الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » لم يبق لي بعد المشيب تصابي

عدد الابيات : 61

طباعة

لَم يَبقَ لي بَعدَ المَشيب تَصابي

ذَهَبَ الشّباب وَبعده أَطرابي

فَالآنَ ما أَرجو وِصالَ خَريدَةٍ

يَوماً وَلا أَخشى صُدودَ كعابِ

يا صاحِبي قَد عادَ عَذلكَ ظاهراً

فالشّيبُ أعذلُ منك في أحبابِي

قَد نابَتِ الخَمسون والسّبع الّتي

لِي بَعدها في العذلِ عن أصحابِي

فَلَربّما حابى العَذول فلم يلُمْ

وَالشّيبُ في الفَوْدَين لَيس يحابي

لا تخشَ منّي أن أنقّبَ عَن هَوى ال

بيض الأوانس والمشيبُ نِقابي

بَلَغَ المَشيب مآرباً ومآرباً

مِنّي وَلم أبلغ به آرابي

وَرَجوتُ منهُ شِفاءَ داءٍ كامنٍ

فَاِزدَدته وَصَباً إلى أوصابي

قد كان شافِعِيَ الشّباب إلى الدُّمى

والشيبُ بعد فراقِه أغرى بي

فَرباعهنّ سِوى رباعِيَ في الهوى

وجنابهنّ هناك غيرُ جنابي

ولقد عَمَرتُ مراسلاً من قبلهِ

فأعاد لي رُسُلي بغير جوابِ

لا ذَنبَ عندي منه إلّا أنّهُ

كان السّفير لفرقةِ الأحبابِ

وَلَقَد عَتبت على الّتي صَرَمَتْ وقد

وَصل المشيبُ وما أفاد عتابي

يا جَملُ كَيف نزعتِ حبلَكِ من يدي

لمّا نزعتُ منَ الصِّبا أثوابي

فَقَطعتِ وَصلكِ لا لجرمٍ كان لِي

وَإِلى وصالكِ جيئتي وذهابي

ساقَ الّذي بَعَثَ النّوى قَلبي كما

ساق الحُدَاةُ ضُحىً بِطاءَ رِكابِ

فَمَتى سَألتَ عَنِ الفُؤادِ فَإِنّهُ

قَد سارَ بَينَ هوادجٍ وقِبابِ

يا طالِباً يَجتابُ كلَّ تنوفةٍ

تُدمي ظهورَ العيس خيرَ جنابِ

والشمسُ في الجوزاء راميةٌ إلى

تلك المرامي كلِّها بلُعابِ

عُجْ بالوزير أبي المعالي أيْنُقِي

وَاِجعَلْ إِليه غَيبتي وإيابي

وَاِقطَعْ بهِ كَي لا أسافرَ أنسُعي

وَاِعقِرْ لَه كي لا أريمَ رِكابي

فَهوَ الّذي قَد كنتُ عُمري أَبتغي

وَأَرومُ مُقترحاً على أنصابي

وَإِذا بَلغن بِيَ المُنى موفورةً

فشعابُ غيرِ المُدلجِين شعابي

لِي مِن وِدادك وَاِصطِفائك رتبةٌ

حُبٌّ أتِيهُ بهِ على أَحبابي

وَإِذا ملأتَ منَ الثناءِ مَسامِعي

فَكأَن ملأْتَ منَ الثّراءِ عِيابِي

وإذا رضيتَ فقد حظيتُ فإنّني

أرضى بأن ترضى وذاك طِلابِي

لِي كلَّ يومٍ من جميلك مِنّةٌ

غرّاءُ تأتينِي وتقرعُ بابي

وكرامةٌ لم يدنُ منها مُكْرِمٌ

عَبقتْ بها دونَ الأنامِ ثِيابي

كرّمتَني فملكت منّي رِبْقَةً

تَأبى اِنعِتاقاً يومَ عِتْقِ رِقابِ

وَتَركتنِي وقْفاً عليكَ إِقامتِي

وإلى ديارِك موئِلِي ومآبي

كم لي إليك شفاعةٌ مقبولةٌ

ونداءُ مسموعِ النّداءِ مُجابِ

فمتى أردتُ جعلتُ قولي رائداً

في نيل موهبةٍ وصرفِ عِقابِ

فلقد كُفيتُ وفي يديك مَعونَتي

وَلَقد غَلبتُ وأنتَ مِن أَحزابي

وَمَتى ضَحيتُ ففي ذراك أظِلَّتي

وإذا ظمِئتُ فمِنْ نَداك شرابي

وأنا الّذي لك بالولاءِ مواصلٌ

فَاِغفِرْ لذاك زيارةَ الإِغْبابِ

سَلْ عَن بَسالتِهِ خفاجَةَ والظّبا

في راحتيهِ تُعطّ كلَّ إهابِ

والطّعن يَثني كلَّ من شابتْ له

تلك المفارق من دمٍ بخِضابِ

وَتَوهّموا جَهلاً بأنّكَ كالأُلى

شُلُّوا بأرماحٍ لهمْ وحِرابِ

حتّى رأَوْكَ مُصمّماً فَتَساهموا

طُرقَ الفِرارِ بقفرةٍ كذئابِ

شَرّدتهمْ فخيامُهم منبوذةٌ

مِن غير إعمادٍ ولا إطنابِ

وسلبتَ أنفسَهمْ ولم تحفلْ بما

أبقتْ مصارعُهمْ من الأَسلابِ

للَّه درُّ شجاعةٍ بكَ أَمكنتْ

نَصْلَ الأعاجمِ من طُلى الأعرابِ

ولقد لَفَفْتَهُمُ بهمْ فكأنّما

حَضَّضْتَ بين ضراغمٍ في غابِ

واليومَ لا يُنجيكَ من أَهوالِهِ

إلّا الطّعانُ وصدقُ كلِّ ضِرابِ

فالضَّربُ في هاماتهمْ منثورةٌ

فوق الثّرى والطّعن في الأَقرابِ

هدرتْ زماناً بالفرات فحولُهمْ

فَاليومَ ما فيهمْ طَنينُ ذُبابِ

أَمَّا بنو عبد الرّحيمِ فإنّهم

حدُّ الرَّجاء وغايةُ الطلابِ

لَم يَسكنوا إلّا القِلالَ وَلَم يُرَوْا

والنَّجم إلّا في رُؤوس هِضابِ

ما فيهمُ إلّا النّجيبُ لأنّه الْ

بيتُ المليءُ بكثرِة الأَنجابِ

القائِلين الفصْلَ يَومَ تخاصمٍ

وَالواهِبين الجَزْلَ يومَ رِغابِ

وَمُزاحِمين لَهم على راياتِهمْ

رَجعوا وَقد نكصوا على الأعقابِ

لَن يصلحوا قُرُباً لصونِ سُيوفهمْ

وهُمُ السّيوفُ لنا بغيرِ قرابِ

لا خيرَ في أسلٍ بغير عواملٍ

فينا ولا سيفٍ بغير ذُبابِ

ليس الرّياسة بالمُنى أو بالهوى

لكنّها بركوب كلّ صِعابِ

لا تقربوا بذئابكمْ طَلَعاً عن ال

نسَلانِ والعَسَلانِ ليثَ الغابِ

وَإِذا الجِيادُ جَرينَ لم تَحفلْ وقد

عَنَّ التسابقُ بِالهجينِ الكابي

وَصوارمُ الأسيافِ عند ضريبةٍ

ما كنّ يوماً كالكليل النابي

خُذها فَإِنْ بُقّيتُ شيئاً آنفا

تسمعْ لها ما شئْتَ من أَترابِ

وَاِسمَعْ كَلاماً لم يُحَكْ شِبْهٌ له

ملآنَ بالإحسانِ والإطرابِ

روضاً ولكنْ ليس يجنِي زَهرَه

إِلّا يمينُك مالكَ الآدابِ

وَإِذا المَسامعُ أنصفتْ لَم تَنتقصْ

إِلّا كَلامِي وحدَه وخطابي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

79

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة