الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » كواكب عز في ذراك حلولها

عدد الابيات : 79

طباعة

كَواكبُ عِزٍّ في ذَراكَ حُلولُها

تَلوحُ ولكِنْ ليسَ يُخْشى أفُولُها

وأنْوارُ هَدْيٍ تُجْتَلى حيثُ للعِدى

عُيونٌ تَعامَى عنْ سَناها كَليلُها

وآيات نَصْرٍ ليسَ تخْفَى إياتُها

وقدْ وضحَتْ للمُهْتَدينَ سَبيلُها

وآثارُ مُلْكٍ ما دَجى لَيْلُ مُعضِلٍ

منَ الرّوْعِ إلا والحُسامُ دَليلُها

مآثرُ مَن بالوَحْي قد عزّ قومُهُ

بطَيْبَةَ إذْ آوَى إلَيْها رَسولُها

إمامٌ لهُ القِدْحُ المُعَلّى إذا ارْتَمَتْ

قِداحٌ وأعْلامُ المُلوكِ تُجيلُها

شَفى مُعْضِلَ الأيامِ وهْيَ على شَفاً

بجَدْواهُ إذْ أعيا الأُساةَ عَليلُها

له كيفَ شاءَتْهُ المكارمُ والعُلى

مآثِرُ في الأمْلاكِ عزّ مَثيلُها

حَكى يوسُفٌ في الحسْنِ والمُلك يوسُفاً

فغَرْناطةٌ مِصْرٌ وجَدواهُ نِيلُها

فأوْرَثَهُ المُلْكَ المؤثّلَ والعُلى

وأنجبَهُ صدّيقُها وخَليلُها

فُروعٌ زكَتْ في دوْحةِ النصْرِ بعْدَما

نمتْها لأنصارِ الرّسولِ أصولُها

غُيوثٌ إذا ما السُّحْبُ أخْلفَ جَوْدُها

لُيوثٌ ومُلْتَفُّ الذّوابِلِ غِيلُها

لقد أنجَبوا مَوْلىً تؤمُّ جَنابَهُ

أكارِمُ يحْظى بالعُلى مُسْتَنيلُها

تُردّدُ أثْناءَ التّرحُّلِ ذِكْرَهُ

حُداةُ المطايا إذ تهُبُّ قَبولُها

فما حملَتْ ريحُ الصّبا من ثنائِهِ

نوافِحَ إلا واسْتَقلّتْ حُمولُها

وما جُرّدَتْ أسْيافُهُ يومَ غارةٍ

وتُغمَدُ إلا في الكُماةِ نُصولُها

سيَغْزو أعاديهِ بشُهْبِ كتائِبٍ

تُطاوِلُها شهْبُ الدُجى فتَطولُها

تحُلُّ ديارَ الكُفْرِ منها سوابِقٌ

تجِلُّ عنِ التّشبيهِ حينَ تَجولُها

تخوضُ إلى الأعْداءِ بحْراً من القَنا

سِراعاً وهَوْلُ الرّوْعِ ليسَ يَهولُها

فترتاحُ خيْلُ اللهِ للمُلْتَقى الذي

يُجيبُ بهِ داعي الهُدى ويُجيلُها

كأنْ بالجِيادِ الغُرّ ما أصْمتَ العِدَى

ولا جاوَبَ التّكْبيرَ إلا صَهيلُها

كأنْ بالظُّبا ما أنْطَقَ الهامَ في الوغَى

ولا أخْرَسَ النّاقوسَ إلا صَليلُها

كأنْ بالقَنا الخَطيّ ما قصَرَ العِدى

ولا قصّر الأعْمارَ إلا طويلُها

كأنْ بالبُنودِ الحُمْرِ تفْتَرِعُ الرُبى

كما قدْ جَلا حُمْرَ السّحابِ أصيلُها

كأنْ ببلادِ الشِّرْكِ يحْتلُّ أرْضَها

فيعْتزُّ بالفَتْحِ المُبينِ ذَلولُها

بكُلِّ كَميّ في العَجاجَةِ سيفُهُ

يُجَلّي دَياجي أفْقِه ويُحيلُها

خَفيفٍ على متْنِ الجَوادِ وعزْمُهُ

له وطْأةٌ يكْفي العدوَّ ثَقيلُها

وذي قِصَرٍ تُمْسي العوامِلُ دونَهُ

ويَقْصرُ عن مرْماهُ في الحرْبِ طولُها

وعوْجاءَ مهْما صوّبَتْ فسِهامُها

ظعائِنُ سَفْرٍ ليسَ يُرْجى قُفولُها

إذا ما ظُبا الأعْرابِ يومَ حليمةٍ

تَصولُ فأسيافُ الجهادِ تَطولُها

فهذي التي لا عَيْبَ إلا مضاؤُها

وتِلكَ التي لا عَيْبَ إلا فُلولُها

لقد كلِفَتْ بالدّارِعينَ فأصْبَحتْ

يَروعُ جَواها أو يَروقُ نُحولُها

وهامَتْ بحُبِّ الهامِ فهْيَ بُثَيْنةٌ

ولَيْلى تَفانَى قيْسُها وجَميلُها

لَئن صدِئَتْ بالأمْنِ أفْئِدَةُ العِدى

فهذِي التي يجْلو صَداها صَقيلُها

تَرومُ عُداةُ الدّينِ شأواً ممَنّعاً

وقدْ عزّ مرْماها وأخْفقَ سُولُها

سَتُلْفي القَنا الخطّيَّ في كفِّ يوسُفٍ

تُقيمُ صَغا الهَيْجاءِ حينَ يُميلُها

تَرى كُثُبَ الأعْداءِ يُسْفَى لدَى الوَغى

بريحٍ من النّصْرِ العزيزِ مَهيلُها

يُبينُ مَصوناتِ العَقائِلِ في ذَرى

مَعاقِلَ أضْحَتْ لا يَبينُ مُحيلُها

ويُرْسِلُ للنصْرِ العَزيزِ كتائِباً

خِلالَ دِيارِ الكُفْرِ جاسَتْ خُيولُها

عَمائِمُها الأزْهارُ تحْتَدِمُ الوغَى

علَيْها ولكِن لا يُخافُ ذُبولُها

وقدْ حَكتِ البيضُ الرّقاقُ جَداوِلاً

بدَوْحٍ منَ السُمْرِ العَوالي مَسيلُها

وجاءَتْ مَرينٌ من أقاصي بِلادِها

فكانَ لدى موْلَى المُلوكِ حُلولُها

تحُلُّ مَطاياها بها من جنابِهِ

مَنازِلَ عِزٍّ ليسَ يشْقَى نَزيلُها

فَيا موضحاً معْنَى المكارِمِ والعُلى

وقِدْماً لوَى دَيْن الزمانِ مَطولُها

ندى يَدِك العُليا رَجَتْ حينَ أقْبلَتْ

فحيّا وأحْيا بِشْرُها وقَبولُها

فجلَّى دُجاها من مُحيّاكَ بِشْرُهُ

وحيّا حِماها من جَداكَ هَمولُها

وإنّ العُلى والأمْنَ والحِلْمَ والهُدى

وبذْلَ النّدى والفضْلَ ممّا تُنيلُها

تَعِزُّ وقدْ هانَتْ لدَيْها خُطوبُها

وتعْلو وقد حُطّتْ لدَيْكَ حمولُها

فكمْ وارِدٍ منهُمْ على بابِكَ الذي

مُعرَّسُها في ربْعِهِ ومَقيلُها

فتَهْديهِ آمالٌ إليْكَ مآلها

وتُهْديهِ أظْعانٌ إلَيْكَ رَحيلُها

وللهِ منهُمْ بعْدَ حادثةِ النّوى

أماثِلُ قد أضْحى لدَيْكَ مُثولُها

لئن هاجَها بُعْدُ المَزارِ تشوُّقاً

كما قد شَجى وُرْقَ الحَمامِ هَديلُها

فما لحِمَى موْلَى الخلائِفِ يوسُفٍ

عَديلٌ ولا عنْهُ يُرامُ عُدولُها

فَيا ناصِرَ الدّين الذي ورِثَ العُلى

عنِ الصَّحْبِ منهُ سِبْطُها وسَليلُها

خِلافتكَ العُليا استَقَلّ عِمادُها

فذلَّ مُناوِيها وعزَّ قَبيلُها

تُجاريكَ أمْلاكُ الزّمانِ فيَنْثَني

حَليفَ قُصورٍ نصُّها وذَميلُها

ومَنْ للدّياجى أنْ تُنيرَ وأنْ يُرى

يُقاوِمُ أنوار الضُحى مُسْتَحيلُها

لقد جهِلوا ما حُزْتَ من شِيَمِ العُلى

فهانُوا وأشْقَى العالَمينَ جَهولُها

وهُنّئْتَها طوْعَ السُّعودِ مَواسِماً

هوَ الصُّنْعُ بالنّصْرِ العزيزِ كَفيلُها

وتستَقْبِلُ الدنْيا أوامِرَك التي

نُطيعُكَ في إصدارِها وتُطيلُها

وبُشْراكَ بالأضْحى ومُتّعْتَ بعْدَهُ

بألْفٍ لكَ الصنْعُ الجميلُ مُديلُها

طَلَعْتَ بأفْقِ المُلْكِ صُبْحَ هِدايةٍ

يُزيحُ الدّياجي نورُهُ ويُزيلُها

مدَدتَ إلى التّقْبيلِ كفّاً كريمةً

تُقيمُ صَغا قُصّادِها وتُقيلُها

وأرْسلْتَ من جَدْواكَ صوْبَ غمامةٍ

يُرَوّي على حُكْمِ النّدى سَلْسَبيلُها

ووافَتْك أعلامُ الجِهادِ فراقَها

حدائِقُ رِفْقٍ ليسَ يُخْشى مُحولُها

لقد يمّمَتْ مَثْوى العُلى فأفادَها

صنائِعَ يُرْضي الآمِلينَ جَميلُها

وحلّتْ بمغْنى العِزِّ أزْكى خَميلةٍ

من الجودِ لا يُخْشى لدَيْها خُمولُها

لدى ملِكٍ تغْدو ظِلالُ أمانِهِ

وقد فاءَ فوقَ العالمينَ ظَليلُها

حَبا بالعَطايا فاسْتقلّ كثيرَها

لها وعَلى الآمالِ زادَ قَليلُها

فَما منهُمُ إلا لنعْماكَ شاكِرٌ

مُطيبُ أحاديثِ الثّناءِ مُطيلُها

وما منهُمْ إلا وَليُّ مَجادَةٍ

يُطاوِلْ شهبانَ السّماءِ أثيلُها

وخُذْها لحُسْنِ الوصْفِ تُبْدي شمائِلاً

تَروقُ فتسْتَهْوي العُقولَ شمولُها

تُريك مَعانيها جيادَ بَلاغَةٍ

نداكَ بمَيْدانِ البيانِ مُجيلُها

تُقِرُّ ليَ الآدابُ أنّي زعيمُها

وتعْجزُ عن إدْراكِ شأوي فحولُها

وتَقْصُرُ عن مرْمَى حُلاها عقائِلٌ

جلَتْها على صَفْحِ الزّمانِ عُقولُها

ولِمْ لا ومِن آثارِكَ الغُرّ أنجُمٌ

ثَوابتُ لا يُخْشى عليْها أُفولُها

وجَدْواكَ للأفْكارِ معْنى وجودِها

فيَهْدي إلى جزْلِ النّظامِ جَزيلُها

ووصْفُك آتيها بكُلِّ غريبَةٍ

وجودُك إن ضلّتْ سبيلاً دَليلُها

فلا زِلْتَ للأمْلاكِ وِجْهةَ قصْدِها

تُبلّغُها أقْصى المُنى وتُنيلُها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

81

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة