الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » نظري إلى لمع الوميض حنين

عدد الابيات : 80

طباعة

نظري إِلى لمع الوميضِ حنينُ

وتنفُّسِي لصَبا الأصيلِ أنينُ

ما كنتُ أعلمُ قبلَ نازلةِ الحِمَى

أنَّ الحبائلَ والسهامَ عيونُ

ركزوا بأبوابِ القبَابِ رماحَهمْ

ووراءَهُنَّ أهِلَّةٌ وغصونُ

آسادُ ملحمةٍ وأُدْمُ صريمةٍ

تحت الأكِلَّةِ فالكناسُ عرينُ

ومضَوا يَشيمونَ الوميضَ وقد هَفَا

بخفوقِه خَضلُ الربابِ هتونُ

إِلّا يكنْ نَعَبَ الغرابُ ببينهمْ

أُصُلاً فقد نَعَبَتْ سحائبُ جُونُ

باتوا ونجوى البين بينَ رِحالهمْ

فوضَى ومُستَرَقُ الحديثِ شجونُ

وتحمَّلوا سَحَراً وحشوُ حُدوجِهمْ

صُوَرُ الجَآذرِ والظِباءُ العِينُ

ووراءَ أصدافِ الحُدوجِ يهزُّهَا

هُوجُ الركائبِ لؤلؤٌ مكنونُ

إِنّ الأُلى أقوتْ ربوعُهمُ لهم

بين الأضالعِ منزلٌ مسكونُ

نُشِرَتْ ربوعُهمُ بعَودِ قَطينها

ونشورُ ربعٍ أن يعودَ قطينُ

وَمَليحةٍ بكرتْ عليَّ مُليحةً

سَحَراً وقد صبغَ الخدودَ جفونُ

قالت عهِدتُكَ لا تُراعُ لحادثٍ

وحصاةُ قلبكَ لا تكادُ تلينُ

فاليومَ مالك مستكيناً يمتري

مخزونَ دمعكَ قلبُكَ المحزونُ

تبغي سُلُوِّي وهو أعوزُ مطلبٍ

وطِلابُ ما لا يُستطاعُ جنونُ

فأجبتُها كُفِّي الملامَ وأقصري

كلٌّ بما كسبتْ يداهُ رهينُ

لم يُبقِ عندي للتجلُّدِ موضعاً

بينٌ بتفريقِ الجميعِ قمينُ

ولقد أثرتُ العيسَ ما لظهورها

مما أضرَّ بها السِّفارُ بطونُ

مشَقَ السهوبُ لحومَهُنَّ وعرَّقَتْ

أشلاءَهُنَّ فكلُّ حرفٍ نونُ

يرسُفْنَ في قيدِ الكَلالِ كأنما

حركاتُهنَّ وقد جَهِدنَ سكونُ

ولقد تَرى والريحُ راسفةٌ إِذا

قِيستْ إليها والوميض حَرُونُ

وكأنّها والليلُ وَحْفٌ فاحمٌ

عوجُ المدارى والظلامُ قرونُ

يرمي بهنَّ نياطَ كلِّ تنوفةٍ

همٌّ وهمٌّ في الضلوعِ كمينُ

هممٌ تعاورُها الهمومُ وعزمةٌ

عذراءُ شيَّبَها الخطوبُ العونُ

وإِذا طغَى بحرُ الزِماع فما لهُ

إِلّا القِلاصَ اليعملاتِ سَفِينُ

وإِذا نبا الوطنُ العسوفُ بأهلهِ

فظهورُهنَّ لمن حملنَ حُصونُ

يَخبِطنَ أحشاءَ الدياجي أو يُرَى

للصبحِ خدٌّ واضحٌ وجبينُ

ولقد سلبتُ مِراحَهنَّ إِلى حمَى

ملكٍ له ربُّ السماءِ مُعينُ

مسعودٍ الميمونِ طائرهُ الذي

جَدُّ المُنيخ ببابِه ميمونُ

ملكِ الملوك ابنِ السلاطين الألى

ملكوا رقابَ العالمينَ ودَينُوا

ركزوا ببرقةَ والصعيدِ رماحَهمْ

والهندُ مربطُ خيلِهم والصينُ

ملكوا الأعنَّةَ والأسنَّةَ والظُبَى

والخيلُ تنزو في الوغى وتلينُ

فكأنَّها تحتَ الفوارس والظُبَى

تحتَ العجاجِ بوارقٌ ودجونُ

مجدٌ تُوُورِثَ كابراً عن كابرٍ

والدهرُ مقتَبلٌ وآدمُ طِينُ

فالعزُّ أقعسُ والجنابُ ممنَّعٌ

والمجدُ أتلعُ والفِناءُ حصينُ

شُغِفتْ بدعوَتِهِ المنابرُ يافعاً

وصبا إِليهِ المُلكُ وهو جنينُ

شَرِقُ البنانِ بجوده غَدِقُ الندَى

كلتا يديهِ للعُفَاةِ يمينُ

للملكِ مأوى في ظِلالِ لوائهِ

يأوي إِليه النصرُ والتمكينُ

طرِبُ الشمائل حين تنآدُ القنا

ثمِلاً ويَشْرَقُ بالدماء وتينُ

ينجابُ عنه النقعُ وهو كأنَّهُ

قَمرٌ له سعدُ السُّعودِ قرينُ

والمشرفيّةُ في العجاج لوامعٌ

والأعوجيةُ في الصفوفِ صُفونُ

وعليه نشرُ مظلةٍ مكنونةٍ

بالدرِّ والياقوتِ وهو ثمينُ

سوداءُ حمراءُ الحِفاف كأنَّها

زهرُ الشقائقِ في الرياض تبينُ

رُفعتُ تردُّ الشمسَ عن شمسٍ لها

نورٌ إِذا اعتكرَ الظلامُ مبينُ

شمسان يكتنفانها من فوقِها

شمسٌ وآخرُ تحتها مدجونُ

فبنورِ تلك أضاءتِ الدنيا إِذا

ضاءتْ به الدنيا وعزَّ الدينُ

فلكٌ يدورُ على ذؤابةِ تاجهِ

ويكون أنَّى دار حيثُ يكونُ

تمشي الملوكُ الصِيدُ تحت ركابِه

ويُظِلُّه بجناحِه جِبرينُ

والجردُ مثقلةُ الرِقابِ يؤُودُها

حَمْلُ النُّضارِ بكدِّها ويرينُ

سبقتْ حوافرُها النواظرَ فاستوى

سبقٌ إِلى غاياتِها وشفونُ

لولا ترامي الغايتينِ لأقسمَ ال

راؤونَ أنَّ حَراكَها تسكينُ

قد كادَ يُشبهها البُروقُ لَوَ اَنَّها

لم يعتلقْها أعينٌ وظنونُ

من كل جيَّاشِ العِنان إِذا جَرى

يومَ الرِّهانِ فسبقُه مضمونُ

إِن يفرعِ الطودَ الأشمَّ فأجدلٌ

أو يركبِ البحرَ الخِضَمَّ فنونُ

بأخيهِ شدَّ اللّهُ أزرَ جلالهِ

ووزيرُه من أهلِه هارونُ

قِدحانِ قد نَبَتِ الحوادثُ عنهما

فالعودُ صُلْبٌ والغِرارُ سنينُ

جُمعا على رغم العدَى وتسانَدا

فكلاهما صَدقُ القناةِ متينُ

سبق المجلِّي والمصلِّي دونه

ووراءهُ كلُّ البريةِ دونُ

يا أيها الملِكُ الذي بجلالِه

قُضِيَ القضاءُ وكُوِّنَ التكوينُ

مرضاتُهُ تُحْيِي ويُرْدِي سُخْطُه

فهما حياةٌ للورى ومَنُونُ

عاثت ذؤالةُ في القطيع ومَا له

راعٍ وأضحى اللصُّ وهو أمينُ

وتنازعَ الملكَ الشَّعاعَ عِصابةٌ

لم يُدْرَ أيهُّمُ به المفتونُ

وتناهبوا ما لم يكنْ من قبلُ ذو ال

قرنين يملِكُه ولا قارونُ

فبكلِ أرضٍ رايةٌ وعصابةٌ

جُمعتْ وحربٌ لا تُطاقُ زبونُ

جرِّدْ عزيمتَك المتينةَ إنّها

فتنٌ ركَدنَ سهولهُنَّ حُزونُ

فبغاثُها مستنسِرٌ وشرارُهَا

نارٌ تُشَبُّ ودودُهَا تِنِّينُ

وكأنما الدينا وقد شُحِنتْ بها

بحرٌ تَكَفَّأَ فُلكُهُ المشحونُ

وارم الصفوفَ بمثلهنَّ وشُنَّها

شعواءَ يُنسَى عندَها صِفِّينُ

واشدُدْ يديكَ بحبلِ عمِّكَ إِنَّهُ

مولاكَ فهو بما تحبُّ ضمينُ

واطلَعْ عليه برايةٍ منصورةٍ

إِقبالُه بطلوعِها مقرونُ

أبَني الملوكِ الصيدِ إنَّ وراءكمْ

خطباً إِذا دبَّرْتُموهُ يهونُ

من قبل ذا خانَ الأمين شقيقه

فأُديل منه لبغيه المأمونُ

غلب العبيدُ على مقرِّ سريرِكم

والعبدُ خَوَّارُ القناةِ مهينُ

هي جولةُ الضْحَّاكِ عمَّ بلاؤُها

كلَّ الأنامِ فأين أفْرِيدُونُ

فانهضْ لها بالعزم تكنفُه الظُبَى

والسابغيّةُ نسجُها موضونُ

واعصِفْ عليهم بالقواضبِ عصفةً

تذرُ الرِقابَ الغُلْبَ وهي درينُ

كايلْهُمُ بالصاعِ صاعاً واجزِهمْ

بِتراتِهم إنّ التِراتِ ديونُ

إِنَّ الهَوى والرأيَ مالا نحوكمْ

بركائبي وهوى الرجالِ فنونُ

أبغي نهاياتِ العُلى وسجيتي

تأبى التوسُّطَ فالتوسطُ هونُ

فاسلمْ لأدركَ فيك ما أمَّلْتُهُ

ظنَّاً وظنُّ الألمعيِّ يقينُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

157

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة