الديوان » العراق » عبد المحسن الحويزي » ولسربه أسراب دمعك يهمر

عدد الابيات : 71

طباعة

أبسفح حاجر منك يسفح محجر

ولسربه أسراب دمعك يهمر

أم في العذيب شربت أعذب عبرة

وطفاء جاد بها السحاب الممطر

قد روض الدمع البطاح وجريه

كالسيل من أعلا الربى يتحدر

علق السهاد بغمض عينك موهنا

طيف الخيال يصد عنه فيهجر

وعهدت دمعك كالعهاد بصوبه

تخضر أكمام الرياض فتثمر

أظننت سر الحب عن رغباته

يخفى وفي طي الأضالع يستر

إني ودمع العين بعض وشاته

أضحى ينم فكيف سرك يضمر

إن يسترق الحب نفسك بالهوى

والخد رق فالدموع تحرر

أو راحة الدنيا حبتك ببشرها

فبياض رأسك بالمنية منذر

ومذاب قلبك بالأوار محرق

وسحاب دمعك بالقطار مسخر

تخفي هواك ومن تباريح الجوى

في عارضيك معارف لا تنكر

فدع الهوى واندب بضفة نينوى

ندبا علاه بكل حي تذكر

سئلت مثقفة القنا عنه الوغى

فجرى بصدق القول فيه المخبر

قالت وقد أومت إليه مشيرة

بيد تطول وعنه نيلا تقصر

هذا ابن مكة والحطيم وزمزم

في الحجر رباه الصفا والمشعر

هذا سليل المصطفى وشبيهه

خلقا وخلقا قد علاه المفخر

هذا الذي ولداه في مهد الهدى

بالفخر فاطمة البتول وحيدر

واغر من عليا قريش زانه

شرف البطون وأنجبته الأظهر

أبدى علي عن علي جده

جدا به المجد المؤثل يظهر

وأقام في ضنك الزحام قيامة

كبرى علي بن الحسين الأكبر

حلو الشمائل كالخمائل غضة

رقت نضارتها وراق المنظر

نشر الغدائر فوق صدر قناته

مثل اللواء على الكتيبة ينشر

قمر على شكل ابن آدم كامل

قد لاح للأبصار وهو مصور

قد عرقت فيه ذوابة هاشم

فزكت أرومته وطاب العنصر

يغشى الكتائب باسما فكأنه

بدر بداجية الغياهب يزهر

وعليه من داود زرت نثرة

وقميص يوسف بالشذا متعطر

حصداء محكمة القتير مفاضة

سرد دلاص بالحفاظ سنوّر

تالله ما أذن وعت بمثيله

بشرا ولا عين هنالك تبصر

طلق المحيا أم قارعة الردى

فمشى على شوك القنا يتبختر

وعلى الكماة سطى فحكم سيفه

ينهى مضاه على النفوس ويأمر

وغداة شد على الفوارس أقبلت

لقراه عقباه الربى والأنسر

والموت بين يديه يركض هاربا

طورا وطورا بالخطى يتعثر

فكأنه والسمهرية شرع

ليث بآجام الأسنة يزأر

والحرب إن صلت بها بيض الظبى

وافى على محرابها يتسور

يستل أبيض والمنايا دونه

سود وصبغتها النجيع الأحمر

هو للهدى بدر وبحر للندى

ذا يستنير سنا وذلك يزخر

فابتل قائم سيفه بدم الطلا

ومن الأوام فؤاده متفطر

لما أضر به الظما وأباده

ثقل الحديد ولم يزل هو يصبر

وافى أباه للهواجر والظما

في قلبه جمر الغضا يتعسر

فأراد من يده الرواء لعلمه

للواردين بها تفيض الأبحر

عز المعين فلم يجد أثرا له

قد جف مورده وغاض المصدر

فانصاع يصحبه صقيل أبيض

خلا ويعضده طويل أسمر

وبضربه هدم الصفوف ثوابتا

ولهن طاح مقدم ومؤخر

لثبات موقفه الجبال عن الثرى

زالت وضج من العديد المحشر

فثنى المئين بها فثنى عدها

فردا ولكن كسرها لا يجبر

حتى إذا نفذ القضاء بحلمه

وجرى عليه من الصروف مقدر

أرداه منقذ في الكمين بضربة

بدرت فأخفت منه صوت يجهر

قد عمم العبدي مفرق سيد

بالسيف ساعة قدمته المغفر

فاحتل معتنقا هواذي مهره

وسط الوغى وعليه دار العسكر

فتناهبته المرهفات فوزعت

أشلاءه فانقض وهو مقطر

وعلى التراقي روحه مذ أشرفت

نادى أباه وقلبه متحسر

أبتاه ذا جدي سقاني بالروى

كأسا يموج بها الرحيق الكوثر

ويقول بشرى في لقاك فرغبة

لك مثلها في الخلد عندي تذخر

فمشى الحسين إليه منتزع القوى

ضعفا على عجل الخطى لا يقدر

فهوى عليه وبالملمة وجهه

منه البياض بصفرة متغير

أبني كان العيش فيك فهالها

صفوا فأضحى اليوم وهو مكدر

أبني كنت من المنى ريحانة

بعبيرها مسك يضوع وعنبر

أبني طعم النوم كان لناظري

حلوا فمر به الذعاف الممقر

ربع السرور عفا على الدنيا العفا

من بعد فقدك فهو محل مقفر

لا ابيض يوم في الزمان ولا زها

صبح ولا في الأفق نجم نير

لم أنس مذ حملته فتية غالب

والسبط حول سليله مستعبر

فبدت من الفسطاط زينب وهي بال

أرزاء عبرى والفواطم حسر

ولفقده ليلى تحن بليلها

وعيونها ترعى النجوم فتسهر

للكوكب الساري تقول مشيرة

والطرف منها شاخص متحير

أشبهت من ولدي محاسنه سوى

هو أكبر عندي وأنت الأصغر

لا فرق بينكما بكل مزية

لكن عنك جماله متعذر

إن كض مهجته الظما بقتاله

فبخده ماء الشبيبة يقطر

قد شاب بعدك مفرقي ونواظري

كالمعصرات عليك ماء تعصر

ندبت لك العلياء ولم تك برهة

عن ثورة الكمد المبرح تفتر

وانهد ركن المجد حزنا وانمحت

آثاره وفناؤه لا يعسر

لا أسعد الله الزمان فإنه

بمثال شخصك صرفه لا يظفر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد المحسن الحويزي

avatar

عبد المحسن الحويزي

العراق

poet-Abdul Mohsen_Al-Huwaizi@

62

قصيدة

2

الاقتباسات

0

متابعين

الشيخ عبد المحسن الحويزي (الخياط) هو عالم وأديب وشاعر، وُلِد في النجف الأشرف سنة 1287 هـ / 1870 م. يعود لقب "الحويزي" إلى جده الأعلى يوسف الذي هاجر من الحويزة ...

المزيد عن عبد المحسن الحويزي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة