الديوان » العصر العباسي » ابن نباتة السعدي » سقيت ديارك يا ابنة الأقوام

عدد الابيات : 51

طباعة

سُقِيَتْ ديارُكِ يا ابنةَ الأَقوامِ

وَصَبَا اليها صَوبُ كلِّ غَمَامِ

وَتَزيَنتْ عَرصاتُها ورسومُها

بالنَّور مُطَّلعاً من الاكَامِ

يا منزلاً عبثَ النسيمُ بتربهِ

لا غيرتْكَ حَوادثُ الأَيَّامِ

وَخَلابِكَ القُمريُّ يَندُبُ شَجوهَ

أَسَفاً على قومٍ نأوكَ كِرَامِ

لا زلتَ تنعم بالنُّعامى والصَّبا

وحنينِ كلِّ مُزَمْزَمٍ بَسَّامِ

حتى يزيدَكَ بَهْجَةً ونَضَارَةً

مَرُّ الشُّهُورِ عليكَ والأَعوَامِ

انَّ الذينَ بعَقْوَتَيكَ عَهِدْتَهُمْ

تُعدِى أَكفُّهم على الاعدَامِ

ما شئتَ من شيمٍ تُشَامُ وأَنفسٍ

تَأبى فتكرَه صُحْبَةَ الأَجْسَامِ

وكواعبٍ نظرتْ بأَحداقِ المَها

وَتَلفَّتَتْ بسَوالفِ الأَرآمِ

لو كنتُ حراً أَغنُمُ فَقدَهم

ما كنتُ الاَّ هامةً في الهَامِ

فَلشَدَّ ما شرَدتْ صَيودُكَ بعدما

تنقادُ مُصْحَبَةً بغيرِ زِمَامِ

عللْ جُفونَكَ بالمَنَامِ فانَّه

ما كانَ ذاكَ العيشُ غَيْرَ مَنَامِ

وأخالُهُ حُلُماً لكثرةِ ما أَرى

أَيامه فى طارقِ الأَحْلامِ

وَمُصَمِّمٍ في اللهوِ يَركَبُ رأسَه

لا تَجتديهِ ملامةُ اللُوَّامِ

نَبهتُه سَحَراً فقلتُ أَما تَرى

نُور الصَّباحِ يَدُّب في الاظْلامِ

فاهتزَّ كالغصنِ الملاعبِ نفسَهُ

أَو كاهتزازِ الصَّارم الصَّمْصَامِ

ومُسَافةِ يرجو برجعِ جَوابِهُ

يومَ الحَفيظةِ أَنْ يقومَ مقامِي

لو كنتُ مثلكَ قلتُ ما قد قلتَهُ

لكنما راميتَ غيرَ مُرَامِ

لا تلحَ في شُحِّي بِعِرضي اِنَّهُ

حَظٌّ رضيتُ به من الأَقسَامِ

ولقد زهِدتُ فكنتُ أولَ زاهدٍ

ولقد رغبتُ فَرُمْتُ خيرَ مَرَامِ

ومدَحْتُ من وَلدِ الملوكِ متوَّجاً

متقابلَ الأَخوالِ والأعمَامِ

تَسري قواضبُه الى أَعدائِهِ

حتى تُعَرِّسَ في مَقيلِ الهَامِ

واذا دعا النِطْلِيسُ خُرْسَ نِصاله

رَدَّتْ جوابَ الأَلثَغِ التَّمتَامِ

أَعني قوامَ الدينِ حقاً أَنَّهُ

قامتْ عليهِ دعائمُ الاسْلامِ

ذاكَ الذي لو لمتَه أَو عبتَهُ

شبهتَهُ بالغَيثِ والضِّرغامِ

أَو رُمْتَ بالتَّعدَادِ أَدنى وَصفِهِ

أفنيتَ أَقصى الصُّحفِ والأقْلامِ

أَحسنْ به ظنَّاً اذا ما خفتَهُ

يا صاحبَ العَثَراتِ والاجْرَامِ

فَمَنْ الذي يَعفو ويحلُمُ حِلمَهُ

فيما يُحَلُّ له جنى الأقوَامِ

ومن الذي يُغضي ويصبِرُ صَبْرَهُ

ويَضُمُّ جَنبيه على الالآمِ

وتَخَالُهُ من حزمهِ مُتلوِّماً

في الروعِ وهو السَّيلُ في الاقْدَامِ

واذا طلبتَ بِضَحْلِهِ تَيَّارَهُ

أَوقعتَ رجلَكَ في العميقِ الطَّامي

يدنو ويبعُدُ فهو لا بِدُنُوِّهِ

يَنهَى تواضعَهُ عن الاعظَامِ

كالشَّمسِ تقبسُها الضياءَ ووجهُهَا

يَغشى تَأَملَ كل طَرفٍ سَامِ

عَجَزَتْ عيونُ النَّاسِ عن ادراكِها

وَتَعَذَّرَتْ اِلاَّ على الأَوهَامِ

خَطَرَتْ على كَرْمانَ خَيلُكَ خَطْرَةً

قَذَفَتْ أَسافلَها على الأَعْلامِ

لبسوا الحديدَ لها ولم يَلْبَسْ لهم

الا الدياجرَ والعَجَاجَ الدَّامِي

وَتَنَاوَلَ الكُوخيّ من وَسَنَاتِها

يومٌ ينبِّه أَعينَ النُّوَّامِ

ما زالَ في جُلّ الأُمورِ مسامياً

حتى سما في الجدعِ غيرُ مُسَامِ

ولها الى الأَجيالِ يوماً عَودُهُ

يَذَرُ السَّلامَ وهُنَّ غيرُ سِلامِ

حتى تَلُفَّ سُهولَها وحُزونَها

لهبٌ من الاسْراجِ والالجَامِ

يا أَيُّها المَلِكُ المُصَرِّفُ رأْيَهُ

في الناسِ بالبأساءِ والانعَامِ

ما نالَ قبلَكَ رابضٌ بأَناتِهِ

عُنُفي ولا مَلَكَ العِنانُ لِجَامِي

فاحفظْ ذِمامَ مطامعٍ لكَ صْنُتْهَا

عن هذهِ الحَشَراتِ والأَنعَامِ

ما كانَ مثلُكَ في الملوكِ ولم يكنْ

كأَبيكَ عندَ الحلِّ والابرَامِ

لهفي عليه اذا الحُلومُ تناقلتْ

واذا الرؤوسُ سَجَدنَ للأَقْدَامِ

ما زلتَ بالنِعَمِ الجِسامِ تَعُمُّني

وتَخُصُّني بالبِشرِ والاكرَامِ

حتى جرى جِريالُ حُبّكَ في دَمي

وَمَشى ودَادُكَ في مَشاشِ عِظامِي

أَهدى لكَ النيروز الفاً مِثْلَهُ

نَسَقاً كسِمْطِ الدُرِّ في اِنظَامِ

وبقيتَ تِربَ الدَّهرِ تَرضَعُ ثَديَهُ

وتنالُ لذَّتَهُ بغيرِ فِطَامِ

كلُّ الجديدِ وانْ تطاولَ لبثُهُ

يَبلي وأَنتَ على الحوادثِ نَامِ

في ظلِّ مُلكٍ لا تَحُوْكُ ودولةٍ

كَمُلتْ فما تَزدادُ غَيرَ دَوَامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباتة السعدي

avatar

ابن نباتة السعدي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Nabata-Al-Saadi@

291

قصيدة

91

متابعين

عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي، أبو نصر. من شعراء سيف الدولة ابن حمدان. طاف البلاد، ومدح الملوك، واتصل بابن العميد (في الري) ومدحه. قال أبو ...

المزيد عن ابن نباتة السعدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة