الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » هذي الخلافة قد ملكت قيادها

عدد الابيات : 73

طباعة

هَذي الخِلافةُ قد مَلَكْتَ قِيادَها

وأجَلْتَ في طَلَقِ السّعودِ جِيادَها

هَذي ملائِكةُ السّماءِ تنَزّلَتْ

بالنّصْرِ تُنْجِدُ في الوغَى أجْنادَها

هَذي البشائِرُ قدْ رفَعْتَ لواءَها

وأقمْتَ بالصُّنْعِ الجَميل عِمادَها

هَذي العَزائمُ كُلّما أعْمَلْتَها

أبْعَدْتَ في شأوِ العُلى آمادَها

هَذي الكَواكِبُ تستَقِلُّ سُعودُها

لكَ حيثُ تُطْلِعُ للعِدى أضْدادَها

هَذي الجنودُ أطَلْت في سُحُبِ النّدى

إنْهالَها وإلى العِدى إنهادَها

هَذي العِدَى أمّتْ نَواكَ على النّوى

لمّا نَويْتَ جلاءَها وجِلادَها

هَذي الخلائِفُ منكَ تبْغي نصْرَها

في المُعْضِلاتِ وترتَجي إنجادَها

هَذي الوُفودُ تؤمُّ حضْرتَكَ التي

قد أوْرَدَتْ عذْبَ المُنى رُوّادَها

هَذي أحاديثُ المكارِمِ والعُلى

صحّحْتَ إذْ أرْسَلْتَها إسْنادَها

أتَتِ الرّفاقُ علَى النّوى فأنَلْتَها

إرْفاقَها وأفَدْتَها إرْفادَها

وفَدَتْ تؤمِّلُ منكَ أكْرمَ مُنْعِمٍ

فأنالَ أشتاتَ المُنى وأفادَها

لمْ تثْنِ عنْ أوصافِهِ قوْلاً ولا

ملّتْ على طولِ المَدى تَرْدادَها

كم روضَةٍ للرّفْدِ أيْنَعَ زهْرُها

قد أظْفَرَتْ بالمُرْتَجى مُرتادَها

كمْ سُنّةٍ للجودِ قد جدّدتَها

لوْلاكَ لمْ ترْجُ العُفاةُ معادَها

كم رحْمةٍ نشأتْ لديكَ سحابُها

أرْسَلْتَ طوْعَ المَكْرُماتِ عِهادَها

كمْ حكمَةٍ بهَرَ العُقولَ خفيُّها

أوْرَيْتَ بالحُكْمِ الجليّ زِنادَها

كمْ حجّةٍ للنّصْرِ قامَ دَليلُها

لمّا أقمْتَ من القَنا مُنْآدَها

كمْ آيةٍ للفَتحِ عزّ مثيلُها

أطْلَعْتَ في أفُقِ العُلَى وَقّادَها

كمْ عادةٍ للعزّ قدْ عُوّدتَها

بالسّيْفِ تُعْجِزُ مَن يَرومُ عِنادَها

كم عزمةٍ يُنْجي الأمينَ أمانُها

لوْ لمْ يفُتْ ويَرى الرّشيدُ رشادَها

كم صوْلةٍ للمُعْتَدينَ صِيالُها

أفْنى جُموعَ حُماتِها وأبادَها

كم فتنةٍ أخْمَدتَها من بَعْدِ أنْ

قدْ كان أوقَدَها الضّلالُ وقادَها

هذا الهمامُ العادلُ الأرْضى الذي

قادَ الجُيوشَ إلى العِدى فاقتادَها

مدّتْ بأمْلاكِ السّماءِ جُنودُهُ

ظِلَّ الأمانِ فواصَلَتْ إمْدادَها

لكأنْ بأنْصارِ الهُدى قد زلزَلَتْ

أرْضَ العُداةِ وضَعْضَعَتْ أطْوادَها

لكأنْ بأحزابِ الضّلالِ مَروعَةً

بكتائِبٍ أخذَتْ لها استِعْدادَها

لكأنْ بها لم تأتِ طوْعَ مُرادِها

إلا منَعْتَ مُرادَها ومَرادَها

لكأنْ بسيْفِكَ قد كَفى أعْدادَها

إذْ كفّها عمّا نوَتْهُ وآدَها

لكأنْ بهِ قد قلّلَ اسْتِقلالَها

طوْعَ الجِهادِ وبدّدَ اسْتِبْدادَها

لكأنْ بأرضِ العُدْوَتَيْنِ تُحِلُّها

جُرْداً تعُمّ هِضابَها ووِهادَها

صالَتْ بإحْدى الحسْنَيَيْنِ فواصَلَتْ

تأويبَها في اللهِ أو إسْآدَها

حيثُ الخيولُ تُريكَ منْ خُيَلائِها

ما يورِدُ الحرْبَ العَوانَ وِرادَها

ما جنّدَتْ صيدُ المُلوكِ جُنودَها

إلا وقد جعلَتْ بك اسْتِنْجادَها

ما أيْنَعَتْ للمَكْرُماتِ حدائِقٌ

لوْلا سَحابٌ من نَوالِكَ جادَها

والمَشْرفيّةُ ليسَ يُنجِدُ حمْلَها

إن لمْ تُطِلْ شرَفاً لديْكَ نِجادَها

بيضٌ تكادُ تذوبُ طيَّ غُمودِها

حِقْداً على مَنْ خانَها أو كادَها

يكْسو النّجيعُ مُتونَها إن جُرِّدَتْ

فكأنّها ما فارَقَتْ أغْمادَها

تحْكي جداوِل حيثُ أوْقَدَتِ العِدَى

للحرْبِ ناراً واصلَتْ إخْمادَها

وذوابِلٍ صدرتْ نواهِلَ بعْدَ ما

قد كان حلَّأها الضّلالُ وذادَها

سُمْرٌ تُريكَ من الأسنّةِ أنْجُماً

والحرْبُ تُخْفي في العَجاجِ صِعادَها

للهِ أندَلُسٌ فكم من عزْمَةٍ

لكَ مهّدتْ أقطارَها وبلادَها

ولَطالَما أجْهَدتَ نفْساً آثرتْ

في اللهِ طوْعَ المعْلُواتِ جِهادَها

وخطبْتَ فتحَ العُدْوَتينِ فلمْ تدَعْ

خطْباً يذودُ عنِ العُيونِ رُقادَها

وطرقْتَ منزِلَ طارِقٍ بكتائِبٍ

أحْلَلْتَ في أنجادِه أنجادَها

وعَدَتْ بهِ الأيامُ بعدَ مِطالِها

فوفَتْ لدَيْكَ وأنْجَزَتْ مِيعادَها

ريعَتْ جُموعُ حُماتِه فاستنْصرَتْ

بكَ واسْتجارَ جميعُها مِمّا دَها

لمّا دَعا داعِي الرّشادِ تهيّأتْ

طوْعاً لِما قدْ شاءَها وأرادَها

عادَتْ لمِلكِكَ واستقامَتْ بعْدَ ما

كانت عدَتْ إذ خالَفَتْ مُعْتادَها

أنجَزْتَ بالرّفْدِ المؤمّلِ وعْدَها

لمّا صفَحَتْ ولمْ تُجِزْ إيعادَها

فأتَتْ وقدْ جعلَتْ يَمينَكَ قِبلةً

إذ قابلَ الصّفْحُ الجميلُ عِنادَها

ومُعِزُّ دَولَتِكَ الكريمةِ لم يزَلْ

يُرْدي بآسادِ العَرينِ نِقادَها

يُرْضي خِلافتَك التي عَلياؤُها

كبتَتْ بسَيْفِ عليِّها حُسّادَها

فأذلّ عاصيَها بعزِّكَ بعْدَ ما

أضْحى رِضاكَ مؤمّناً مُنْقادَها

واحتلّ منهُ المَعْقِلَ الأشِبَ الذي

نالَتْ برِجْعَتِهِ النّفوسُ مُرادَها

جبلٌ سَما فإذا بدَتْ أبراجُهُ

خِلْتَ البُروجَ بأفْقِهِ أندادَها

هذا ويا للّهِ حضْرتُكَ التي

تُلْقي لديْكَ بِها المُلوكُ قَيادَها

سامَتْ كما شاءَتْ لها رُتَبُ العُلى

شُهُبَ السّماءِ فطاوَلَتْ أبْعادَها

فليَهْنِ كُلَّ مُتمِّمٍ أرْجاءَها

يرْجوكَ إن ألِفَ العُلَى واعْتادَها

واهْنأْ بعيدٍ بالمسرّةِ عائِدٍ

قد زارَها طوْعَ السّعودِ وعادَها

ولْيَهْنأ الأعيادَ منكَ مآثرٌ

أضْحَتْ كما تبْغي العُلى أعْيادَها

أطْلَعْتَ بدْراً من مُحيّاكَ الذي

منهُ رجَتْ شمسُ الضحى اسْتِمْدادَها

ومدَدْتَ للتّقبيلِ كفّاً طالَما

بدأ المكارِمَ جودُه وأعادَها

والعبْدُ يُلْقي في عُلاكَ مدائِحاً

حلّى البيانُ بدُرِّه أجْيادَها

ما أحْضَرتْ منها البلاغَةُ نقْدَها

إلا ثنَتْ عن قصْدِها نُقّادَها

لولا نَوالُكَ أيُّها المَلِكُ الرّضَى

وحُلا خِلالِكَ لم يُجِدْ إنْشادَها

لكنّ راحتَك الكَريمةَ بالنّدى

جادَتْ غَمائِمُ جودِها فأجادَها

ولدَيْكَ منْ حِزْبِ الهدايَةِ أُسْرةٌ

تُبْدي لمُلْكِكَ حُبَّها ووِدادَها

حلّتْ لدى موْلى المُلوكِ مَعالِماً

قد وثّرَتْ أيْدي العَلاءِ مِهادَها

مازِلْتَ تحْرُسُها بعيْنِ كَلاءَةٍ

نامَ الأنامُ وقد أطَلْتَ سُهادَها

فحَمَيْتَ من قصْدِ العِدى أرْجاءَها

وأنَلْتَ أشتاتَ المُنى قُصّادَها

فلأهْلِها بكَ صوْلةٌ ما قابلَتْ

أعْداءَها إلا كفَتْ أعدادَها

كُلٌّ يقولُ مؤمّناً ومُؤمِّلاً

دامَتْ لكَ الدُنْيا ودُمْتَ عِمادَها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

81

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة