الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » ها قد دنت عساكر الأمطار

ها قد دَنَتْ عساكرُ الأمطارِ
وأُطْلِقَ القُرُّ من الإسار
وأشرفَ الحَرُّ على البوار
وَقَرُبَتْ هزيمةُ الغُبار
فالآن تأتي دولةُ القِطَارِ
وَيُصْلِحُ الشتاءُ للأَبصار
ما أَفسدَ القيظُ من الأنوارِ
من اصفرارٍ ومنَ احمرارِ
يُرْضِعُهُ من لبنِ العشارِ
ماءً إذا جرى جرى من نار
تحتَ شعارِ الأَرضِ والدِّثارِ
كما يُكَنُّ الدُّر في البحار
ثم إذا آل إلى الإظهار
أهداهُ كانون إلى آذار
مزنراً وغيرَ ذي زُنَّار
مخمَّراً وغير ذي خِمار
كالدرهمِ المقرونِ بالدينار
يَفْتَح دُرْجَ العِطْرِ بالأسحار
من الخُزامى وَمِنَ العَرار
يا حبَّذا ذلكَ من عَطَّار
حتَّى إذا حنَّتْ إلى المزار
سحابةٌ مسحوبةُ الأزرار
تمرحُ في عنانها الخَوَّار
كأنما تلقي على الأقطار
أجنحةَ الأجادلِ الضَّواري
حلَّتْ عقودَ دَمْعها المِدْرار
على الشقيقِ وعلى البهار
ونشرتْ ذوائبَ الأشجار
وافترَّ منها الماءُ عن آثار
في صِغَةِ الخلخالِ والسوار
وَحَبَبٍ كهيئةِ النِّثار
وَصَخَبٍ كَصَخَبِ الأوتار
فلا تني عرائسُ العُقَار
تُزَفُّ بين العودِ والمزمار
في حُلَلِ اللجينِ والنُّضار
إلى شُموسِ المجدِ والأقمار
وأُسدِ هذا الحيِّ من نزار
رَهْطِ الرسولِ المصطفى المختار
أُولي الكتابِ وأُولي الأخبار
إن لم تَلُكْ شكيمةَ الإقرار
باهِ عليّاً ذا العلى وباري
وهاتِ سيفاً مثلَ ذي الفَقار
وسامِ سِبْطَيْ أحمدٍ وجار
واعمدْ إلى الكواكب الدراري
حمزةَ والعباسِ والطيَّار
حَوَتْ قريشٌ عِمَّةَ الفَخَار
ونحن حيثُ مُلْتَقَى الإزار
وإِنما القسيُّ بالأوتار
والمشرفيُّ العضبُ بالغِرار
قد انتعلنا قُلَلَ الأخطار
والرأسُ تحتَ أخمصِ اليسار
هاشِمُنا سنَّ قِرى الزوَّار
حتى قَرَى الوحوشَ في القفار
وعافياتِ الطَّير في الأوكار
وهو أبو الأَئمةِ الأبرار
حِصْنُ الحجى وَمَعْقِلُ الوقار
وقد قَضَتْ كِنانةٌ أوطاري
بإِبنِ مكدومٍ فتى الغوار
ذي الجَدَثِ المخضَّبِ الأحجار
لا تُعْقَرُ المطيُّ في السِّفار
إلا على تُرابِه الموَّار
ألم يكنْ في أسدٍ للساري
قيافةٌ تجلو عمى المماري
وَزَجْرُ ما طار من الأطيار
حتى علمنا موقعَ الأقدار
وَضَبَّتي فجمرةُ الجمار
عشيرتي الحامونَ عن تعشاري
ساوَوْا سليمانَ على المضمار
وَعَنُفُوا بالملِكِ الجبّار
وباشروا الحديدَ بالأبشار
منهم ضرارٌ وأبو ضرار
الآخذون الخَرْجَ بالصِّغَارِ
حطُّوا بصفينَ من الأوزار
ما حَمَلوا في الجملِ المُثَار
تميمُنا كالفَلَكِ الدَّوار
وَقَيْسُنَا سادُوا ذوي الأوبار
عنه وعن أحيحة افتراري
وغالبٌ أطفأ نارَ العار
إذ يبدأ الكبارُ للصِّغار
وقيسُ عيلانَ شَفَتْ أُواري
بِهَرِمٍ معاندِ الإقتار
وما عدا ربيعةَ اختياري
بل بكليبٍ أكثرُ افتخاري
قُبَّتُنَا محميَّةُ الذِّمار
تُعِدُّ للإيرادِ والإصدار
مُغَارةً كالمسد المُغَار
أعوجَ والوجيهَ والدِّيناري
نحن من الصريح لا السَّمَار
ونحنُ أهل البيت ذي الأستار
واللغةِ الكريمةِ النِّجار
ما نرعوي عن بُرْمَةٍ أعشار
نكفأهَا في جَفْنَةٍ أَكسار
أنعامُنا قليلةُ الأعمار
ونارُنا مَخْلُوعةُ العِذَار
ما الكلبُ مُذْ كان لنا بجار
ولا يمرُّ في فناءِ الدار
بِذِكْرِنا أُذِّنَ في المنار
وَعُلِّيَتْ منابرُ الأمصار
عَدُوُّنا مُقَلَّمُ الأظفار
يُوشِكُ أَن يَفْنَى من الحذار
إذا خَطَرْنَا بالقَنَا الخطَّار
تحت رِواقِ الجحفلِ الجرَّار
لأَخْذِ ثارٍ ولمنعِ ثار
لنا خَزَازي ولنا ذو قار
من بعدِ أيامٍ لنا كبار
صيغَتْ لنا أكِلَّةُ الأشعار
وَنُظِمَتْ قلائدُ الأسمار
ما أَبْيَنَ الليل من النهار
مَنْ سابقَ الجوادَ بالحمار
جَنَتْ يداهُ ثَمَرَ الغُبار

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

110

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة