عن الدار نأيا أزمع الركب ترحالا

فعفى البلى منها رسوما وأطلالا

وقفت بها عن جيرة الحي سائلا

وهل درس الأطلال يخبرن سؤالا

منازل عنها الصبر أصبح ظاعنا

وأمست صروف البين فيهن نزالا

يكلمني رجع الصدى من ديارهم

وما أفصحت عند التكلم أقوالا

نسيم الصبا سر رائحا من ربى الحمى

لعلك تشفي من ضنى القلب إعلالا

تطيع الهوى نفسي بكتمانها الجوى

وتعصيه إن أبدت دموع عذالا

تعرضني هم به ابيض عارضي

فأرسل مني عارض الدمع هطالا

روى الدمع أحيى أربع مية بعدما

ذوى عوده بعد النضارة إمحالا

وقد شب قلبي نار وجد على الربى

فأرشد ركبا يخبط الليل ضلالا

أناديهم والعيس تشكو أوماها

ان اغترفوا ماء لعيني قد سالا

صبغن الليالي السود بيضا غدائري

وانقص عن عمري بها البين إكمالا

فلست أرى الصبر الجميل بنافع

لحي أقلوا بالهوادج أحمالا

فيا راكبا حرفا برى جسمها السرى

تبارى صباحا شمأل الريح شملالا

قد انتشقت لفح السموم بأنفها

لدى البيد والحيزوم في ظهرها جالا

تسامر ذئب الدو ليلا وإنما

تعير ظباء الرمل بالورد اجفالا

قطعت بها ديمومة القفر طالبا

وصال حبيب لا يخيب آمالا

حبيب الذي قدما حوى جمل الثنا

ونال من المجد المؤثل ما نالا

ترد المواضي لامة ابن مظاهر

مضاهرة في الأرض تسحب أذيالا

فتى كان للأقدار سهما مسددا

وابيض قطاعا واسمر عسالا

أشم إلى الموت الزؤام قد انبرى

كفحل الهجان البزل يرق ارقالا

وأروع يوم الروع صال على العدى

فنكس شجعانا وجدل أبطالا

لقد سأم القوم اللقاء بمعرك

حبيب كليث الغاب في ضنكه صالا

له ضربة لا يعجم القوم حرفها

بها يعرب في الحرب تضرب أمثالا

وطعنة رمح أدركت كل فارس

لدى الكر ميلا وهو عن سرجه مالا

إذا نشرت بالزحف راية عزه

أمدت على هام المجرة اظلالا

وإن خيف ثغر للمنية فاغر

تخطى به في ثاقب العزم نزالا

وإن شجر المران هزت كعوبه

بها ذاق كأس الحتف شهدا وجريالا

له همم تردي الردى وهما هم

تزلزل أرجاء البسيطة زلزالا

تهد من الشم الجبال مناكبا

وتملأ قلب الموت رعبا وأوجالا

يرف اللوا منه بكف ضنينة

ولكن بنيل المجد ساعدها طالا

فدى لابن خير الرسل نفسا نفيسة

لها قد أحب السيف والضيف أفعالا

بحرب عوان يستطير ضرامها

إذا فترت أورى لها الموت إشعالا

يعد القنا الخطي فيها مبارزا

ونسج يدي داود بزا وسربالا

فيا ناصر الدين الحنيف وحاميا

حمى حوزة فيها الهدى حط أثقالا

حملت على الجيش اللهام تذوده

وقمت بأثقال الحفائظ حمالا

تخال الردى رودا جلت وجهها الظبى

مشت لك معطار الترائب معطالا

سعدت بنصر السبط حظا بكربلا

وأنت بحزب الدين أسعدهم فالا

فوطنت يوم الروع نفسك للردى

أجل حيث لم ترهب هنالك اجالا

رأيت حسينا مفردا فوقيته

بنفسك مذ أقدمت للموت إرسالا

خميص الحشى أردى بغلتك الصدى

لك الموت طعما طاب أورق سلسالا

ولما طلبت الإذن من شبل حيدر

فديت له في جملة السر أشبالا

وودعت في تلك المضارب نسوة

كساها إله العرش عزا وإجلالا

وددت بماء العين مذ عز ماؤها

بيمنى الوفى تسقى نساء وأطفالا

لقد صنتها بالسيف حيا ولم تزل

تذل عزيز الدمع فيهن إذلالا

بفقدك أبدت أيها الندب حسرا

بنات رسول الله ندبا وأعوالا

لآمالها قد كنت في كل معضل

نجاحا فخابت بعدك اليوم آمالا

فلو عدت حيا كي ترى يوم صفدت

أسارى وقد ركبن بالسير اجمالا

يد القوم قد بزت حلاها وغيرت

صروف الليالي من خلائفها حالا

بقتلك كادت للقيامة ساعة

تقوم ومنها تبصر الناس أهوالا

طلعت من العليا هلالا ببرجها

فكيف عليك الترب ريب الردى هالا

وصلت ابن بنت الوحي ترعى ذمامه

فقطعت من دون الحمية أوصالا

وقد غالت الأقدار شخصك في الوغى

صريعا وداست من حفاظك أغيالا

أرتنا الليالي فيك إدبار مرها

وقد غيبت عنا الحوادث إقبالا