أَوَدُّكَ وُدّاً لا الزَمانُ يُبيدُهُ
وَلا النَأيُ يُفنيهِ وَلا الهَجرُ ثالِمُه
وَأَنتَ وَفِيٌّ لايُذَمُّ وَفاؤُهُ
وَأَنتَ كَريمٌ لَيسَ تُحصى مَكارِمُه
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً
وَإِنْ بُحْتُ بِالْكِتْمَانِ كَانَ مَلامَا
فَكَيْفَ احْتِيَالِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَشْكَلا
عَلَيَّ فَصَارَا شِقْوَةً وَغَرَامَا
أوحى إليَّ فؤادي حين أخبرني
بأنَّ لي فَرَجاً من ذلك الحَزَنِ
تاللهِ لا سكنت روحي إلى أحَدٍ
حتّى يعود إلى أوطانه سَكَني
وَما يَبقى الصَديقُ بِكلِّ عَصرٍ
وَلا الإِخوانُ إِلّا لِلتَآسي
عَمَرتُ الدَهرَ مُلتَمِساً بِجُهدي
أَخا ثِقَةٍ فَأَلهاني اِلتِماسي
لَيسَ الجَمالُ بِأَثوابٍ تُزَيِّنُنا
إِنَّ الجَمالَ جَمالُ العَقلِ وَالأَدَبِ
لَيسَ اليَتيمُ الَّذي قَد ماتَ والِدُهُ
إِنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلمِ وَالأَدَبِ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيتَ لَهُ بِحَقٍّ
وَلَكِن لا يُدومُ لَهُ وَفاءُ
أَخِلّاءٌ إِذا اِستَغنَيتُ عَنهُم
وَأَعداءٌ إِذا نَزَلَ البَلاءُ
غالَبتُ كُلَّ شَديدَةٍ فَغَلَبتُها
وَالفَقرُ غالَبَني فَأَصبَحَ غالِبي
إِن أُبدِهِ يَصفَح وَإِن لَم أُبدِهِ
يَقتُل فَقُبِّحَ وَجهُهُ مِن صاحِبِ
تَنامُ عَينُكَ وَالمَظلومُ مُنتَبِهٌ
يَدعو عَلَيكَ وَعَينُ اللَهِ لَم تَنَمِ
وَكُلُّ مَوَدَّةٍ لِلّهِ تَصفو
وَلا يَصفو مَعَ الفِسقِ الاِخاءُ
وَكُلُّ جِراحَةٍ فَلَها دَواءٌ
وَسوءُ الخُلقِ لَيسَ لَهُ دَواءُ
فَلا الدُنيا بِباقيَةٍ لِحَيٍّ
وَلا حَيّ عَلى الدُنيا بِباقِ
لا تَجزَعَنَّ إِذا نابَتكَ نائِبَةٌ
واصبر ففي الصّبر عند الضّيقِ متَّسعُ
إن الكريمَ إذا نابتهُ نائبةٌ
لَم يَبدُ مِنهُ عَلى عِلّاتِهِ الهَلَعُ
فإِن تَسأَلَنّي كَيفَ أَنتَ فَإِنَّني
صَبورٌ عَلى رَيبِ الزَمانِ صَعيبُ
حَريصٌ عَلى أَن لا يُرى بي كَآبَةٌ
فَيشمُتُ عادٍ أَو يُساءَ حَبيبُ
وَكُلُّ الحادِثاتِ إِذا تَناهَت
فَمَوصولٌ بِها فَرَجٌ قَريبُ
وَإِن ضاقَ رِزقُ اليَومِ فَاِصبِر إِلى غَدٍ
عَسى نَكَباتِ الدَهرِ عَنكَ تَزولُ
يَعِزُّ غَنِيُّ النَفسِ إِن قَلَّ مالُهُ
ويَغنى غَنِيُّ المالِ وَهوَ ذَليلُ
رَأَيتُ الدَهرَ مُختَلِفاً يَدورُ
فَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورُ
وَقَد بَنَتِ المُلوكُ بِهِ قَصوراً
فَلَم تَبقَ المُلوكُ وَلا القُصورُ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ
إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً
فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ
إِنَّ القُلوبَ إِذا تَنافَرَ وُدُّها
شِبهَ الزُجاجَةِ كَسرُها لا يُشعَبُ
وَكَذاكَ سِرُّ المَرءِ إِن لَم يَطوِهِ
نَشَرَتهُ أَلسِنَةٌ تَزيدُ وَتَكذِبُ
ماتَ الوَفاءُ فَلا رَفدٌ وَلا طَمَعُ
في الناسِ لَم يَبقَ إِلّا اليَأسُ وَالجَزَعُ
فَاِصبِر عَلى ثِقَةٍ بِاللَهِ وَاَرضَ بِهِ
فَاللَهُ أَكَرَمُ مَن يُرجى وَيُتَّبَعُ
قد ذاقَ قيسٌ من هواه صبابةً
وشربتُ اكواباً على أكوابِ
من قاس ما لاقيتُ من وجدٍ بما
لاقاه قاس جهنماً بثقابِ
ولو ان ليلى انشدت مجنونها
شعري لثاب إلى هدىً وصوابِ
ولكان يُعرضُ عن هواها خائفاً
أن يبتلى منه بمثل مصابي