بكيت شجواً على الأطلال والدمن

بدمع عين جرى كالعارض الهتن

وقفت والعين عبرى تستهل دماً

في الأبرقين على السكان والسكن

أشاب فرط الجوى رأسي وفي كبدي

شبت مقابس نار الوجد والحزن

طويت كشحاً على البرحاء فانبعثت

تذيع عيني منها كل مكتمن

كأن دمعي يمِّ جاش غاربه

خاضت به يعملات العيس كالسفن

ظللت أسكب للغادين من مقلي

سحباً وأسحب أبراداً من الشجن

سرى على الحي مجتازاً وقد هجعت

عين الرقيب وللأرصاد أيقظني

صيرتما النوح لي فناً هتفت به

أدعو الأليف كورقاء على فنن

لو طالعي كان سعداً عند نأيكما

ألفيت سعداً على الأشجان يسعدني

حي تكدر صفو الدهر بعدهم

وظل فيهم رغيد العيش غير هني

لولا الخطوب لما هجهجت منتزحاً

ركائب الصبر مذ ريعت عن الوطن

إن قام عزمي لنيل العز تقعده

زمانه لي أهدتها يد الزمن

والدهر مثقلة أعباؤه نوباً

قد انقضت لي فقار العزم بالوهن

فهل أبوح بأسرار النوى جزعاً

لريب دهرٍ خؤون غير مؤتمن

ألم بالمجتبى الزاكي تصرفه

فلم يزل منه يلقى أعظم المحن

لم يبق ما كان ملكاً في أنامله

وصير الضيم فيه أي مرتهن

أضحت على الحسن الأيام مظلمة

فلا أنارت بوجه بعده حسن

قوم الضلال أباحوا سب والده

على منابرهم في السر والعلن

لحم الأمامة بالأفواه تمضغه

عصابة ولغت في الشرك باللسن

يرى من القوم ما يقذي نواظره

شجواً ويسمع ما يؤذيه بالأذن

يا عصبة من بني الورهاء ما نقيت

ثيابها قط من رجس ومن درن

كم أضمرت لبني الهادي ضغائنها

وأظهرت بدع الأحكام في السنن

بزت من ابن رسول الله إمرته

وإن يكن هو عنها بالفخار غني

لولا المقادير لم يبسط له أبداً

يداً لطوع بني عبادة الوثن

ولو أبت عزة عنها حميته

حزب الهدى بمغاوير الضلال فني

ولو رأى أسرة للدين منعتها

لخطة الخسف لم يسلس ولم يلن

كم درة من جمان القدس غالية

بنقض بيعته بيعت بلا ثمن

قسراً شرتها الأعادي وهو مالكها

لو أنصفته ادعى الإسلام بالغبن

وهو الذي لو دعا الأقدار لابتدرت

منقادة طوع كفيه بلا رسن

خان ابن هند عهوداً منه موثقة

كانت بقبضة يمنى الدين لم تخن

وبث سب علي في الملا فملا

قطر العراق وقطر الشام واليمن

خلافة الله غصباً لاث بردتها

لغير آل علي قط لم تكن

تلك الخلافة شانت شانه وسوى

المعنى بها حسن في الناس لم تزن

ما انفك يثلم منه البغي عضب شباً

ويستلين جماح السابق الأرن

حتى سقته برغم الدين مضطهداً

جعيدة السم في كأس من الضغن

ومذ قضى نحبه والدين منتحب

يحن مثل حنين الرزح البدن

قضى فقوضت العلياء وانهدمت

للوحي أركان بيت بالفخار بني

واهتز عرش العلى من بعده حزناً

والبيت أصبح فيه واهي الركن

والكائنات له أرخت محاجرها

صوب المرازم في وكافة الزمن

والدين جرعه ريب الردى غصصاً

لمن تجرع سم الحقد باللبن

وأرجف الملأ الأعلى وكاد إلى

الوهد الحضيض بأن يهوى على الذقن

سارت بنو هاشم بالنعش تحمله

على متون لها أرسى من القنن

لمنعه آل حرب أقبلت زمراً

لكي تؤجج نار الحرب بالفتن

فكيف عن حرم المختار تمنعه

وهو الذين كان من عينيه كالوسن

والهاشميون قد ظلت رقابهم

ميلاً من الرزء لا ميلاً من الجبن

غطارف يزنيات رماحهم

ذلت لهن طلا سيف ابن ذي يزن

فيهم أبو الفضل تغشى الشم عزته

عن المقادير لم ينكل ولم يهن

لولا وصيته قامت لهم هممٌ

معدودة في الوغى من أمنع الجنن

يوم به ادعت الميراث

جميعه ولها تسع من الثمن

تقول نحوا ابنكم عني فليس له

قرابة هي عن ود تقر نبي

وقام مروان يدعو من قبيلته

للحرب كل لئيم بالنجار دني

بالدين شكت فشكت من كنانتها

سبعين سهماً لجسم السبط في الكفن

وسددت من قسي البغي أسهمها

مراشة مرقت بالحقد والإحن

شذت إليه من الأوتار طالبةً

أوتارها يوم بدر من أبي الحسن

تستل حمراً سهام القوم من دمه

ومنه يسري اخضرار السم في البدن

نعى المدينة ناعيه فأفجعها

وصات في سائر الأمصار والمدن

رأس العلى أخذته رعشة بدرت

عليه رعشة هم بالضنى يقن

مات الندى بعده والمكرمات عفت

وعيس ركاب الرجا أضحت بلا عطن

وكف دهرٍ له أبدت جنايتها

بقطفها ثمر المعروف غير جني

فلا ذكت بعده في العرب نار قرىً

ولا ترنم حادي الجود في ظعن

ولا حياض الندى سيغ الورود بها

فبالروى صفوها قد شيب بالإحن

إليك يابن علي قد نظمت حلى

فريدة من بنات الفكر والفطن

عهدي بها خطرت عذراء غانية

وإنما أملي فيها لتعذرني

ترجو مهب قبول منك نافحة

وكان عهدي بها أن لا تخيبني

فالعفو شأنك عن ما قد جنته يدي

أبغي يداً منك بالإحسان والمنن

دع ناظري لك يرنو بالولا شغفاً

فلا تقل لي يوم الحشر لم ترني