غير بدع بأن يخون الزمان

وبه يعتري الكريم الهوان

وعليه تضيق الأرض وسعاً

وله لا يقر فيها مكان

ومتى حارب امرءاً خذلته

بالمرامي أمامه الأعوان

شيمة الدهر للأماجد غدرٌ

فاعتبر فيه أيها الإنسان

إن رمت في الورى صروف الليالي

أشجع الناس ظل وهو جبان

أو على ذي الحفاظ بالحكم جارت

لم يكن منه تمنع الجيران

زمن ريبه يبيد البرايا

بالدواهي وما عليه ضمان

لم يزل ثغره له الخوف يعزى

لم يطف فيه للأماني أمان

قد أساءت يداه للحسن السبط

ولم يلق عنده إحسان

نقضت بيعة له كيف دهر

فيه عهد الدين الوثيق يخان

كان من قبل للأنام إماماً

مستطيل لعزه سلطان

وعلى نهجه الرشاد دليل

والمثاني سبعاً له برهان

وبحجر النبي شب وليداً

وغذاه بدره الإيمان

كيف يبتز منه مشيد دين

بالعلى قائم له ديوان

وغدا سوقه لحكم ابن هندٍ

ومواليه بالصغار تهان

أسمعته الأعداء سب أبيه

علناً قد صغت له الآذان

وهو حبل الله المتين وثقل

بالمعالي عديله القرآن

لعن الله آل حربٍ وعنهم

أبد الدهر لا تكف اللعان

قام فيهم أبو يزيد يزيد

اللعن من جانبيه والطغيان

فادعى رتبة الخلافة زوراً

وكساه رداءها البهتان

يوم ولى الدعي وهو زياد

منه ظلماً قد انملت كوفان

شيعة المجتبى هناك عراها

الخوف والبؤس منه والإذعان

لم تجد إن دعت لها من مجير

منه بالأمن تحفظ الأوطان

وابن طه لبيته كان جليساً

لم يفه عنه بالدفاع لسان

وقضاء الإله أمسك منه

راحة للردى بها طوفان

إن يشأ يقلب السماء على

الأرض وفيها تغير الأكوان

كم بمكث الحياة كابد وجداً

منه هاجت بقلبه أشجان

مذ سقته يدا جعيدة سماً

ذاب منه الحشى وحط الجنان

وعليه لما حسا السم حزناً

لأولي العزم أسقمت أبدان

وبأصواتها الملائك عجت

مذ قضى واستمرت الأحزان

حملت غلب غالب منه نعشاً

خف عن ثقل حلمه ثهلان

عن حمى قبر جده منعته

عصبة ملء صدرها أضغان

وبدت تدفع الرجال حميراً

وتلاها بقومه مروان

قال في أبعد الديار دفينا

ظل ما بين أهله

عند قبر النبي يدفن للسبط

على رغم أنفنا جثمان

فئة الشقا أثيرت وفي عزم

حين لها انطفت نيران

وبيثرب البقيع وارى محيا

منه يزهو بنوره الزبرقان

يا لها بقعة تمنى ثراها

من ذرى أبرج السما كيوان

فاض فيها للكوثر العذب حوض

منه يروى من حزبه الظمآن

وبه تنفح الرياض عبيراً

شم أنفاس طيبها الرضوان

أشرقت من جبينه الخدر نوراً

وسعت نحوه الكعاب الحسان

وبكته السماء شجواً وأبدى

النعي فيه التنزيل والفرقان

وله عجت الملائك في الأفق

وناحت عليه انس وجان

وعليه البيت العتيق تداعى

والأسى منه ضعضعت أركان

فجدير تهمي جفون المعالي

واكفات له وتكفى الجفان

وكبا بالردى أغر نجيب

شاهد السبق جريه والرهان

أحمد من يد الهداية كف

بسطت والزكي منها البنان

ذاك من دوحة النبوة غصن

ما حوت من ثماره الأغصان

نفسه فاقت النفائس فخراً

فهي در غلا له أثمان

محكمات الكتاب بعض ثناه

ومعانيه نعته والبيان

كل من لم يجد للدين ثقلاً

خف يوم الجزا له ميزان

فات للسبق للمناقب جدا

فكبت عن لحوقه الأقران

حسن الاسم في الورى والسجايا

ثم بدراً وما به نقصان