الديوان » العصر العباسي » صردر » كما قلتما برء الصبابة في الياس

عدد الابيات : 64

طباعة

كما قلُتما بُرءُ الصبابةِ في الياسِ

وليس لها غيرَ التجلُّدِ من آسِ

فما في الهوى مَرعىً يطيبُ لذائق

ولا مَوردٌ عذبٌ يَلذّ به حاسِ

سؤالُ مغانٍ ربعُها أخرسُ الصَّدَى

وشكوَى إلى مَن قلبُه ليِّنٌ قاسِ

أيَبْيَضُّ فَرعى والجوى في جوانحى

كأَنّ الهدى يا قلب مسكنُه راسي

وما هذه اللِّمّاتُ إلا صحائفٌ

محاها بياضُ الشَّيب عن لونِ قِرطاسِ

كأَن الرُّقَى مما عدِمت شفاءَها

تَعلَّمها الراقون من بعد وَسواسي

مَددتُ يداً نحو الطبيب فردَّها

إلى النَّحر واستغنى بإخبار أنفاسي

وما زال هذا البرقُ حتَى استفزّنى

سَناَ كلِّ وقاَّد ولو ضوءُ نِبراسِ

وليل وِصالٍ أسرعَتْ خُطُواتُه

بهجعةِ سُمَّارٍ وغفلةِ أحراسِ

فما قُصَّ للنَّسريْن فيه قوادمٌ

ولا رُبِطتْ ساقُ الثريا بأمراسِ

ضحوك ثَنيّاتِ الصّباح تخالُه

ضياءَ إمامِ الحقّ من آلِ عباسِ

هو الوارث النور الذي كان آية

لأبانه الماضين من عهد إلياس

فلو لم يكن للناس في الليل راحةٌ

لضوَّأَ من لألائه كلَّ دِيماسِ

كأن رسولَ الله ألقَى رداَءه

من القائِم الهادِى على جبل راسِ

ضميرٌ جلاه صَيقلُ الحلم والتُّقَى

وكفٌّ حباها الله بالجودِ والباسِ

ومحتجب بالعزّ لولا مكانه

لرُجَّت نواحى هذه الأرض بالناسِ

زمانُ الورى في ظلِّه وجنابه

كأيَّام تشريق وليلاتِ أعراسِ

رعاهم بروض الأمن غِبَّ مخافةٍ

وألبسهم ثوبَ الغنى بعد إفلاسِ

وراضَ الجَموحَ للذَّلولِ برفقهِ

فما بينهم إلا موازينُ قِسطاسِ

حِماهُ هو البيتُ العتيقُ ظباؤه

حرامٌ على عَبل الذراعَيْن فرّاسِ

فلو كان فيه ناقةَ اللهِ عاقرا

أخو وائلٍ ما ذاق طعنة جَسَّاسِ

وما ضرَّ من كان الإمامُ سحابَهُ

تقاعُدُ لَمَّاعِ البوارق رجَّاسِ

لسيَّارةِ المعروف في صُلبِ مالِهِ

غنائمُ لم تُقسم عليها بأخماسِ

له من صوابِ الظنِّ بالغيب مخبرٌ

ولا خيرَ في رأى امرىء غيرِ حسَّاسِ

وليس لأحقادٍ ذُكرنَ بذاكرٍ

ولا لحقوق الله يُنسَيْنَ بالنَّاسى

ولولاه كانَ الدِّين فقْعاً بقَرقرٍ

يُداسُ بأظلافٍ ويُفرَى بأضراسِ

سقاه مياه العز فاخضرَّ مُورِقاً

وأينعتِ الأفنانُ في عُودهِ العاسِى

فلا تنشُروا للباطلِ اليومَ رايةً

وهل يُنشَر المدفونُ في قَعر أرماسِ

يؤيده الرحمن في كلِّ موقفٍ

بنصر يعود الليثُ وهو به خاسِ

جيوشٌ من الأقدارِ تُفْنِى عُداته

بلا ضربِ إيثاخ ولا طعنِ أشناسِ

وكم شهدَتْ يوما أغرَّ محجَّلا

تُخلِّده الأقلامُ ذِكرا بأطراسِ

يُشا كِلُ بدرا والملائكُ حُضَّرٌ

ويَذكُرُ جندا أُنزِلتْ يومَ أَوْطاسِ

وقد علِم المصرىُّ أنَّ جنودَه

سِنُو يوسفٍ منها وطاعونُ عَمْواسِ

أحاطتْ به حتَّى استراب بنفسهِ

وأوجس فيها خِيفةً أىَّ إيجاسِ

قصورٌ على الفسطاط أضحتْ كأنها

قفارُ ربوعٍ بالسَّماوة أدراسِ

سهامُ أميرِ المؤمنين مَكايدٌ

ورُبَّ سهامٍ طرن من غير أقواسِ

هو المصطَفىِ التقوَى متاعاً لنفسه

بجوهرِها حالٍ بسُندُسها كاسِ

إذا وطِئت شُوشُ الملوك بساطَه

تضاءل منها كلُّ أغلبَ هِرماسِ

تَخِرُّ بِهِ شُمُّ الجماجم سُجَّدا

ويخشَعُ فيه كلُّ ذى خُلُق جاسِ

يُحيُّون من جسم النبوّةِ بَضعَةً

هي القلبُ في الحَيزوم والعينُ في الراسِ

ويَغشَون قَرْما من لؤىّ بن غالبٍ

يعدِّد في أنسابه كلَّ قِنعاسِ

من الخلفاءِ الرافعين بِناءهم

بأطولِ أعمادٍ وأثبتِ أساسِ

رعَتْ ذممَ الإسلام منهم كوالىءٌ

وسيست أمورُ الملكِ منهم بسُوَّاسِ

نجومٌ إذا السارون ضلُّوا هدتهُمُ

هدايةَ نِيران رُفعن بِقُرناسِ

قِداحُهُمُ يومَ الفخار فوائزٌ

وأسهمُهم إن نازلوا غيرُ أنكاسِ

همُ ملؤا الدنيا بطيبِ حديثهم

كما ملأ الأسماعَ قعقاعُ أجراسِ

كرهبانِ ليلٍ لا تلائمُ مضجَعا

وأُسْدِ صباحٍ ما تَقِرُّ بأخياسِ

وما منهمُ من ملَّك البِيضَ قلبَه

ولا طمِعتْ في لُبهِّ وثبةُ الكاسِ

عَتادُهم في حَجِّهم وجِهادهم

جراجرُ أجمالٍ وتَصهالُ أفراسِ

أولئك آباء الإمامِ ورهطُهُ

أصولُ كرامٍ زَيَّنتْ خيرَ أغراسِ

عَمِرتَ أميرَ المؤمنين بنعمةٍ

وعيشٍ صفيقِ الظلِّ أخضرَ ميَّاسِ

ولا زالت العلياءُ عندك وفدُها

يروح بأنواعٍ ويغدو بأجناسِ

ابحتَ حِمىَ الإحسانِ حتّى أصابه

معاشرُ من نَيل المنى غيرُ أكياسِ

وما نعمةٌ إلا أفضتَ لباسَها

على من عهدناه لها غيرَ لبَّاسِ

مواهبُ فيها لابنِ حِصنٍ وحابس

نصيبٌ فهلاَّ مثلُه لابن مِرداسِ

فما لي وبحرُ الفضل عندك زاخرٌ

يطاوَل في دار المُقامة أحلاسى

إذا رُفِعت نارُ القِرَى لك أُوقدتْ

مَصابيحُ لم يُستدنَ فيهنَّ مِقباسى

أوذُ بواديك المقدِّسِ أن أُرى

فريسةَ قنّاصٍ من الدهر نهَّاسِ

للا رِقبةٍ جَورُ الزمان وعدلُهُ

وتحريجُه جارٍ على غير مقياسِ

فإن تصطنعْ نُعْمى فأنتَ وليُّها

وهيهات تُقضَى من رجائك أحلاسى

ننال بأدنى القولِ منك مدَى العلا

ولا عجبٌ أن يُحضر الدُّرُّ بالماسِ

وإن كان ثدىُ الجود عندك حافلا

فقد يُمتَرى دَرُّ اللَّبون بإبساسِ

تعامت لنا الأيامُ عنك وأبلستْ

نوائبُها عن قصدها أىَّ إيلاسِ

فليست صروفُ الدهر ما دمت سالما

مُعاشرَ أهليها بخوفٍ ولا باسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صردر

avatar

صردر حساب موثق

العصر العباسي

poet-Sardar@

130

قصيدة

1

الاقتباسات

104

متابعين

علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي، أبو منصور. شاعر مجيد، من الكتاب. كان يقال لأبيه (صرّ بَعْر) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت (صر ...

المزيد عن صردر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة