تطارحني الحمائم بالنواح

ووجدي مالئ سعة النواحي

وعيني كالقليب نزحت منها

غروبا باغتراب وانتزاح

بصوب دم تجود إذ الغوادي

تجافت عن مرازمها الشحاح

بوادر تستهل وفي فؤادي

زناد الوجد توري باقتداح

تعاطيني يد الحدثان كاسا

ذعافا ديف لي بنطاف راح

فما زالت لعيني كل حين

تروق في غبوقي واصطباحي

ألا يا صاح إني غير مغف

باسكار الزمان وغير صاحي

أحن إلى الغوير وساكنيه

حنين الهزل النيب الطلاح

أفي نفس الصبا ترتاح نفسي

ولست من الهموم بمستراح

وقفت على الرسوم وكاد مني

خفوق القلب ينهض بالجناح

أجيل بصوتي لركاب صحبي

ولا أصبو لجائلة الوشاح

أقول لهم بوادي الطف عوجوا

نزولا بالغدو وبالرواح

نزر فيه ضرايح أرض قدس

يخر لتربتها هام الضراح

بدور فاخرت شهداء بدر

مواقفها بمزدلف الكفاح

إذا طلعت جلا للنقع ليلا

بهيما ضوء أوجهها الصباح

تخال صباح أوجهها إذا ما

غدت في فيلق فلق الصباح

أسود الحرب تزأر كيف حرب

تروعها عوادي بالنباح

إذا حمى الحديد تؤم ظلا

ظليلا تحت مشتبك الرماح

مناجيد بمعترك المنايا

تدك ذرى الجبال على البطاح

وهم خطبوا المنايا الحمر عربا

وقد عزموا على عقد النكاح

وراحوا حاملين بكل زحف

صدور رماحهم ببطون راح

يرون الموت بالهبوات أحلى

وأعذب من هوى الغيد الملاح

بقائمة الظبى قبضوا أكفا

معودة على بسط السماح

وإيمان لهم للصفح تعزى

وتأبى الصفح ألسنة الصفاح

وتأتي الحرب شاكية إليهم

عناها وهي شاكية السلاح

ويكسر مجدهم للشمس قرنا

إذا اقترنا هنالك بالنطاح

رسو شما فلا تهتز مورا

جوانبها بعاصفة الرياح

أجل وجدوا الحسين لهم زعيما

به اقتحموا على الأجل المتاح

وقد قرعوا أمام الموت سدا

بسمرهم توسع بافتتاح

وخاضوا دونه الهيجاء حتى

ثووا فوق البسيطة كالأضاحي

تناهبت الأسنة والمواضي

جوارحهم دوامي بالجراح

وقد وردوا على الظمأ المنايا

وقد منعوا عن الماء القراح

وألبسهم حفاظهمو برودا

منمقة بأحساب وضاح

وطاحت بعدهم عمد المعالي

مقوضة لسفك دم مطاح

فلاحت بالقنا لهمو رؤوس

تنادي الحق حي على الفلاح

ورأس ابن النبي على العوالي

كبدر هدى لجنح الليل ماحي

يرتل للهدى فرقان وحي

مبينا في مناطقه الفصاح

كتاب ناطق يتلو كتابا

وكل موضح سبل النجاح

وزينب أعولت مذ لاح يزهو

ولم تجد الهدو بعذل لاحي

أخي حسن البكا بك والليالي

عليك غدت بأوجهها القباح

بقينا بعد عزك في خباء

مضى نهبا ورحل مستباح

سبايا والعيون بكل نهج

لمرآنا شواخص بالطماح

عقائل أحمد تطوي الموامي

على اقتاب انضاء رزاح

إذا شكت اللغوب لهن قيدت

صعاب لا تراض من الجماح

تجشمها الحداة السير ليلا

فتجهش بالعويل وبالصياح

كتقويس الحنية قد براها

سرى البيدا وكانت كالقداح

فما برحت تكابد حر نار

بمهجتها من الهم البراح

وقد لفح السموم لها وجوها

بقفر من لظى الرمضاء ضاحي

مصائب ضاق صدر الدهر منها

بشرح متونها بعد انشراح

قريحة فكرتي لبني علي

دعتني في رثاء وامتداح

كأرواح النسيم بها اعتلال

وقد طبعت بألفاظ صحاح