الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ما صيد قلبك إلا بابنة الكلل

عدد الابيات : 50

طباعة

ما صِيدَ قلبُك إلّا باِبنةِ الكِلَلِ

وكم نجا النَّبلَ مَن لم ينجُ من مُقَلِ

دعتْ هوايَ إليها فاِستَجاب لها

غنيّةٌ عن سوادِ الكُحلِ بالكَحَلِ

بيضاءُ تفضح صبحَ اللّيلِ إنْ نشرتْ

ذُؤابةً في فروع الفاحمِ الرَّجِلِ

وَلَو رأتْ وجهَها شمسُ النّهارِ وقدْ

ألْقَتْ معارجها غابتْ من الخَجلِ

وَلَم يَطُر بِيَ لولا حبُّها غَزَلٌ

فساقني حسنُها كرهاً إلى الغَزَلِ

فلو رآها عذولٌ تاب معتذراً

من أنْ يعود إلى شيءٍ من العَذَلِ

مرّتْ بنا وفؤادي لِي فما برحتْ

حتّى كأنّ فؤادي قطُّ لم يكُ لِي

وزارني طيفُها وَهْناً فأَوْهمني

زيارةً كنتُ أرجوها فلم أَنَلِ

هي الزّيارةُ معسولاً تطعُّمُها

وليسَ فيها لنا شيءٌ من العَسَلِ

لو كان طيفُك أوْلانا زيارَته

على الحقيقةِ ما ولَّى على عَجَلِ

عَطِيّةُ النومِ مَنعٌ لا اِنتِفاعَ بها

للعاشقين وجودُ الطّيف كالبُخُلِ

فَكيفَ جِئتِ إلينا غيرَ سائرةٍ

على جوادٍ ولا حِدْجٍ على جملِ

وَكيفَ لَم توقِظي صحبي وقد هجعوا

برنّةِ الحَليِ أوْ مِن فَغْمَةِ الحُلَلِ

قد قلتُ للرّكب حثّوا كلَّ سَلْهَبَةٍ

جَرْداءَ أو جَسْرَةٍ من أينُقٍ بُزُلِ

في مَهْمَهٍ لا ترى فيه لناجيةٍ

في ظهرها الكُورُ غيرَ الشدِّ والرَّحَلِ

حُطّوا بعَقْوَةِ ركنِ الدّين واِبتَهِجوا

بالمَنهلِ العَذْبِ أو في المنبَتِ الخَضِلِ

حيثُ الملوك ملوكُ الأرض خاشعةٌ

لمالك الأرضِ والأعناقِ والدُّوَلِ

وجانبٌ تُنهبُ الأموالُ فيه فما

يرضى لمن أمّل الأموالَ بالأملِ

ومطرحٌ ليس فيه للملامِ يدٌ

ولا معابٌ لتفصيلٍ ولا جُمَلِ

ما فيهِ إلّا صريحٌ أو علانيةٌ

بالاِتّفاقِ ولا صلحٌ على دَخَلِ

كم موقفٍ ثمَّ فيه ليس محتكمٌ

غيرَ الصّوارمِ والخطّيّةِ الذّبلِ

حيث النّجاءُ مَروقٌ كفُّ طالبه

ومَوْقِدُ الحربِ يرمي القومَ بالشُّعَلِ

شهدتَه بجَنانٍ ما ألَمَّ به

ذعرٌ ولا مسّه مسٌّ من الوَجَلِ

ثَبْت المقامة في دحضٍ مزالقُه

لو زالتِ الصُّمُّ يوماً عنه لم يزُلِ

وأنتَ في ظهر ملطومٍ بغرّته

كأنّه شِدّةً قَدْ قُدَّ مِن جَبَلِ

لا يعرف الطَيشَ في سِلْمٍ وممتلئاً

في ساعة الرَّوع ممّا شئتَ من خَبَلِ

مُحَكَّمٌ فيه أنّى شاء فارسه

للرّيث إنْ رامه طوراً وللعَجَلِ

فقل لمن شكّ جهلاً في شجاعته

وإنّه قانصٌ نفسَ الفتى البَطَلِ

من أين تحكم إِلّا في يديه ظُباً

يوم الكريهة في الأجسام والقُلَلِ

أَوْ مَن سواه تروّى فتقَ طعنتِه

نحرَ المدجّجِ طمآناً من الأَسَلِ

مَن عالج الملك لولاه وقد طرأتْ

على ضواحيه صعباتٌ من العِلَلِ

مَن راشَهُ بعد أنْ حُصَّتْ قَوادِمُهُ

مَن صانه وهو في أظفارِ مبتذلِ

مَن ذبّ عنه ببيصٍ ما عَرفن وقد

سُلِلْن في نصره عَوْداً إلى الخِلَلِ

مَن ردّ عنه نيوباً للخطوب وقد

هَفَوْن بالرّأي أو برّحْن بالحِيَلِ

مَن كفّ أيدِيَ أقوامٍ به عبثوا

وردّهنّ بما يكرهن من شَلَلِ

لا تحسبنّي كأقوامٍ خبرتَهمُ

قيدوا بأرشيةِ النَّعماءِ والنَّفَلِ

بلا قرارٍ على دارٍ يحلّ بها

ولا مقامٍ على شيءٍ من السُّبُلِ

فإنّني لك صافٍ غيرُ ذي كَدَرٍ

وواردٌ منك عِدّاً غيرَ ذي وَشَلِ

وإنْ تبدّل قومٌ عنك واِنتَقلوا

فليس لِي منك عُمْرَ الدّهرِ من بَدَلِ

وإنْ يحولوا ويَضحَوا غيرَ مَن عهدوا

فإنّني لم يَزُلْ ودّي ولم يَحُلِ

وإنْ يُمَلّوا وما مُلَّ الجميلُ بهمْ

فإنّني مُعتَقٌ من رِبْقَةِ المَلَلِ

خوّلتنِي منك إكراماً يُخَيَّل لِي

أنّ الأنامَ لما خوّلتني خَوَلي

وما جذلتُ لشيء في الزّمان وقدْ

أَسحبتني باِجتبائي حُلَّةَ الجَذَلِ

فإنْ وردتُ زلالاً غبَّ معطشةٍ

ففي ولائك عَلِّي اليومَ أو نَهَلِي

ومذْ وصلتُك دون النّاس كلّهم

فقد قطعتُ على خُبْرٍ بهمْ وُصُلِي

ومذْ جعلتُ لظهري منك مستَنَداً

غَنِيتُ عن أَكَمِ القِيعانِ بالجبلِ

فَاِسعَدْ بذا العيد وليمضِ الصّيامُ فقد

أثنى عليك بخير القولِ والعملِ

يمضي بلا هفوةٍ في عرضه مرقتْ

ولا عثارٍ ولا شيءٍ من الزَّلَلِ

وعشْ مُوَقّىً خطوبَ الدّهرِ محتمياً

عمادُ عزّك عن ثلمٍ وعن مَيَلِ

وثوبُ فخرك لا يُطوى على شَعَثٍ

وشمسُ ملكك لا تُدني إلى طَفَلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

80

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة