الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » هل عند ريح الصبا من رامة خبر

عدد الابيات : 74

طباعة

هل عند ريح الصَّبا من رامةٍ خبرُ

أم طاب أن صاب روضاتِ اللّوى المطرُ

علامةٌ لك من أمّ الوليد أتت

تعلو الرياحُ بها والمزن تنحدرُ

كأنّ ما هبَّ عِطريّاً مَجاسدُها

منفوضةً وكأنّ البارقَ الأُشُرُ

هوىً ترامت به الأيّام تُبعدُهُ

وقرَّبتْه لك الآياتُ والذِّكَرُ

ونازلٌ باللوى يسليك صورتَهُ

تيهُ الطريق وينسيك اسمَهُ الحذَرُ

سرى إلى الشرق مشتاقاً وما فُقِدتْ

عينٌ له بلوى خبتٍ ولا أَثرُ

يُجشِّمُ البدرَ أن يشقَى برؤيته

ويلبَسُ الليلَ زوَّاراً فيعتكرُ

ما استوطن البيدَ لولا أنه رشأٌ

وما امتطى الليلَ لولا أنه قمرُ

يا مِنّةً للكرى لولا حلاوتُها

ما ذُمَّ وهو وفاءٌ في الهوى السهرُ

مدَّ الظلامُ بها قبلَ الصباح يداً

بيضاءَ بانَ بها من أمسه السحَرُ

في الضاربين على البَلقْاءِ باديةً

يَسبِي لها الحرَّ من أبنائه الحَضَرُ

تُصبِي الأحاديثُ عنها وهي نازحةٌ

والسمعُ يعلَق ما لا يعلَق البصرُ

سمراءُ غارتْ عليها وهي تُشبهها

في القدّ واللون تحميها القنا السُّمُرُ

تَلينُ خَلْقاً ويجفو خُلْقُها فكأنْ

في جسمِها الماءِ أُلْقِي قلبُها الحَجرُ

سعديّة تدّعِي أن الوفاءَ لها

من صُلب حاجبَ حبلٌ ليس ينبتر

فما لها وفؤادي في خِفارتها

والشوقُ يرعاه ظلماً ليس ينتصرُ

ما أنكرتْ أمُّ خير وهي معرضة

أغيرَ أنْ لوّنتْ من لِمّتي الغِيَرُ

وَفَى الصِّبَا للهوَى إذ كان حالفه

لا يُحلَقُ الحبُّ حتى يُحلَقَ الشَّعَرُ

أرى المنى بعدُ تُملي لي سوالفَها

وفي المشيب الذي استقبلتُ مزدجَرُ

أشتاق حاجاتِيَ الأولَى وتجذبني

إلى اتباع النُّهى حاجاتِيَ الأُخَرُ

ما أشرفَ الحلمَ لولا ثِقلُ محمِلِهِ

وأجملَ الصمتَ لولا قولهم حَصَرُ

وما أعزَّ الفتى في ظلِّ عفّتِهِ

لو شُووِرَ الحزمُ أو لو صحَّت الفِكَرُ

ما لكَ في الحرصِ إلا فضلُ ذلَّتِهِ

والرزقُ يفعل فيه ما اشتهى القدَرُ

خُلْقانِ في هذه الدنيا مُعاسرةٌ

ما طولِبتْ وبها إن تورِكت يُسُرُ

قنعتُ منها بما بلَّ الصدَى كِبَراً

من همّتي ظنَّ قومٌ أنه صِغَرُ

أسوِّفُ العيشَ حسنَ الظنِّ أجبرُهُ

على فسادٍ وجَبْرُ الظنِّ منكسرُ

مرقِّعاً بالمنَى أرجو غداً فغداً

تأتي الحظوظُ وحظّي بعدُ منتَظرُ

رضىً بنفسِيَ أو ودِّ امرىءٍ ثِقةٍ

أغنَى به وغنيُّ المالِ مفتقِرُ

وإن مدحتُ ففخرٌ لا أعابُ به

ولا يكذِّبُ إخباري به الخُبُرُ

إذا غلوتُ بقولٍ فيه لم ترني

إلى المروءة فيما قلتُ أعتذرُ

حدِّثْ بفضلِ بني عبدِ الرحيم وما

طابوا على قِدَمِ الدنيا وما كثُروا

واستشهد الصُّحُفَ الأولى بما نقلت

عنهم وما قصَّت الآثارُ والسِّيَرُ

المكتفين إذا غابوا بشُهرتهم

عن الشهادة والكافين ما حضَروا

أبناء ذِروة هذا الملكِ قد فَرَعوا

سَنامَه يطلبون النجمَ ما انحدروا

تملَّكوا قَرَبَ الدنيا وشِرعتَها

لا يَردُ الناسُ إلا كلَّ ما صدَروا

لا تستخفُّهمُ الأحداثُ إن طرقت

عن الحُلومِ ولا يُطغيهم البطَرُ

إذا بلوتَ تُقاهم أو بصائرَهم

في نعمةٍ شَكَروا أو نكبةٍ صبَروا

تكلَّموا وأَرمَّ الناطقون لهم

لا يؤمَرون ولا يُعصَوْن إن أَمَروا

يُدعَون في السنواتِ الشُّهبِ جامدةً

فيفعلون بها ما يفعلُ المطرُ

غاض الفُراتُ وضنَّ المزنُ وانبعثتْ

في المزنِ تُعصَرُ أيديهم فتنعصِرُ

لو ركَّبوا في أعاليهم أناملَهم

يومَ الوغَى خُضِّرتْ أطرافُها الحُمُرُ

إن كنتَ فيمن طواه البينُ ممترياً

منهم فعندك من منشورهم خَبَرُ

هذا الحسينُ حياةٌ خُلِّدتْ لهمُ

ليسوا بأوّل موتَى بابنهم نُشروا

صَلَّى فزادت على السُّبَّاق حَلبتُه

محلَّقُ العُرفِ جارٍ خطوُهُ حُضُرُ

كالسهم أَحرزَ ذكراً يومَ تُرسله

لم يُعطِهِ أبواه القوسُ والوتَرُ

عُصارة فَضلتْ في الطِّيب طينتَها

والخمرُ أطيبُ شيء منه يُعتَصرُ

لا يعدَم الصاحبَ ابنُ الليل قوَّسهُ

طولُ السُّرَى وتَنقَّى عظمَه السَّفرُ

فوَّزَ في البيدِ لا ظلٌّ يَفيء له

ظُهْراً ولا يتّقيه من ندىً سَحَرُ

تَرمِي به غرضَ الأخطارِ حاجتُهُ

يحلو له المِلحُ أو يصفو له الكَدَرُ

يحسُّ أو يتراءى كلَّ مُخلِفَةٍ

لا سمعَ يَصدُقُه فيها ولا نظرُ

يَرى سماوتَه في الماءِ يُنكرُها

من طول ما اختلفتْ في عينه الصُّوَرُ

حتى إذا ملَّت الأقدارُ شِقوتَه

وحان من سعيه أن يُدرَك الظفرُ

آنَسَ من جوده ناراً مبشرةً

ببَرْدِ عيشته من حيثُ تستعرُ

فجاء يقتافُها حتى أصاب قِرىً

يأخذُ منه اشتطاطَ النفسِ أو يذَرُ

بينا تكونُ البدورُ الطائفاتُ به

ولائداً وتُذكَّى للقِرَى البِدَرُ

فلا خلا منه ربعُ الفضلِ يَعمُرُه

بالمال يُقسَمُ والأقوالِ تُدَّخَرُ

وبَيْضة الملكِ يحميها فما كَرَبت

مذ قام يَشعَبُها بالرأي تنفطِرُ

تيمَّنوا باسمه حتى لقد وثِقوا

لو سار في غير جيشٍ أنهم نُصِروا

طلقُ النقيبةِ لم يعقِل سعايته

عن مطلبٍ رجبٌ يُخشَى ولا صَفَرُ

غَرَّرَ في العزِّ حتى نال غايتَهُ

وجانبُ العزِّ مركوبٌ له الغَرَرُ

لو عِيبَ ما عابه شيءٌ يُزَنُّ به

من النقيصةِ إلا أنه بشرُ

حلا له الحمدُ حتى ما لَه ثمنٌ

يغلو عليه وحتى مالُهُ هَدَرُ

لو وَهَبَ المرءُ يوماً نفسَهُ سَرَفاً

لم يَهبِ النفسَ إلا وهو مختصِرُ

عَجمتُ أيّامَ دهري صعبةً بكُمُ

فسالمتْني وفي أيّامها خَوَرُ

وكان لي عندَ حظّي قبلَ ودِّكمُ

ثأرٌ فقمتُ بكم كالسيف أثَّئِرُ

فلتأتينَّكُمُ عنِّي وبي أبداً

غرائبٌ وهي في أوطانِها فِقَرُ

تسري مراكبَ للأحساب تَعرِضُها

على العيون شِيَاتٌ كلُّها غُرَرُ

إذا تحلَّتْ فمعناها قلائدُها ال

نُضار أو لفظُها أقراطُها الدُّرَرُ

ممّا ولَدتُ وإن خالفتُ منصِبَها

كِسرَى أبي وأبوها نِسبةً مُضَرُ

تسرُّكم وتسوء الحاسدين لكم

ونفعُ قومٍ لقومٍ غيرِهم ضَرَرُ

في كلِّ يومٍ جديدِ العهد مبتكرٍ

تسوقُها لكم الرَّوْحاتُ والبُكَرُ

لها بأحسابها طُولٌ وما قطَعتْ

سَيْراً وفيها عن استحقاقكم قِصَرُ

وقد سمعتم سواها قابلين له

فكيف يحلو لجاني النحلةِ الصَّبِرُ

وإن تشابهتِ الألفاظُ واتفقتْ

فرُمَّة الحبل شكلاً حَيَّةٌ ذكَرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

116

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة