أترقد عين الصب والنجم يسهر

وتنضب دمعا والمرازم تهمر

وتخمد من نار الحشى جذواتها

وللبرق لاحت جمرة تتسعر

وهل يشتكي محلا محل من الثرى

وجفني بأنواء السحائب يمطر

إذا أنا أخفيت الجوى في جوانحي

سرائره عن سائل الدمع تظهر

سل المنحني من أضعي كم بطيه

تضمن سر للصبابة مضمر

جنت راحة الأيام نور شبيبتي

ولا هي عما قد جنت تتعذر

وما غيرتني كل حادثة بها

وان أنا فيها حادث متغير

وبيض الليالي شاحبات وجوهها

تباح وصفو العيش فيها يكدر

إذا البشر وافاني بأقصر ساعة

على الهم لي طالت سنين وأشهر

براني الضنى حتى محاني فلم تكن

تميز من شخصي على الطرس أسطر

وقامت بحمل النائبات عواتقي

ثقالا وعن حمل الردى ليس تقدر

أبيت نزيفا كل عصر بمهجتي

مدامة رداف من الهم تعصر

وقد عرفتني للهموم مدامع

تدل على من صبها حين ينكر

ويشهد لي البين الذي حثني به

شهيد بأفناء الطفوف معفر

قتيل على الدنيا العفى بعد قتله

وكسر العلى من بعده ليس يجبر

بكته بظون من لوي ابن غالب

كما انخزلت من يعرب فيه أظهر

إذا كبر المقدار وزنا بموقف

فعزم علي منه والله أكبر

فتى شب في حجر الوغى مترعرعا

غداة غذاه درة الباس حيدر

فتى قد علا صدر الحمام كأنه

على رقب الهيجاء نسر يصرصر

فتى تقصر الجوزاء عن نيل قدره

ومن عزمه يجري القضاء المقدر

يدر صدور الخيل كلمى بصعدة

بها راعف من معطس الموت مفخر

وتثبت منه الكف قائم سيفه

ومضربه في مزلق اللهام يعثر

تغضى بيوم الحرب حرب بنبحها

إذا سمعت ليث العرينة يزأر

لقد عرفته أعين الموت بارزا

وبالنقع سترا وجهه متنكر

سقى الأرض من فيض الطلا فتروضت

وشوك القنا في مغرس الهام مثمر

تجلى ابن ليلى بدر تم بعارض

به انجاب ليل للوغى فهو مقمر

ورنح عطفيه ارتياحا بمشيه

إلى الحتف في ظل القنا يتبختر

شبيه رسول الله خلقا ومنطقا

يروق له عن منظر الوحي منظر

شمائله تحكي شمائل أحمد

يضوع بها للمجد مسك وعنبر

لقد شرف البيت العتيق بجده

وقدما به بطحاء مكة تفخر

بدا وهو من بحر الرسالة لؤلؤ

ومن معدن التوحيد بالذات جوهر

تكرم منه الأصل والفرع بالعلى

وبالحسب السامي زكى منه عنصر

فلا يمنع الأرواح من وقع سيفه

دلاص موشى بالحديد ومغفر

أصل نقا أم زاعبي بكفه

إذا اهتز من أطرافه الموت يقطر

إذا صاح بالفرسان عنه تقاعست

كراديس والأبطال في الروع تنفر

كأنهم في الروع سرب مذعذع

يراع من البازي المطل ويذعر

إذا ما جرى في حلبة هو والقضا

تقدم سبقا والقضا يتأخر

تخطى علي بن الحسين من اسمه

من الصارم المشهور في المروع أشهر

مدارج حتف أشرعت دونها القنا

موارد عنها الأسد بالذعر تصدر

هنالك مدت منه في حومة الوغى

يد عن مداها أذرع الموت تقصر

فألوى عنان الطرف مذ كضه الظما

وقد كاد منه قلبه يتفطر

فأم أباه راجعا عن قتاله

وأحشاه من حر الظمى تتسعر