النَّاسُ كالأَرْضِ وَمِنْهَا هُـمُ
مِنْ خَشِـنِ اللَّمْسِ وَمِن ليِّنِ
مَرْوٌ تَشَكَّى الرِّجْلُ مِنْهُ الأَذَى
وَإِثْمِدٌ يُجْعَلُ فِـي الأَعْـيُنِ
أَضاعُوني وَأَيَّ فَتىً أَضاعُوا
لِيَومِ كَريهَةٍ وَسِدادِ ثَغرِ
وَخَلَّوني لِمعتَرَكِ المَنايا
وَقَد شَرَعَت أَسِنَّتُها لِنَحرى
وابِطُكَ قابِضِ الأَرواحِ يَرمي
بِسَهمِ المَوتِ مِن تَحتِ الثِيابِ
شَرابُكَ في السَرابِ إِذا عَطِشنا
وَخُبزُكَ عِندَ مُنقَطِعِ التُرابِ
جَمَعتَ دَمَامةً وجَمَعتَ لُؤماً
كَذَاكَ اللُّومُ تَتبَعُهُ الدَّمَامَه
فإن تَكُ قَد أصَبتَ نَعِيمَ دُنيَا
فلا تَفرَح فَقَد دَنَتِ القِيامَه
تَنَحَّي فَاِجلِسي مِنّا بَعيداً
أَراحَ اللَهُ مِنكِ العالَمينا
حَياتُكِ ما عَلِمتُ حَياةُ سوءٍ
وَمَوتُكِ قَد يَسُرُّ الصالِحينا
وَلَولا أَن يُقالَ هَجا نُمَيراً
وَلَم نَسمَع لِشاعِرِها جَوابا
رَغِبنا عَن هِجاءِ بَني كُلَيبٍ
وَكَيفَ يُشاتِمُ الناسُ الكِلابا
أَرى لِيَ وَجهاً شَوَّهَ اللَهُ خَلقَهُ
فَقُبِّحَ مِن وَجهٍ وَقُبِّحَ حامِلُه
وجهك يا عمرو فيه طولُ
وفي وجوه الكلاب طولُ
فأين منك الحياءُ قل لي
يا كلبُ والكلب لا يقولُ
صَغُرتَ عَنِ المَديحِ فَقُلتَ أُهجى
كَأَنَّكَ ماصَغُرتَ عَنِ الهِجاءِ
وَما فَكَّرتُ قَبلَكَ في مُحالٍ
وَلا جَرَّبتُ سَيفي في هَباءِ
إذا ما هجاني ناقصٌ لا أُجيبُهُ
فإنِّيَ إنْ جاوبتُهُ فلِيَ الذَّنْبُ
أُنزِّهُ نفسي عن مساواةِ سفْلةٍ
ومنْ ذا يعضُّ الكلبَ إنْ عضَّهُ الكلبُ
وَلَو ضَرَبَتكُم مَنجَنِيقي وَأَصلُكُم
قَوِيٌّ لَهَدَّتكُم فَكَيفَ وَلا أَصلُ
وَلَو كُنتُمُ مِمَّن يُدَبِّرُ أَمرَهُ
لَما كُنتُمُ نَسلَ الَّذي ما لَهُ نَسلُ
فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ
فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا
أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت
إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا
رَأَيتُ الخَثعَمِيَّ يُقِلُّ أَنفاً
يَضيقُ بِعَرضِهِ البَلَدُ الفَضاءُ
سَما صَعُداً فَقَصَّرَ كُلُّ سامٍ
لِهَيبَتِهِ وَغَصَّ بِهِ الهَواءُ
لك أنفٌ يابن حربٍ
أنِفت منه الأنوف
أنت في القُدسِ تصلي
و هو في البيت يطوف
وتحسبُ العينُ فكّيه إذا اختلفا
عند التنغم فكَّي بغلِ طحان