الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » لمن وقعة بالغرب ضعضعت الشرقا

عدد الابيات : 78

طباعة

لِمَنْ وَقْعَةٌ بالغَرْب ضَعْضَعَت الشَّرْقَا

أَراقَتْ نَجيعَ المَارِقِينَ فَما يَرْقَا

وَأَزْجَتْ مِن النَّقْعِ المُثَارِ سَحَائِباً

تَأَلَّقَ مَصْقُولُ الحَديدِ بِهَا بَرْقَا

مُطَبِّقَةً عَرْضَ البِلادِ وطُولَها

فَلا وَجْهَ إِلا واجَهَتْهُ وَلا أُفْقَا

كأنَّ شِيَاتِ البُلْقِ تَحْمِل شِرَّةً

لِقَلْبِيَ بلْ أوْضَاحُها تُشهِر البُلْقَا

تَطَاوَحَ فيها مَنْ بَغَى كَيْفَما انْبَغَى

وَحاقَ الرَّدَى إِلا بِمَنْ دَافَعَ الحَقَّا

فَمِنْ أَصْيَدٍ جيداً لفيهِ مُجَدَّلٍ

وَمِن أشْوسٍ طَرْفاً وَمنْ أهْرَتٍ شَدْقَا

أُسُودُ ولَكِنَّ الأُسُودَ حَقيقَةً

سُقاتُهُمُ صَرْفَ المَنِيةِ والزّنْقَا

أَدَارُوا عَلَيْهِم كُلَّ حَمْرَاءَ ضُمِّنَتْ

بَشَاشَةَ مَنْ يَسقِي وإِجهاشَ مَنْ يُسْقَى

عُصاةٌ أَطَاعَ اللَّهَ فيهِمْ مُبيرُهُم

فَحَصَّهُمُ قَدّاً وَعَنَّتَهُم دَقَّا

أَخامِسُ تَنمِيهِم زَنَاتَةُ لِلوَغَى

وحُقَّ عَلَى الأَغْصَانِ أَن تُشْبِه العِرْقَا

تَرَى بِهِم مِنْ قَامَةٍ واستِقامَةٍ

رُدَيْنِيَّةً ذُبْلا وهِنْدِيةً دُلْقَا

ومنْ عَجَبٍ أنْ ليْسَ تُعْديهُمُ الظُّبَى

فَما منْهُمُ مَنْ لانَ طَبْعاً وَلا رَقَّا

غِلاظٌ فِظَاظٌ ما لعُذْرَةَ عِذْرَةٌ

لَدَيْهِمْ إِذَا هُمْ أحْدَثوا مَوْتَهُم عِشْقَا

وَأَخْرَقُ خَلقِ اللَّهِ حتَّى إِذا رَدَوا

لِسَقي الرَّدى أَقْرَانَهُمْ بَهَروا حِذْقا

أتَتْهُمْ جُنودُ اللَّهِ تَصْمُدُ صَمْدَهُمْ

فَحَقَّ عَلَيْهِم صَبْحَةَ السَّبْتِ ما حَقَّا

دَنَتْ غَمَراتُ المَوْتِ منْ يغْمُرَاسِنٍ

فأَحْفَلَ كالخَرْقَاءِ يَعْتَسِفُ الخَرْقَا

وَمنْ خُبْثِهِ يَوْمَ الهياجِ سَليقَةً

تَسَلُّقُهُ مِنْ بَيْنِ آسَادِهِ سَلْقَا

رَمَاهُ فأَصْمَاهُ بِأَقحَافِ رَأسِهِ

إِمامُ هدىً لقَّى الضلالة ما لَقَّى

وأَعْدَمَهُ المُلكَ الذي اعْتَادَ غَضْبَهُ

فَرَاجَعَ تَحْتَ الذَّلَّةِ المِلْكَ والرِّقَّا

وواثقَهُ صَفْحاً وَمنْحا بِمَا غَدا

يُوثِّقُ الاسْتِمْسَاكَ بِالعُروَةِ الوُثْقَى

فَأَيْنَ الذِي كانَ ادَّعَى مِنْ زَعَامَةٍ

لِمَعْشرِهِ يَا شدَّ مَا اجْتَنَبَ الصِّدْقَا

قُصَارَاهُمُ أنْ خوَّدُوا في نَجَائِهمْ

رِئالا يَجوبونَ الشَّقيقَةَ والبَرْقَا

وَأَنْ لَفَظُوا حَتَّى السِّلاح تَخَفُّفا

فَكَمْ ذابِلٍ مُلْغىً وَكَمْ صارِمٍ مُلْقَى

لَعَمرِي لَقَدْ هانُوا وَكانُوا أَعِزَّةً

وَمَنْ ذا يُقَاوِي السُّمْر والبيض والزُّرْقَا

وفَرُّوا وَكانَ الكَرُّ مِنْهُم سَجِيَّةً

وَمَنْ ذا يُطيقُ الطَّعْنَ والضَّرْبَ والرَّشْقَا

بِأَرْجُلِهِم وَافَوا مَوارِدَ حَيْنهم

فَبُعْداً لَهُم بُعْداً وَسُحْقاً لَهُمْ سُحْقَا

وَمِنْ دُونِهم بِالسَّمْهَرِيةِ خَنْدقُوا

فَعَبَّدت الأَسْيافُ نَحْوَهُمُ طُرْقَا

وَفي الفَيلَقِ الجَرَّارِ جاؤُوا سَفاهَة

فَجَرَّ عَلَيهم ذَلِكَ الفَيلَقُ الفَلقَا

لَقَدْ خَسِروهَا صَفْقةً يَومَ فتَّحَت

عَلَيْهِم سُيوفُ الحَقِّ ما أَشَّبُوا صِفقَا

وقُطَّتْ بإِتْيانِ الجَرَائِمِ هامُهُمْ

نَكَالاً كَما قَطَّت يَدُ الجَارِمِ العِذْقَا

هُو اليوْمُ أَضْحَى مُكْفَهِراً عَصَبْصَباً

وأَمْسَى بِسِيمَا الفَتْحِ مُسْتَبْشِراً طَلْقَا

تَرَاكَمَ في جوِّ السَّماءِ عَجَاجُهُ

سَحَاباً هَمَتْ منْهُ دِمَاءُ العِدَى وَدْقَا

ومُدَّت بِحارٌ للحَديدِ فَلَمْ تَؤُلْ

إلَى الجَزْر إِلا وَالطغَاةُ بِهِ غَرْقَى

وَهَلْ سَكَنَتْ فَاسٌ وَسَبْتَةٌ بَعْدَهُ

أَم اصطَكَّتَا كالخَافِقِين لهُ خَفْقَا

لَقَدْ بَاتَ أَهْلُوها بِلَيْلَةِ مَاخِضٍ

وَقَدْ عَضَّلَتْ وَضْعاً وَمَا فَتَرَتْ طَلْقَا

وَهَلْ أَخَذَتْ رُومُ الجَزيرَةِ حِذْرَهَا

مِنَ الفَتْكَةِ النَّكْراءِ تَمْحَقُهُمْ مَحْقَا

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ العَوائِقَ دُونَهُم

قَلائِلُ فِي عُقْبَى إِبادَةِ مَنْ عَقَّا

وأَنْ سَوفَ يُرضِي اللَّه خاسِفُ أَرْضِهِم

بِكُلِّ صَدُوقِ البَأْسِ مُعْتَقِدٍ صِدْقَا

بِفَتْحِ تِلمسَانٍ علَى الشِّركِ عنْوَةً

أَشَقَّ بِحُكمِ القَسْرِ مِنْهُ علَى الأَشْقَى

أَحَاطَ بِها أَهْلُ الحِفَاظِ وأَحْدَقُوا

إِحاطَةَ أَنصَارِ النُّبُوَّةِ بِالبَلْقَا

وَشَدُّوا عَلَيها شَدّةً أَذْعَنُوا لَها

وَمِنْ عادَةِ الإِيمَانِ أَنْ يمحُوَ الفِسْقَا

مَسَاعِرُ حَرْبٍ يَرْكُضونَ إِلَى الوَغَى

مُقَابَلةَ الأَعْراقِ تُشْبِهُهُم عِتْقَا

إذا مَشَقُوا الأَقْرانَ أَبْقَتْ رِماحُهُمْ

فُوَيْقَ ثِيَابِ السَّرْدِ مَا يَصِفُ الشَّقَّا

كأَنَّ علَيهِم لِلعَوافي بِقَبْضِهِمْ

نُفوسَ عُدَاةِ الحَقِّ أَنْ يَبْسطُوا الرِّزْقَا

لَقُوها بِسَطوٍ فَضَّ أَغَلاقَها لَهُمْ

وَمَلَّكَهُم أَعْلاقَهَا الجدَّ والدِّقَّا

وَسَارُوا إِلَيْها واثِقِينَ بِفَتْحِها

كأَنَّ سَطِيحاً يُنْبئُ الجَيْشَ أَو شِقَّا

رَمَتْ للإمَامِ المُرْتَضَى بِقِيَادِها

فأَحْرَزَها عِلْقاً وأوْسَعَها عِتْقَا

سَلا عَنْ سَلا مذْ ظلَّها العَارِضُ الذِي

أَطَلَّ عَلَى مَرَّاكش يحْمِلُ الصعْقَا

وَأَسْرَفَ أَهْلوهَا مَعَاصِيَ أَوْبَقَت

فَما زَادَ أَنْ أَغْضَى حَنَاناً وأَنْ أَبْقَى

كَأَنَّ مَشيدَ السُّورِ شَاءَ انْهِدَادَهُ

ليظْفَر بالأَشْقَى عَلَى يَدِهِ الأَتْقَى

وَإِلا فَكَيفَ انْهَالَ مِنْ كُل جانِب

كَما انْهَالَت الكُثْبَانُ وانهَارَتْ الأَنْقَا

أَليْسَ الذِي رَدَّ القَنَابِل والقَنَا

وَما رَتَقَتْ فَتْقاً وَلا فَتقَتْ رَتْقَا

أَلا إنَّما الأَيْدُ الإلَهِي جَاءَها

فَلا شِقَّ إِلا انْهَدَّ بالهَوْلِ وانْشَقَّا

وَفَتَّح مِنْ أبْوابِها كُلَّ موصَدٍ

فَلا كِسْرَ إِلا انحَطَّ بِالصَوْلِ وانْفَقَّا

لأَلْسِنَةِ النِّيرَانِ فيها بَلاغَةٌ

وَإنْ هِيَ لَمْ تَفْهَمْ حُروفاً وَلا نُطْقَا

وَيا نَبْعَ أَمْواهِ الحَديدِ خِلالَها

بِما ضَاقَ عَنْهُ كُلَّ مُنْفَسِحٍ فَهْقَا

تَلاقَتْ بِها الأَضْدادُ دُونَ تَنَافُرٍ

ومَنْ أُعْطِيَ التَّوْفيقَ لَمْ يُمْنَعِ الوَفْقَا

أَحادِيثُ فَتْحٍ ضَمَّخَ الجوَّ طيبُها

فَمَا تَفْتأُ الآفَاقُ تُوسِعُهُ نَشْقَا

يُفَاخِرُ فيهِ السَّبتَ يَوْمُ عرْوبَة

وَما كانَ إِلا مِنْ نَتَائِجِهَا حَقَّا

تَنَاذَرتِ الصُّهْبُ السبَال وَحاذَرَت

وَقائِعَ في السودِ الكُبُودِ أَتَتْ نَسْقَا

يَبُثُّ هُناكَ السَّيْفُ للرُّمْحِ بَثَّهُ

فَتُبْصِرُ مُنْفلاً يُحادِثُ مُنْدَقَّا

دَرَوْا أَنَّ خَيْلَ اللَّهِ تَنْهَدُ نَحْوَهُم

لِتُوبِقَهُم قَتْلاً وتُوثِقَهُم رِبْقَا

وَتَغْزُوَهُمْ في عُقْرِ دَارِهمُ فَلا

تَرَى غَيْرَ عَقْرَى مِنْ كَتَائِبِهِمْ حَلْقَى

إذَا لَقِيَتْ أُسْدُ الغيَاضِ الرَّدَى فَقُل

ذِئَابُ الغَضَا مِنْ صَائِلِ البَأْسِ مَا تَلْقَى

تَبَارَكَ مَنْ أَحْيَا الدِّيَانَةَ والدُّنَى

لدَوْلَةِ يَحْيَى المُرْتَضَى وَهَدَى الخَلْقَا

وَأَطْلَعَ مِنْ أَبْنَائِهِ زُهْرَ أَنْجُم

يُنَافِسُ في أنْوارِها المَغْرِبُ الشَّرْقَا

تَلا زَكَرِياءَ الأميرُ مُحَمَّدٌ

وَبَرَّزَ إبْراهيمُ بَعْدَهُما سَبْقَا

وَجاءَ أَبُو بَكْرٍ أَخِيراً بِأَوَّلٍ

مِنَ الفَضْلِ يَسْتَوْلِي علَى شَأْوِهِمْ لحْقَا

كَفَاهُ وَلِيّ لِعَهْد كَافِي أَبِيهِمُ

فَمِنْ باسِلٍ ذِمرٍ يَلِي بَاسِلاً دَرْقَا

نَرَاهُ بِهمْ في كلِّ غَيْبٍ ومَشْهَدٍ

رَغَائِبَ تُعْطَى أَوْ ضَرَائِبَ لا تُعْقَى

هُمُ وَصَّفُوه العَزْمَ والحَزْمَ والتُّقَى

وَهُم وَرَّثُوهُ الهَدْيَ والخُلْقَ والخَلْقَا

إِمامٌ حَوَى فَضلَ الأَئِمَّةِ قَبْلَهُ

وزَادَ إلَيْهِ العِلْمَ والحِلْمَ والرِّفْقَا

إِلَى العَدْلِ والإِحْسَانِ يَهْدِي ويَهْتَدِي

فَتَأتَمُّ بالفَارُوقِ منْهُ ولا فَرْقَا

تَسَمَّى بلَفظٍ لِلْحَيَاةِ ولِلْحَيَا

فَيَا شَرَفَ اسْمٍ منْهُما صِيغَ واشْتُقَّا

تَسُحُّ النَّدَى عَذْباً فُرَاتاً يَمِينُهُ

لِعَافِيهِ لا مِلحاً أُجَاجاً وَلا طَرْقَا

فَهَنَّأتِ الأَيَّامُ أَوْبَةَ غَانِمٍ

أَطَلَّ كَوَبْلِ الغَيْثِ أصْبَحَ يُسْتَسْقَى

وآلَتْ علَى الدِّينِ الحَنيفِ إيَالَةً

سَمَا الحقُّ فيها مَظْهَراً والهُدَى مَرْقَى

وَلا زَالَت الدنْيا بجَدْوَاهُ رَوْضَةً

وأبْنَاؤُها تَشْدُو بأمْدَاحِهِ وُرْقَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

39

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة