الديوان » لبنان » عبد الحميد الرافعي » شنف بذكر مفاخر العربان

عدد الابيات : 38

طباعة

شنف بذكر مفاخر العربان

سمعي وأنعش خاطري وجناني

فحديث آباء الفتى ينشي به

عزماً كنفخ الروح في الجثمان

ولرب آثارٍ لهم تذكارهم

يهب الضمائر قوة الإيمان

هم منبع الدين القويم ومطلع النـ

ـور العظيم ومنجع اللهفان

تتفاخر الأجيال في أخبارهم

والشمس لا تحتاج للبرهان

والكون يزهر في مكارمهم وما

أدراك فعل الوابل الهتّان

أهل الشجاعة والبراعة والوفا

والصدق والإيثار والإحسان

جعلوا الممالك تحت ظل سيوفهم

متظللين ذوائب المران

واستقبلوا الزمن العبوس بأوجهٍ

غُرٍّ أضاءت غُرّة الأحيان

وتوطنوا رحب الفلا فتعلموا

سعة الصدور ورقة الغدران

خلقوا أُلي بأس ومن أخلاقهم

رعي الذمام ونصرة الجيران

تأبى قبول الضيم أنفسهم ولو

طاحت رؤوسهم عن الأبدان

والجود شنشنة متى ذكروا بها

خضع الوجود وأذعن الثقلان

بسطوا الأكف به فنالوا سؤدداً

عُقدت عليه خناصر الأعيان

وكفاهم شرفاً عظيماً أنهم

عربٌ ومنهم سيد الأكوان

قومٌ ترى نور البصيرة طافحاً

ما بينهم في الشيب والشبّان

ملكوا الفراسة والخفايا عندها

كالصبح جلت قدرة المنّان

سل عنهم الشعر البليغ كأنه

وحيٌ تنزل من عظيم الشان

وسل الفصاحة هل يضيء بغيرهم

إنسانها في العالم الإنساني

اتخذوا المفاخر حليةً بضيائها

سطع الوجود وأشرق الملوان

وتنافسوا بمحاسن اللغة التي

ألفاظها كالهيكل النوراني

لغةٌ بفضل جلالها وجمالها

شهدت شواهد محكم الفرقان

لغةٌ إذا أدركت سحر بيانها

أدركت معنى السحر في الأجفان

لغةٌ هي البحر الخضم وكيف لا

وبها مغاص الدر والمرجان

ضاق المجال على مبارى فضلها

فكأنما هو فوق رأس سنان

وغدا المفكر في دقائق سرّها

متضائلاً كالتائه الحيران

قل للأُلى جهلوا مكانتها وقد

كادوا لها في السر والإعلان

عاديتم ما تجهلون ولم يعب

قدر الورود كراهة الجعلان

واللَّه يأبى أن تُهان فبشّروا

من رام ذلتها بكل هوان

أم البلاغة لا عدمنا درّها

روح العقول وراحة الأذهان

للَّه ما أحلاك يا عربيتي

في ذوق أهل الذوق والعرفان

كل اللغات لديك يا لغة الهدى

خدمٌ وأنت مليكة الإيوان

ظلموك أهلك بالجفاء فأصبحوا

والكل يمشي مشية السرطان

لم يحفظوا لك ذمةً وتعلّقوا

بهوى السوى ورموك بالهجران

لو أتقنوا فيك العلوم لأدركوا

شأو العلى وعلَوا على الأقران

لكنهم غرّوا بغيرك حقبةً

من دهرهم والدهر ذو ألوان

حتى إذا انكشف الغطاء وأيقظت

مقل الرجال حوادث الأزمان

نهضوا وكلٌّ يستعيذ بربه

مما انتشى ويسبُّ بنت الحان

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحميد الرافعي

avatar

عبد الحميد الرافعي

لبنان

poet-Abdulhamid-Al-Rifai@

100

قصيدة

5

الاقتباسات

0

متابعين

عبد الحميد بن عبد الغني الرافعي الفاروقي (1851 - 1932) م. شاعرٌ وكاتبٌ وصحفيٌّ وسياسيٌّ لبناني، لُقِّب بـ"بلبل سورية"، وعُدّ من أعلام الأدب العربي في عصره. وُلد في مدينة طرابلس بلبنان يوم ...

المزيد عن عبد الحميد الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة