الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » بشرى بمقدمها الإسلام يبتهج

عدد الابيات : 44

طباعة

بُشْرى بمَقْدَمِها الإسْلامُ يبْتَهِجُ

بها سَبيلُ العُلى والعزّ يُنتَهَجُ

مَواهِبٌ في الوَرى جلّتْ مواقِعُها

فقلّ أنْ تُبْذَلَ الأرواحُ والمُهَجُ

لطْفٌ من اللهِ قد عمّ الوجودَ فما

جاءَتْ بأمثالِهِ الأعْصارُ والحِجَجُ

فضْلٌ من اللهِ قد حيّتْ فواضِلُهُ

فقصّرَتْ في مَدى أوْصافِهِ الحُجَجُ

لذلكَ الدّينُ والدُنْيا قد ابتَهَجا

كِلاهُما راقَ منْهُ المنْظَرُ البهِجُ

واستَشْرفتْ أوْجُهُ البُشْرى تروقُ سنىً

بالبشْرِ والفرَحِ الآتي بهِ الفرَجُ

بحيثُ أفْقُ المَعالي رائقٌ بهِجٌ

بحيثُ روْضُ المَعاني عاطِرٌ أرِجُ

والدّوْحُ منعَطِفٌ والزّهْرُ مُبتَسِمٌ

والغُصْنُ معْتَدِلٌ والنّهْرُ منْعَرِجُ

الشّهْبُ تحْكي يَواقِيتاً منظّمةً

حُمْراً تضمّنَها من ليلِها سَبَجُ

وللقُلوبِ هُدوٌّ بالأمانِ كَما

بالشُكْرِ ألسنةُ القُصّادِ تخْتَلِجُ

ما ذاك إلا لبُشْرى صحّةٍ وردَتْ

بالنّجْحِ للدّينِ والدنْيا بها لهَجُ

بُعْداً له ألَماً أمْسى يُلِمُّ بمَنْ

به السّبيل لنَصْرِ الدّين مُنْتَهَجُ

أهلاً بمنْ أُعْمِلَتْ في فتْحِهِ يدُهُ

للهِ من فُرَجٍ وافَى به فرجُ

موْلايَ كُلُّ لِسانٍ شاكِرٌ نِعَماً

جلّتْ وكُلُّ فؤادٍ بالمُنى لهِجُ

ما كان عبدُكَ يستَدْعي تصبُّرَهُ

إلا وعن قلبِهِ للصّبْرِ منْعَرَجُ

ما كان عبدُكَ يستَدْني مآمِلَهُ

إلا ترامَتْ بهِ طوْعَ الأسَى لُجَجُ

حتّى غَدا البُرْءُ يجْلو الحادِثاتِ كما

يجْلو ظلامَ الدُجى من صُبْحِهِ البلَجُ

وإنْ ألمّ بمَوْلاك الرّضى ألَمٌ

كم أزمَةٍ عندَما تشْتَدُّ تنفَرِجُ

هذي المناهلُ لا عَلٌّ ولا ثمَدٌ

هَذي المناهِجُ لا أمْتٌ ولا عِوَجُ

هذي الحوادثُ لا عيْنٌ ولا أثَرٌ

هَذي الأحاديثُ لا ذنْبٌ ولا حرَجُ

فاليُسْرُ مقتَبِلٌ والعُسْرُ مُنتقِلٌ

والسّتْرُ مُنسدِلٌ والدّهْرُ مُبْتَهِجُ

فالخَلْقُ تحْمَدُ من أولَى الجَميل وقدْ

سُرّوا بناصِر دينِ اللهِ وابْتَهَجوا

هذا وإنّ وليَّ الكُفْرِ أرسلَها

سُفْناً لنارِ الوَغى في مائِها وهَجُ

هذا العدوُّ الذي وافَتْ مراكِبُهُ

للحرْبِ يرْفَعُها من بحْرِها ثبَجُ

أقامَ في صدْرِ مرْسىً لا حَراكَ لهُ

كأنّهُ الصّدْرُ منْهُ ضيّقٌ حرِجُ

أتى بقوْمٍ قدِ اسْتَهواهُمُ أمَلٌ

يعْتادُهُمْ هوَسٌ يقْتادُهُمْ هوجُ

كأنّهُم كلّما همّوا بمنزلةٍ

لوقْعِ سيفِ الهُدى في هامِهِمْ هوَجُ

واليوسُفيُّ الحُلَى أهْلاً به ملِكاً

أشعّةُ الصُبْحِ عن مرآهُ تنبَلِجُ

هذا الجِهادُ فلوْلا ما ألمّ بهِ

من التألُّمِ ما انحطّوا ولا عرَجوا

فكُلُّ طَرْفٍ إلى مرْماهُ منْصَرِفٌ

وكلُّ طِرْف إلى لُقياهُ منزَعِجُ

كأنْ بموْلايَ قد خفّتْ كتائِبُهُ

إلى العِدَى وصَباحُ العزْمِ منْبَلِجُ

كأن بأسْيافِهِ بيضاً مضارِبُها

حُمْرُ الحُلَى برقابِ الصُفْرِ تمتَزِجُ

كأنْ بأعْلامِه تعْلو معالمَها

يسُدُّ دونَ الأعادي أيّةً نَهَجوا

وللقلوبِ سُكونٌ من مَهابتِهِ

وللحروبِ على أعدائِه رهَجُ

وهُزّجُ الخيْلِ قد غنّتْ صواهِلُها

بحيثُ لا رمَل يُغني ولا هَزَجُ

وفي العوامِلِ زُرْقٌ من أسنّتِها

لم تدْرِ أعيُنُها ما الغُنجُ والدّعَجُ

مواقفٌ لجّتِ الحرْبُ العَوانُ بها

وحاكِمُ السّيفِ مرْفوعٌ به اللّجَجُ

مَواردٌ لا تعافُ الخيلُ مَشْرَعَها

وماؤها بدَمِ الأعْداءِ ممْتَزِجُ

والفتْحُ أبْهَجَتِ الدنيا حدائِقُهُ

فمِن نواسِمِها يُسْتَنشق الأرَجُ

يا شمْسَ هَدْيٍ بأفْقِ المعلُواتِ بدَتْ

عنْها غَمائِمُ نقْعِ الحرب تنفَرِجُ

يا حُجّةً قامَتِ الدنيا بصحَّتِها

في طيّها حُجَجُ الأمْلاكِ تندرِجُ

أخْفَيْتَ ذِكْرَ المُلوك الأكْرَمينَ وقدْ

تَخْفى إذا وضَحَتْ من شمْسِها السُّرُجُ

ولم تزَلْ مُظْهِراً في كلِّ آونةٍ

منَ المكارِمِ ما يُنْسي الأُلَى درَجوا

فدُمْتَ يا ملكَ الإسْلامِ صُبْحَ هُدىً

معْنى وجودٍ وأمْلاكُ الوَرى همَجُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

80

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة