أترع لي في سفحه الأجرع

كأساً من الصاب لها أجرع

والجزع قد ألهمني سربه

صبراً وما كنت به أجزع

والمنحني ضم مهاً كنساً

تجنى على أمثالها الأضلع

بيض تغطي الشهب أنوارها

منها تجلي ليلها الأسفع

يضوع من أبرادها نفحة

من أرض نجد روضها الممرع

غرانق هيف بها فكرتي

هامت وقلبي واجد مولع

ذاب فؤادي مستحيلاً دماً

بها فأجرت سيله الأدمع

ولي برعي النجم قلب صبا

شوقاً وطرف قط لا يهجع

فلا يزور الطيف لي أعيناً

لم يبق بالدمع له موضع

كأن في أطباق أجفانها

لمنبت الشوك نما مزرع

لم يمح ماء الدمع مهما جرى

من صحف ذنبي أسطراً تطبع

مني النهى كم ردع النفس عن

ورد الهوى نصحاً فلا تمنع

جامحة تعدو على عينها

وفي لجام الرشد لا تمنع

فهل مقيلاً وجدت عندها

إن صابها في عدةٍ موقع

لم تخش نفس سوء أعمالها

وحيدر عفواً لها يشفع

خليفة الله الذي أمره

أهل السموات له تخضع

أقام ركن الدين في سيفه

ذاك البطين البطل الأنزع

ورد شمس الأفق من بعد ما

غابت كما قد ردها يوشع

وكسر الأصنام لما غدت

لها قريش والملا تركع

رقى على منكب طه وقد

دنا لديه الفلك الأرفع

على محل فيه رب السما

مد يداً أقدامه توضع

قد شرع الدين وعلا له

سمكاً وللشرك قناً شرع

ألبس أبراد الردى شخصه

والروح من جثمانه تنزع

ضاق بجيش الشرك رحب الفضا

وبأسه من صدره أوسع

ويوم بدر لاح من وجهه

للناس من بدر الهدى مطلع

كم من صناديد العدى خيفة

بدد من صمصامه مجمع

ذا أسد الله الذي إن سطا

منه مناجيد الوغى روعوا

غادر أشلاء العدى جثما

قشاعم الطير بها تشبع

وكم له في أحدٍ صولة

من هولها أسد الشرى تخشع

يحسو دم الأبطال خطاره

والسيف في أحشائها يرتع

لم تستطع دفعاً له ما درت

صرف قضاء الله لا يدفع

وفي حنين كم برى فارساً

وبيضه في بيضها تفرع

تقصر عن خنصره في الوغى

للموت مهما انبسطت أذرع

قد طاولت كف الثرايا علاً

من مد يسرى كفه أصبع

سل وقعة الأحزاب لما مضى

لقتل عمرو بالخطى يسرع

هل أحد لبى سوى حيدر

دعوته وهو بها مسمع

وعادلت ضربته كلما

في الكون أجراً أهله تصنع

يا مرحباً لما برى مرحبا

بمرهفٍ فرنده يلمع

وهز باب الحصن لو أحدقت

تسعة أفلاك به تقلع

فكم له في العرب من غربة

ضراغم الغاب بها تصرع

مولىً قسيم الخلد والنار إن

قال خذوا ذاك وهذا دعوا

مالك والرضوان هذا وذا

لأمره ممتثل طيع

أفضل أعمال الورى حبه

وغيره في الحشر لا ينفع

وتلتجي كل البرايا به

فهو حمى العالم والمفزع

عن خوضه الكوثر أعدائه

يوم الجزا خاسئة ترجع

وبالردى شيعته كلها

تخطى وفيه خيلها تكرع

أكرم خلق الله طراً ومن

كل الورى في بأسه أشجع

والله سوى صدره عيبةً

يخزن فيها سره المودع

قد حفظ الوحي فأفتى به

وهو بحجر المصطفى يرضع

وقد تلا القرآن من قبل أن

ينزل والآي به تجمع

وفاه بالكتب التي أنزلت

والرسل في أحكامها أشرعوا

فليفخر البيت بميلاده

إذ فيه مصباح الهدى يسطع

ولتعتلي الكعبة كعباً به

وركنها فوق السما يرفع

يا سيد البطحاء في مكة

ومن لناديه العلى تهرع

آنف الهدى فيك أشم به

قد قيس أنف للشقا أجدع

فهل يسامي سيداً باذخاً

بالمجد عبد لكع أكرع

وأخرس النطق يولي القضا

وعنه يزوي اللسن المصقع

ما جهلت قدرك يا ذا النهى

إلا أناس في العمى سكعوا

كأنما القوم على نهجها

بهائم في غيها رتع

غدير خم كان في عهدها

منتهجاً هلا له تتبع

مضوا إلى البيعة في يومه

لحيدرٍ عن أمر طه دعوا

بخٍ بخٍ قال فلان له

والقوم في آثاره أزمعوا

وذاك نص من إله السما

قام به خير الورى يصدع

فبلغ الناس بما جاء في

حق عليٍّ كي به تقنع

سن لهم نهج الهدى والألى

من بعد ما سن الهدى أبدعوا

ضئيل تيمٍ يرتقي منبراً

للصنو منصوباً ولا يمنع

وحيدر يعزل عن حكمه

وعن مواريث العلى يدفع

ما خلت أشباح بني قبلة

تغضي وفي بذل الثرى تخدع

أسامري القوم قد غرها

أم عجلة أم شاقها المطمع

أم رامت الأمرة زوراً أجل

تعزى إلى آمالها الأربع

من الملا من ضيعوا حظهم

ومنهم بالطيب قد ضوعوا

وعصبة جد بها بغيها

فبادرت فج الشقا تضلع

دبت ببغضاء امام الهدى

عقارباً أذنابها تلسع

فسوف تصلى حر نار متى

تسعرت منها الكلا تلذع

على أخ المختار يتلى الثنا

ما غردت قمرية تسجع