الديوان » العراق » حيدر الحلي » على كل واد دمع عينك ينطف

عدد الابيات : 59

طباعة

على كلِّ وادٍ دمعُ عينك ينطفُ

وما كلُّ وادٍ جُزتَ فيه المُعرَّفُ

أظنّك أنكرتَ الديار فمِل معي

لعلك دارَ العامريَّة تعرف

نشدتُك هل أبقيت للدمع موضعاً

من الأرض تهمي الغيث فيه وتنطف

فهذا ولم تذرف دموعاً وإنَّما

دمُ القلب من أجفان عينيك يُذرف

فلا تكُ ممَّن ينبذ الصبرَ بالعرى

إذا غدت الوَرقاء في الأيك تَهتف

فما ذاك من شجوٍ فيشجيكَ نوحها

وهل يَستوي يوماً صحيحٌ ومُدنَف

ألم ترَها لم تذرِ دمعةَ ثاكلٍ

ولم ينصدع شملٌ لها متألّف

وقد لبست في جيدها طوقَ زينةٍ

وجيدُكَ فيه طوقُ حزنٍ مُعطّف

إذا ما شدت فوق الأراك ترنّماً

فإنَّك تنعى والجوانح ترجفُ

أُعيذك أن يهفو بحلمك منزلٌ

تعفّى وفيه للأَوابد مألف

فلا تبكِ في أطلاله بتلهّفٍ

فليس يردُّ الذاهبين التلهُّف

ولو عاد يوماً بالتأسُّف ذاهبٌ

عذرتك لكن ليس يُجدي التأسُّف

وإن جزوعاً شأنُه النوحُ والبكا

لغير بَني الزهرا مُلامٌ مُعنّف

بنفسي وآبائي نفوساً أبيَّةً

يُجرّعها كأَسَ المنيَّةِ مُترف

تُطلُّ بأسياف الضلال دماؤهم

وتُلغى وصايا الله فيهم وتُحذف

وهم خيرُ مَن تحت السماء بأسرهم

وأكرمُ مَن فوق السماء وأشرفُ

وهم يكشفون الخطب لا السيف في الوغى

بأمضى شباً منهم ولا هو أرهف

إذا هتف الداعي بهم يومَ من دمِ ال

فوارسِ أفواهُ الضُبا تترشَّف

أجابوا ببيضٍ طائعاً يقف القضا

إلى حيثُ شاءت ما يزال يُصرّف

ومن تحتها الآجالُ تسري وفوقَها

لواءٌ من النصر العزيز يرفرفُ

لهم سطوات تملأ الدهرَ دهشةً

وتنبث منها الشمُّ والأرض ترجفُ

عَجِبتُ لقومٍ ملءُ أدرعهم رَدًى

ومِلء ردائيهم تُقًى وتعفّف

يغولهم غُول المنايا وتغتدي

بأطلالهم ريحُ الحوادثِ تَعصِفُ

كرامٌ قضوا بين الأسنَّة والضُّبا

كِراماً ويوم الحرب بالنقع مسدف

هُداةٌ أجابوا داعي الله فانتهى

بهم لقصورٍ من ذُرى الشهب أشرف

فما خِلت في صرف القضا يُصرع القضا

وأنَّ جبالَ الحتف بالحتف تُنسف

بنفسي رؤوساً من لويّ أُنوفها

عن الضيم مُذ كانَ الزمان لتأنفُ

أبت أن تشمّ الضيمَ حتَّى تقطَّعت

بيومٍ به سمر القنا تتقصَّف

وما ناءت الأطوادُ في جبروتها

فكيف غدا فيها ينوءُ مثقّف

فيا ناعياً روحَ الخلائقِ فاتَّئِد

لقد أوشكت روح الخلائقِ تَتلف

وأيقنَ كلٌّ منهم قام حشرُهُ

كأَنَّك تنعى كلّ حيّ وتهتِف

ويا رائد المعروف جُذَّت أُصولهُ

ويا طالبَ الإِحسانِ لا متعطّف

ألا قل لأبناء السبيل ألا اقنطوا

فَقد ماتَ مَن يَحنو عَليكم ويعطف

ويأساً بني الآمالِ أن ليس مُفضِلٌ

عَليكم وَللمظلوم أن ليسَ مُنصفُ

فأيَّة نفسٍ ليس تذهبُ حسرةً

عليهم وقلبٌ بالأسى ليس يُتلفُ

فيا ظلَّة السارينَ إن غاب نجمهم

لقد خبطوا في قفرةٍ وتعسَّفوا

ويا لصباح الدين يوم تكوَّرت

شموس الهدى من أُفقه فهو مُسدف

ويا لبني عدنانَ يومَ زعِيمُها

غدت من دماه المشرفيَّة تَنطف

لتُلقِ الجيادُ السابقات عنانَها

فليس لها بعد الحسينِ مصرّف

وتبك السيوفُ المشرفيَّاتُ أغلباً

لها بنفوس الشوس في الروع يُنحِف

فيُصدرها ريَّانةً من دمائهم

ويوردها ضمآنة تتلهَّف

وتنعى الرماحُ السمهريَّات قسوراً

لها بصدور الدارعين يقصّف

فلله من خطب له كلُّ مهجة

يحق من الوجد المبرّح تتلف

وأُقسم ما سنَّ الضلالَ سوى الأُلى

على أُمَّة المختارِ بغياً تخلَّفوا

فيومٌ غدوا بغياً على دارِ فاطمٍ

أتت جندُهم بالغاضريَّة تزحف

وقتل ابنِها من يوم رُضت ضلوعها

ومن هتكها هتك الفواطمِ يُعرف

ومن يوم قادوا حيدرَ الطهر قَد غدوا

بهنَّ أُسارى شأنهنَّ التلهّف

فمن مخبر المختار أن بقيَّة

الإِلهِ الفتى السجادَ بالقيد يرسف

ومن مبلغ الزهراء أنَّ بناتها

عليها الرزايا والمصائبُ عكَّف

تطوف بها الأعداء في كلِّ بلدةٍ

فمن بَلدٍ أضحت لآخرَ تُقذف

إذا رأت الأطفالَ شعثاً وجوهها

وألوانها من دَهشةِ الرزء تخطف

تَعالَى الأسى واستعبرت ومن العِدى

حذاراً دُموع المقلتين تكفكف

بِنفسي النساءَ الفاطميَّاتِ أصبحت

من الأسر يسترئفن من ليس يرأف

ومُذ أبرزوها جهرةً من خدورها

عشيَّةَ لا حامٍ يذود ويكنَف

توارت بخدرٍ من جلالة قدرِها

بهيبةِ أنوار الإِله يُسجَف

لقد قطَّع الأكباد حزناً مصابُها

وقد غادر الأحشاءَ تهفو وترجف

إليكم بني الزهراء زُهرَ بَدايعٍ

تطرز في حسن الرجاء وتفوف

وإنِّي فيها أرتجي يوم محشري

بقربيَ منكم سادتي أتشرَّف

عليكم صلاة الله ما حنَّ طائرٌ

بوكرٍ وما دامت مِنًى والمخيّف

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الوَرقاء

الحمامة الخضراء التي تتغنى على شجر الايك .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو Bagdad Yasir


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

471

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة