الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » رأى الله كليا بمرآة ذاته

عدد الابيات : 60

طباعة

رأى اللَهُ كليّاً بمِرآةِ ذاتهِ

وذاكَ بفِعلِ العقلِ فانطبَعَت طَبعا

وقامَ بهذا صورةً جوهريةً

لما كانتِ الاعراضُ عن ذاتِهِ منعا

فمن عقلِهِ النُطقيّ أَصدَرَ كِلمةً

هِيَ ابنٌ لهُ يُسمَى ومولودَهُ يُدعى

لتوليدِهِ بالفَهمِ حَيّاً مُشابهاً

لمبداهُ بل هُو واحدٌ مَعَهُ طَبعا

ويَكفي لفَهمِ الآبِ مقنع خصبهِ

إلى غايةٍ لا تقبلُ الدَورَ والرجُعى

فما زالَ مولوداً لهُ الآبُ والدٌ

ولادَ شُعاعِ الشمسِ تُنبِعُه نبعا

فكِلمتُنا في عقلنا عَرَضٌ لَقَد

يزولُ وان الوعيُ يفرِغُ ما أَوعى

ولكنَّ في العقلِ الالهيّ جوهراً

تبرَّأَ من نقصٍ قيومٌ سَما رَفعا

فسُرَّ بهِ واحبَّهُ وكذا ابنُه

احبَّ اباهُ ما اطاقا لهُ وُسعا

وما بَرِحَت تلكَ المحبَّةُ فيهما

مردّدةً وصلاً ولا تنتهي قطعا

على أَنَّها فعلُ الإِرادة منهما

لتوحيد طبعٍ ليس مُثنىً ولا جمعا

بها بَثَقا الرُوحَ المعزّي كِلاهُما

بقُوَّة فعلٍ واحدٍ فيهما يَسعى

فما الآب الا عِلَّةٌ أَوَّليَّةٌ

وأَصليَّةٌ والإِبنُ قامَ لها فَرعا

وما الإِبنُ الا عِلَّةٌ مستمدَّةٌ

بفيض انبثاق الروح بالطبع لا وضعا

وما الروحُ الا صادرٌ من كِلَيهِما

كنفخةِ حُبٍّ شأنُهُ الجودُ والإِرعا

تعالى عن الأَشباهِ والمِثلِ نخلةٌ

هو الآب إِضٌّ منبِتٌ خِصبُهُ جِزعا

كذاك وهذا الجذعُ اطلعَ طَلعَهُ

فقُل إِنَّما الإِثنانِ قد بَثَقا الطَلعا

او الآب شمسٌ والشُعاعُ ونُورُهُ

هما الابنُ والروحُ اللذانِ ارسِلا شَفعا

فذا النورُ من ذاك الشُعاعِ وذلكَ ال

شُعاعُ من الشمسِ الذي يَبثُقُ اللَمعا

او الآبُ نارٌ ضؤُها الابنُ رُوحُهُ

حَرارتُها للعلولةُ الضوءِ لا بِدعا

او الآبُ عينُ الماءِ والابنُ نهرُها

ورُوحُهما الماءُ المُفاضُ كما يُدعى

او النفسُ ذات قوى ثلثٍ وانَّها

لَواحدةٌ ذاتاً فثِق واحذَرِ الخَدعا

وتُصدِرُ مفعولينِ صورةُ فَهمها

وحُبُّ ارادتها فدَع نقصَها وارعَى

بقيَّةُ ما فيها من الرسمِ أَنَّها

بصُورةِ ذاتِ اللَهِ قد بُدِعَت بدعا

ففي اللَهِ طبعٌ واحدٌ وكذا بهِ

صُدورانِ فاسمَع يا فتى وأَصِخ سمَعا

وُلودةُ ابنٍ عن تعقُّلِ ذاتِهِ

ونفخةُ روحٍ عن محبَّتهِ الوُسعَى

بذا كانتِ الذاتُ السميُّ جَلالُها

مثلَّثةً شخصاً موحَّدةً طبعا

هِيَ الآبُ والابنُ الوحيدُ وروحُهُ

فجمعٌ بحَسبِ الطبعِ لن يَقبَلَ الجمعا

ثلثُ خواصٍ غيرُ منقولةٍ اذا

أَضَفتَ اليها ما لإِثنَيهما شَرعا

يَكُنَّ الاضافاتِ الرُباعيَّ عَدُّها

وذا القولُ بالتمكين قد عَدِمَ الصَدعا

أُبوَّةُ آبٍ والبُنُوَّةُ في ابنِهِ

وبثقٌ لروحٍ جاءَ مفعولهُ ربعا

فضِف ذي لكونِ الآب من غيرِ مبدإٍ

تَرَ العرفياتِ الخمسَ فاعظِم بها صُنعا

فللإِبنِ طبعُ الآب من ذات نتجهِ

وللرُوحِ ذا من وَحدةِ الطبعِ مُستَدعى

لذا الابنُ مولوداً يُسمَّى ورُوحُهُ

فليسَ بمولودٍ وقَدكَ بذا قنعا

فحوَّاءُ لن ندعو بها ابنةَ آدمٍ

وإِن صَدَرَت منهُ بما أُخِذَت ضِلعا

ولكنما ندعو ابنَهُ مَن هو لهُ

بفعلٍ لهُ التشبيهُ في ذاتِهِ وضعا

وذا الإِبنُ بِكرٌ لا كأَنَّ وُلودَهُ

تَلاهُ وُلودٌ ان ذي بِدعةٌ شُنعى

ولكن لأَن ما كانَ قبل وُلودِهِ

وِلادٌ وذا رَدٌّ كفاكَ بهِ رَدعا

هو البِكرُ في العقلِ الالهيِ حَسبَما

تجسَّدَ من بِكرٍ وما اقتبلَت زرعا

وأَتحد بالأَقنومِ بين طبيعَتي

الهٍ وانسانٍ وما ثَلَنا طبعا

وغِبَّ انتِها تدبيرِ امر خلاصنا

وابدالهِ في موتهِ ضَرَّنا نفعا

رَقِي للعُلى والرُسلُ محدقةٌ بهِ

وحازَ لدى الآبِ العليِّ لنا الشُفعى

وقد ارسلَ الرُوحَ المعزّي لرُسلِهِ

كمَوعِدِه والعينُ منهُ لهم تَرعَى

وليسَ عطايا الروحِ بل هو ذاتُهُ

اتاهم وأَولاهم مواهبَهُ السَبعا

كأَلسُنِ نار مستقرّاً عليهمِ

حباهُمُ تأييداً نفى عنهم السبعا

وكانوا ليَخشَونَ الذِئاب فاصبحوا

بحَول الهِباتِ السبعِ لن يَتَّقوا

وكانوا أُولي رُوحٍ جَزُوعٍ مروَّعٍ

فاضحوا بأَيد الرُوحِ لن يختشوا النَقعا

رِجالٌ بلا دِرعٍ فلما تدرَّعوا

من الروح تأييداً لهُ اشتَمَلوا دَرعا

وكانوا بدَرّ الجهلِ حُفلى ضُروعُهم

فأَمسى نُهاهم بالحِجى حافلاً ضَرعا

بإِقدام أَقدام البِشارةِ قد سَعَوا

بكلِّ استواء ما بِهِم قَدَمٌ فَدعا

أَني اجتَنِب اهلَ الشِقاقِ وما أَتَوا

بهِ في انبِثاقِ الروحِ واحسَبهُم صَرعى

فكلُّ مُضلٍّ يَدَّعي الرُشدَ والحِجى

حَريٌّ بان تُهمي على جَهلهِ الدمعا

ولا تتخادَع من شقاشِقِ هَذرِهم

إذا سجعوا هذراً وان هَذَروا سجعا

فان أحجَموا فاشرُط قَذالَ خِداعِهم

وان أَقدَموا فاحجُم أَخادِعَهُم صفعا

تَحامَ حُماتِ المُبدِعينَ فمَن دنا

إلى حُمَةٍ لا يأمنِ اللسبَ واللسعا

ولا تَصِلَن صِلاً ولا تقرُبِ الصِلى

فيرديكَ ذ لدغاً وهاتيكُمُ لذعا

فذاكَ وأَيمُ اللَهِ أَيمٌ لسانُهُ

وهو عقربٌ مسمومةٌ في لَهى أَفعى

بل اسعَ إلى تعليمِ بِيعةِ بِطرُسٍ

فما ضلَّ من يَسعى بتعليمِها مَسعى

تقلَّدتُ في إِيمانها عِصمةً بهِ

ومن أَنكرَ التقليد يستوجب القدعا

اموتُ عليهِ وان حييتُ فانَّني

بُمعتَصم الإِيمان في قُلَّةٍ مَنعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

29

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة