الديوان » العصر العباسي » ابن نباتة السعدي » أعد التحية يا خزامى بابل

عدد الابيات : 67

طباعة

أعدِ التحيّةَ يا خُزامى بابلِ

حيتكَ ساريةُ الغَمامِ الهاطلِ

ورعتكَ أبصارُ العيونِ ولا دنتْ

للّهوِ منكَ أناملُ المُتناولِ

ألتذُّ في الصُّعداءِ نشركَ كلّما

وَلَعَ النسيمُ بهِ ولوعَ الهازلِ

ويَسرّني ضررٌ يخصّكَ نفعُه

ماذا لقيتَ من الخيالِ الخائلِ

أتظنُّ ظبيَكَ في الحقائقِ مانعي

دَيني وقد أوليتُه في الباطِلِ

أم لا أُفتشُ عن خبيئةِ صاحبٍ

إلا شققتُ عليهِ جيبَ الثاكلِ

يا عارضاً أعطى الجَنوبَ قيادَهُ

بالرَّقْتين إلى الكثيبِ العاطلِ

ارمِ الصواعقَ فوقَ رأسي عاجلاً

أو فارمِها بالقطرِ رمي النّآبلِ

واشمرْ يديكَ الجوَّ شَمرةَ مُعجَبٍ

نَشوانَ يَخْطِرُ باليدينِ مُخائِلِ

واهدِ النوالَ لها فلولا حبُّها

ما كنتُ أرغبُ في قبولِ النائلِ

مسّحتُ وجهَ الدهرِ ثم مَرَيْتُهُ

خِلْفي عُفافَةِ ضَرعِهِ والحاملِ

وركبتُ جامحةَ الوادثِ جانحاً

بينَ القَطاةِ وبينَ فرعِ الكاهِلِ

ولقد حضتُ الأذنَ يبعُدُ وفده

بُعدَ الشّمالِ من الشُّجاعِ المائلِ

فتركتُ بابَ الملكِ وهو محجبٌ

يَفْتَرُّ عن مَلكِ الملوكِ العادِلِ

ووَثِقْتُ منهُ بالغَنيمةِ آجلاً

ورَبِحْتُ رؤيةَ وجهِهِ في العاجلِ

ويْلُمِّها عندَ السُّرادقِ وقفةً

لو سَالَمَتْ قَصَبَ العِظامِ خصائلي

نَفَضَتْ عليّ من القَبولِ مَحبّةً

قامت بضَبْعي في المَقامِ الهائلِ

دانت لتاجِ الملةِ السبعُ العُلا

يجرينَ عنه بالقضاءِ الفاصلِ

جَنَبَ الجيادَ إلى الركابِ دَوالِفاً

يحكينَ عزمَ مسافرٍ بجحافِلِ

فالوثبُ يُسرِجُها بغيرِ رحائلٍ

والزجرُ يلجمُها بغيرِ مَساحِلِ

حتى أثرنَ على العِراقِ عَجاجةً

بنتِ السنابكُ تربَها بجَنادلِ

لا النبلُ ينفذُها ولا كلُّ الظُّبا

فتخالها ترساً لكلِّ مُقاتِلِ

دقَّ الطعانُ عن القلوبِ فما تَرى

في النّقعِ إلا ذابِلاً عن ذابِلِ

وتعانقتْ فيهِ السيوفُ تعانقَ الصْ

صبِّ المتيمِ والحبيبِ الواصلِ

كم قلتُ وهي تلوحُ فوق رؤوسِهم

يا من رأى المفضولَ فوقَ الفاضلِ

أين المعاذرُ والأُلى عذروا بها

رحلوا وليسَ وقارُها بالرّاحِلِ

أمِنوا سَوادَ اللّيلِ حتى زارَهُم

شَمطُ الصباحِ بكلِّ طَلقٍ باسلِ

عجلانُ يعلمُ بالغزالةِ دِرعُهُ

ويمينُه بالمشرفيّ الفاصِلِ

ونجوتَ يا ضبَّ العقوقِ مشمّراً

تصفُ البَراعةَ للنّعامِ الجافِلِ

نَحَبو بني حمدانَ وُدَّكَ بعدما

حكموا عليكَ حكومةَ المتحامِلِ

لو كانَ جارُكَ من ربيعةَ وافيً

لحمى مقامكَ في مقالِ القائلِ

نقلَ العِتابَ المرَّ قبلَ جَفائِهِ

فَقراكَ موعظةَ النّصيحِ العاذِلِ

واستلّ حَفظَةَ سيّدٍ في تُربَةٍ

ضربتْ عروقكَ وهي غير عَوامِلِ

ونمى إليّ من العجائبِ أنّهُ

شَظّى كتائبَ جَمعِهِ المُتعاضِلِ

بعلاوةِ الشّهباءِ حَيّا عامرٌ

وعلى النُخَيلَةِ تغلِبُ ابنةُ وائلِ

مُتَقَلّدينَ نجادَ كلِّ مهندٍ

علقتْ حمائلُه بجفنٍ ناعِلِ

حتى إذا الضرغامُ فارقَ غيلَهُ

طرح السلاحَ وفرّ كل مواكِلِ

فَحذارِ يا بيضَ الصوارمِ إنْ بَدَتْ

مهتوكةُ الإدراعِ ذاتُ مَخائلِ

مِن أنْ تصيدكَ في الضرابِ مفاصلٌ

ما هنّ للأسيافِ غيرَ حبائلِ

وزَعَمتَ أنّ متونَها مصقولةٌ

أفَلا تباركُ في بَنانِ الصّاقِلِ

طارتْ بسرجكَ والجيادُ وراءَها

إحدى الخَوائفِ من بناتِ الكاملِ

فوتَ الرماحِ فإن دنوتَ تَعِلّةً

عانقتَ سالفةَ المَهاةِ الخاذلِ

كنّا نظنّكَ في الرباطِ تصونُها

لتكونَ في الهيجاءِ أولَ ناهِلِ

فأفدتَنا مغناكَ حينَ عطفتَها

تُخفي سَماوَةَ شخصِكَ المُتضائلِ

وتركتَ جاركَ في الأسنّةِ رافعاً

كلتا يديهِ إليكَ غير مطاولِ

متبختراً يختالُ لا من عُجْبِهِ

للخيلِ في بُردَي نجيعٍ سائلِ

أسلمتَه ونقلتَ حينَ تناقلتْ

ركبُ الكُماةِ عِنانَ أجردَ صاهلِ

أفَما خَشيتَ بأنْ يقولَ محدثٌ

في القومِ عرَّدَ فارسٌ عن راجِلِ

كن في الطّرادِ فَقارَةً في ظهرِه

وإذا دُعيتَ إلى النّزالِ فنازلِ

ورحلتَ تنتجعُ الظّنونَ معلّلاً

أسرارَ كفِّكَ بالغريمِ الماطلِ

متعلّقاً بنياطِ تدمرَ شائماً

برقَ البريقةِ في قصورِ السّاحلِ

ترجو ثعالة أنْ يُعيرَكَ خَطْمَهُ

أتُعيرُ خَطمَكَ يا ثعالُ لآكِلِ

أبني عَديَّ طالما أنذرتُكم

أذْرابَ طائشةِ الحلومِ نَواحلِ

تسعى شعاعُ الشّمسِ في ألوانِها

فالشمسُ تصحبُها بلونٍ حائلِ

هُنّ القواطفُ في مخاضةِ أربقٍ

قِمَمَ الفوارسِ يومَ فَرةِ بابلِ

وعلى الخَوامسِ زايلتْ بنصالها

للجمعِ بين جَماجِمٍ وكَلاكلِ

أو كلّما غرتِ الطّوائلُ حَدّ ما

وصلتْ حبال طوائلٍ بطوائلِ

يا أيُّها الملكُ الذي ما تُبتغى

منه السماحةُ والنّدى بوسائلِ

أعطيتَ في جِدِّ الفِعالِ وهَزلِهِ

أمنيّةَ الراجي وسؤلَ السّائلِ

وصحوتَ من سُكرِ المُدامِ فلم تقلْ

ليتَ المكارمَ ما عشِقنَ شَمائلي

لم يُبقِ خوفُكَ في المعابلِ والقَنا

والبيضِ إلا زينةً للحاملِ

ومطاعنٍ أعْيا السِّبارُ فؤادَه

ودَنا فما يرتادُ غيرَ القاتِلِ

سَدّدْتَ لحظكَ طعنةً في نحرِه

ووهبتَ ثُغرَةَ غيرهِ للذّابلِ

ولقد وقعتَ بأرضِ بابلَ وقعةً

طارتْ لها سِنَةُ الزّمانِ الغافلِ

أبراجُ قُسْطَنْطينَةٍ منظومةٌ

بالقيروانِ إلى جزيرةِ كابِلِ

لازلتَ في الغمراتِ تلتهم الِدى

وتُبيد جمعَهم كأمسِ الزّائلِ

أجسامُهم للخامعاتِ وهامُهم

للمضرحيةِ والغرابِ الحاجِلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباتة السعدي

avatar

ابن نباتة السعدي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Nabata-Al-Saadi@

291

قصيدة

91

متابعين

عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي، أبو نصر. من شعراء سيف الدولة ابن حمدان. طاف البلاد، ومدح الملوك، واتصل بابن العميد (في الري) ومدحه. قال أبو ...

المزيد عن ابن نباتة السعدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة