أجريت قلبي بالدموع مذابا

فانهل عارض مدمعي تسكابا

ما أومضت جذوات قلبي بارقاً

إلا وأرسلت الدموع سحابا

إن روضت للأرض عيني بقعة

أورى زفيري روضها المعشابا

لي وقفة بالجزع صيرت الجوى

قوتاً وأسراب الدموع شرابا

ربيت دمعي للسهاد فلم يزل

في ربع زينب يستهل ربابا

قد أوهنت جلدي الهموم ومفرقي

من قبل ريعان الشبيبة شابا

وأقام بازي المشيب بلمتي

حتى أطار من الشباب عذابا

راعته طارقة النوى وبليلها

ألف الهيام وردد التنعابا

بالنائبات ولعت من شغفي بها

حتى حسبت شجونها أطرابا

مالت بأعطافي هوى لما طفت

كأس المهالك بالنطاف حبابا

والبين قوسني وكنت بهمتي

سهماً إذا اعترض الخطوب أصابا

لو كان ينصت لي الزمان مسامعاً

لأسلت منه حيا الجبين عتابا

وسألته عما جنى بيمينه

لو كان يملك للسؤال جوابا

يا دهر مالك لا أباً لك في الورى

تدني اللئام وتبعد الأنجابا

فلأي شيء جد رميك طارقاً

خفض الرؤوس ورفع الأذنابا

وبأي ذحل جاء يطلب حيدرا

حتى كفاه الحقد منه طلابا

زمن به الإسلام حط مراسه

وبه علي الطهر جل مصابا

شلت يمينك يابن ملجم جردت

سيفاً لسيف الله فل ذبابا

ماض رواه لدى الوغى علق الدما

ولحده اتخذ الرقاب قرابا

وعليه قد ركع الحسام مصليا

فدهى الصلاة وأفجع المحرابا

يا ضربة للدين هدت جانباً

وله أماتت سنة وكتابا

فهوى صريعاً والبسيطة أرجفت

والبدر تحت دجى الحنادس غابا

ونعاه جبريل بلوعة ثاكل

لو مست الصخر الأصم لذابا

اليوم عرش الدين ثل قوائماً

وبه تداعى أعمداً وقبابا

والعروة الوثقى به انفصمت وقد

هتك الضلال من الجلال حجابا

والملة البيضاء أرخت بالأسى

سود الغياهب فوقها جلبابا

أشقى الورى أردى إماماً باسمه

عن ذنب آدم ربه قد تابا

عجباً تشخص للمنون ولم يزل

سراً بجيب الغيب قدماً غابا

أيعيبه قتل ومخزن صدره

أبداً لعلم الله كان عيابا

علم قضى بشبا المهند نحبه

فبكى لمقتله الهدى نحابا

ما لذ عيش للنفوس ولا الكرى

ليلاً لإنسان النواظر طابا

أوهى قوى التوحيد وقع ملمة

نقماء سدت للفضاء رحابا

جلت بآفاق السماء فنكست

هاماً لأعلام الهدى ورقابا

صبغت بياض النيرين بغبرةٍ

نسجت على شمس النهار نقابا

وبها البحار الفعم غيض مدَّها

لججاً وسيرت الجبال سرابا

حيث القلوب بحر نيران الجوى

لبثت تنازع في الحشى أحقابا

يا ليت غابات العلى كيف الردى

ولجت حوادثه عليك الغابا

ما خلت والأقدار عونك في الوغى

يمسي لشيبتك النجيع خضابا

والموت يخمد منك وهو بمرصد

ناراً لعزمك تستطير شهابا

يا جامعاً شمل الهدى ومفرقا

بالسيف يوم الخندق الأحزابا

جدلت عمرواً حين أقدم معلماً

قدت لمرحب مغفراً وأهابا

وأقمت قاعدة الهدى بمواقف

فيها قلعت لحصن خيبر بابا

لولا القضا ما كنت تترك للعدى

بالسيف أرحاماً ولا أصلابا

ونشرت للإسلام أرفع راية

بالفتح سماها النبي عقابا

وعلى الفراش مبيت شخصك للهدى

أمسى لعزة نفسه وهابا

وبيوم بدر قد دلفت مبارزاً

في الحرب تغرس في الصدور حرابا

وجوادك الميمون يمسك قائماً

جبريل منه شكيمة وركابا

كيف القضاء عليك دار ولم تزل

عزمات بأسك للقضاء فطابا

كان الهدى متأهب بمجنة

من حزمك اتقت السيوف ضرابا

درت الشجاعة يوم قتلك أنها

فقدت بفقدك ليثها الوثابا

والموت أيقن مذ لواك بكفه

أطرقت صل مغارة وقابا

شاهت قريش بعد قتلك أوجهاً

والعار منها لوث الأحسابا

أيضيع هدراً للعدى دم سيد

لعلاه أبطح مكة قد هابا

لم تنتسب في الجاهلية وصمة

حاشا إليه ولم تشن أنسابا

إن لم تثر للثار غالب لم يكن

تدعو الحفاظ كميها الغلابا

بحر الندى والعلم غار وبعده

أمل الوجود من المكارم خابا

ما ناب صرف النائبات مبادراً

إلا أحد لكل صرف نابا