَربٌ

إلى المحلِّ ولا يدنو به سببُ

لم تَسْرِ خيلُكَ في أحشاء داجيةٍ

إلا سرى في دُجى أحشائه الرُّعُبُ

أجلى المواطنَ كُرهاً أن تورَّدَها

وَرْدٌ مواطنُه غابُ القَنَا الأشِبُ

حتى نصبتَ على رَغم الصليبِ بها

منابرَ الدينِ مسموعاً بها الخُطَبُ

ثم انثنيتَ وآسادُ الشَّرى جَزَرٌ

بالمُرهَفاتِ وغِزلانُ النقا سَلَبُ

سَبْيٌ تحصَّنَ منه الجيشُ وارتبطت

قُبُّ الجيادِ فلا ماشٍ ولا عَذَبُ

تخيَّرَ المجدُ أعلى نسبةٍ فغَدا

إلى عليِّ بنِ عبد الله يَنتسِبُ

ثلاثةٌ منه تجلو كلَّ داجيةٍ

جبينُه وغِرارُ السَّيفِ والحَسَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة