الديوان » العصر المملوكي » ابن زمرك » عزاء فإن الشجو قد كان يسرف

عدد الابيات : 53

طباعة

عزاءٌ فإن الشجو قد كان يُسرفُ

وبُشْرى بها الداعي على الغور يُشرفُ

لَئِنْ غَرَبَ البدرُ المنيرُ محمّدٌ

لقد طلعَ البدرُ المكمّلُ يوسُفُ

وإن رُدَّ سيف الملك صوناً لغمدهِ

فقد سُلَّ من غمد الخلافة مُرْهَفُ

وإن طَوَتِ البُرْدَ اليماني يدُ البلى

فقد نُشِرَ البُردُ الجديدُ المُفَوَّفُ

وإن نضب الوادي وجف مَعينُهُ

فقد فاض بحر بالجواهر يقذف

وإن صوح الروض الذي يثب الغنى

فقد أزهر الرّوض الذي هو يُخلِفُ

وإن أقلعت سُحْبُ الحيا وتقشَّعت

فقد نشأَتْ منها غمائمُ وُكَّفُ

وإنْ صدعَ الشملَ الجميعَ يدُ النوى

بيوسُفَ فخرِ المنتدى يتألفُ

وإن راعَ قلبَ الدين نعيُ إمامه

فقد هُزَّ منه بالبشارة مَعْطَفُ

وقد ملك الإسلام خير خليفة

من البدر أبهى بل من الشمس أشْرَف

يُعير محياه الصباحُ إذَا بدا

وتُخجِل يُمناهُ الغمام وتَخْلُفُ

فمن نور مرآه الكواكبُ تهتدي

ومن فيض جَدْوَاهُ الحَيَا نتوكَّفُ

ولما قضى المولى الإمام محمدٌ

تحكم في الناس الأسى والتأسُّفُ

فلا جفنَ إلاّ مرسلٌ سُحْبَ دمعه

ولا قلبَ إلا بالجوى يَتَلَهَّفُ

وقد كادت الدنيا تميد بأهلها

وقد كادت الشُّمُ الشوامخ ترجُفُ

وقد كادت الأفلاك ترفضُّ حسرةً

وكادت بها الأنوار تخفو وتُكْسَفُ

ولكن تلافى اللهُ أمرَ عباده

بوارثِهِ واللهُ بالنّاسِ أَزأَفُ

فللدين والدنيا ابتهاجٌ وغبطة

وللثغر ثغرٌ بالمنى يُتَرَشَّفُ

أمانٍ كما تندى الشبيبة نَضْرَةٌ

يمُدُّ له ظلٌّ على الأرض أَوْرَفُ

طلعتَ على الإِسلام في دولة الرضا

فأَمَّنْتَهُ من كل ما يُتَخَوَّفُ

بوجه يُرينا البدرَ عند طلوعه

وفي وجنة البدر المنيرِ التكلُّفُ

وَعزمٍ كما انشقَّ الصباح مُصَمِّم

ورأي به بيض الصوارم تُرْهَفُ

وحولك من حفظ الإله كتائبٌ

وفوقَكَ من ظلِّ السعادة رَفْرَفُ

فوالله ما ندري وللعلم عندنا

براهين عن وجه الحقائق تكشفُ

أوجْهُك أمْ شمس النهار تطلعت

وكَفَّكَ أمْ سُحْبَ الحَيَا نَتَوَكَّفُ

فكم لك من ذكرٍ جميلٍ ومفخر

عميم على أوج الكواكب يُشْرُفُ

يُزار به البيتُ العتيقُ وزمزمٌ

ويعرفّه حتى الصّفا والمُعَرَفُ

ومن يسألِ الأيامَ تخبرْهُ أنها

بقومك تُزهى في الفخار وتشْرُفُ

وهل تهدُم الأيامُ بنيان مفخرٍ

تشيّده آيٌ كِرامٌ ومصحَفُ

ولو كانت الأيام قبلُ تَنَكَّرَتْ

فباسمك يا بدرَ الهدى تَتَعَرَّفُ

ألاَ إنْ تَرُعْنا الحادثات فإننا

عصابة توحيد به نَتَشَرَّفُ

وليس لنا إِلاَّ التوكلّ عادةٌ

وظنٌّ جميل وعدُهُ ليس يُخْلِفُ

فمَنْ مبلغٌ عنّا الغنيَّ بربه

وقد سار للفردوس يُحيا ويُتحفُ

بآية ما بلغت دين محمد

أمانيَّ للرحمن تُدني وتُزلفُ

وعنك يُروِّي الناسُ كلَّ غريبةٍ

يُروَّى لنا منها الغريبُ المصَنَّفُ

فكسّرتَ تمثالاً وهدْمتَ بِيعَةً

وناقوسُها بالكفر يهوي ويهتفُ

وكم من منار بالأذان عمرتَهُ

فصارت به الآذان بعدُ تُشَنَّفُ

وسرتَ وقد خلْفتّ خيرَ خليفةٍ

لك الفخر منه والثناءُ المخَلّفُ

أيوسُفُ قد أَرْضَيْتَهُ أجمل الرضا

وكان بما ترضى وتختار يكلَفُ

وكنتَ له يا قُرَّةَ العين قرةٌ

على برّه المحتوم تحنو وترأفُ

سَتجري على آثاره سابق المدى

فيُهدى له منك الثناءُ المضعَّفُ

سيلقى عدوُّ الدين منك عزائماً

إليه بجرّار الكتائب تزحفُ

ويأسف لما يُبصر البَرَّ يرتمي

بفرسانه والبحرَ بالسفُن يقذفُ

فما أرؤس الكفّار إلاّ حصائد

بسيفك سيف الله تُجنى وتُقْطَفُ

حسامك رقراق الصفيح كأنه

بكفك من ماء السماء يُنَطّفُ

ضعيف يَصِحُّ النصر من فتكاته

فيُروى لنا منه الصحيحُ المضعّفُ

ورمحك مرتاح المعاطف هِزَّةٌ

كَأَنْ قد سقته من دم الكفر قَرْقَفُ

ولا عيبَ فيه غير أن سنانه

إذا شَمَّ ريح النقع في الحرب يرعُفُ

فإن كعّت الأبطال في حومة الوغى

يشير لنا منه البنان المطَرْفُ

لقد فخر الإسلام منك ببَيْعَةٍ

وزال بها عنه الأسى والتخوّفُ

وألبستّهُ بُرداً من الفخر ضافياً

على عطفه وشيُ المديح يُفوَّفُ

وقد نظمت فيه السّعود ميامناً

كما يُنظمُ العِقدُ النفيسُ ويُرصَفُ

قدمتّ قرير العين في كلِّ غبطةٍ

بما شئت من آمالِكَ الغُرِّ تُسعِفُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن زمرك

avatar

ابن زمرك حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-zamrak@

153

قصيدة

32

متابعين

محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله، المعروف بابن زمرك. وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس. أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان ...

المزيد عن ابن زمرك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة