الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » أعد يا دهر أيام الشباب

عدد الابيات : 32

طباعة

أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ

وَأَيْنَ مِنَ الصِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ

زَمَانٌ كُلَّما لاحَتْ بِفِكْرِي

مَخَايِلُهُ بَكَيْتُ لِفَرْطِ ما بِي

مَضَى عَنِّي وَغَادَرَ بِي وَلُوعاً

تَوَلَّدَ مِنْهُ حُزْنِي وَاكْتِئَابِي

وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْبِ نَفْسِي

وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي

أَصُدُّ عَنِ النَّعِيمِ صُدُودَ عَجْزٍ

وَأُظْهِرُ سَلْوَةً وَالْقَلْبُ صَابِي

وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ

يَكُونُ قِوَامُها رَوْحَ الشَّبَابِ

فَيَا للهِ كَمْ لِي مِنْ لَيَالٍ

بِهِ سَلَفَتْ وَأَيَّامٍ عِذَابِ

إِذِ النَّعْمَاءُ وَارِفَةٌ عَلَيْنَا

وَمَرْعَى اللَّهْوِ مُخْضَرُّ الْجَنَابِ

نَطِيرُ مَعَ السُّرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَا

بِأَجْنِحَةِ الْخَلاعَةِ وَالتَّصَابِي

فَغُدْوَتُنَا وَرَوْحَتُنَا سَوَاءٌ

لعَابٌ في لعَابٍ في لعَابِ

وَرُبَّتَ رَوْضَةٍ مِلْنا إِلَيْهَا

وَقَرْنُ الشَّمْسِ تِبْرِيُّ الإِهَابِ

نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَتْ فَكَانَتْ

عَلَى السَّاحاتِ أَمْثَالَ الْقِبابِ

فَزَهْرُ غُصُونِهَا طَلْقُ الْمُحَيَّا

وَجَدْوَلُ مائِها عَذْبُ الرُّضابِ

كَأَنَّ غُصُونَها غِيدٌ تَهَادَى

مِنَ الزَّهْرِ الْمُنَمَّقِ في ثِيَابِ

سَقَتْهَا السُّحْبُ رَيِّقَها فَمَالَتْ

كَمَا مَالَ النَّزِيفُ مِنَ الشَّرَابِ

فَسَبَّحَ طَيْرُها شُكْراً وَأَثْنَتْ

بِأَلْسِنَةِ النَّباتِ عَلَى السَّحَابِ

وَيَوْمٍ ناعِمِ الطَّرَفَيْنِ نَادٍ

عَلِيلِ الْجَوِّ هَلْهَالِ الرَّبَابِ

سَبَقْتُ بِهِ الشُّرُوقَ إِلَى التَّصَابِي

بُكُوراً قَبْلَ تَنْعابِ الغُرابِ

وسُقْتُ مَعَ الْغُواةِ كُمَيْتَ لَهْوٍ

جَمُوحاً لا تَلِينُ عَلَى الْجِذَابِ

إِذَا أَلْجَمْتَها بِالْمَاءِ قَرَّتْ

وَدَارَ بِجِيدِها لَبَبُ الْحَبابِ

مُوَرَّدَةً إِذَا اتَّقَدَتْ بِكَفٍّ

جَلَتْها لِلأَشِعَّةِ في خِضَابِ

هُوَ العَصْرُ الَّذِي دَارَتْ عَلَيْنَا

بِهِ اللَّذَّاتُ واضِعَةَ النِّقَابِ

نُجَاهِرُ بِالْغَرَامِ وَلا نُبَالِي

وَنَنْطِقُ بِالصَوابِ وَلا نُحَابِي

فَيَا لَكَ مِنْ زَمانٍ عِشْتُ فِيهِ

نَدِيمَ الرَّاحِ وَالْهيفِ الكِعابِ

إِذَا ذَكَرَتْهُ نَفْسِي أَبْصَرَتْهُ

كَأَنِّي مِنْهُ أَنْظُرُ فِي كِتابِ

تَحَوَّلَ ظِلُّهُ عَنِّي وَأَذْكَى

بِقَلْبِي لَوْعَةً مِثلَ الشِّهَابِ

كَذَاكَ الدَّهْرُ مَلَّاقٌ خَلُوبٌ

يَغُرُّ أَخَا الطَّمَاعَةِ بِالْكِذَابِ

فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ فَكُلُّ شَيْءٍ

تَرَاهُ بِهِ يَؤُولُ إِلَى ذَهابِ

وَعِشْ فَرْداً فَمَا في الناسِ خِلٌّ

يَسُرُّكَ في بِعَادٍ وَاقْتِرَابِ

حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ مَلِيَّاً

وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِنْ أَرْيٍ وَصابِ

فَمَا أَبْصَرْتُ فِي الإِخْوَانِ نَدْبَاً

يَجِلُّ عَنِ الْمَلامَةِ وَالْعِتَابِ

وَلَكِنَّا نُعَاشِرُ مَنْ لَقِينَا

عَلَى حُكْمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1651

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة