الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ألا هل أتاها كيف حزني بعدها

عدد الابيات : 47

طباعة

ألا هلْ أتاها كيف حُزنِيَ بعدها

وأنّ دموعي لست أملك رَدّها

تفيض على عينٍ مَرى الوجدُ ماءَها

ولم تستطعْ أنْ يغلِبَ الصَّبرُ وجدَها

غزيرةُ أنواءِ الجفونِ كأنّها

تناهتْ إلى بعض البِحار فمدّها

وقد كنتُ من قبل الفراق أهابهُ

كما هابَ ظِلمانُ الصّريمةِ أُسْدَها

وأُشفِقُ ممّا لا محالةَ واقعٌ

وهلْ للمنايا قادرٌ أن يردّها

كأنّيَ لمّا أنْ سمعتُ نعيَّها

أناخ على الأحشاءِ فارٍ فقدّها

وَلَم أَستطعْ في رُزْئِها عَطَّ مُهجتِي

وأجللتُه عن أنْ أُمزِّق بُردَها

وَممّا شَجاني أنّنِي لَم أَجد لَها

عَلى خِبرَتي شَيئاً يهوّن فقْدَها

وَأنِّيَ لمّا أَن قَضى اللَّهُ هُلْكَها

على قلبيَ المَحزون بُقّيتُ بَعْدَها

حَنى يَومُها الغادي كهولَ عَشيرتي

عَلى جَلَدٍ فيهمْ وشيّبَ مُرْدَها

وحطَّ الرّجالَ الشُمَّ مِن كلِّ شامخٍ

يُلاقون بِالأيدي منَ الأرضِ جِلْدَها

وَقَلّص عَنها العزّ ما فُدِحتْ به

فتحسبُ مولاها من الذلِّ عبدَها

فكم كَبدٍ حرّى تقطّع حسرةً

وكم عبرة قد أقرح الدّمعُ خدَّها

حرامٌ وقد غُيّبتِ عنِّيَ أنْ أرى

مِنَ الخلقِ إلّا نَظرةً لن أودَّها

وَسِيّانِ عندي أنْ حَبَتني خريدةٌ

بوصلٍ يُرجّى أو حَبَتْنِيَ صدَّها

وهيهات أن أُلفى أُرقّحُ صَرْمةً

وأطلبُ من دار المعيشةِ رَغْدَها

وَمِن أَينَ لي في غيرها عِوَضٌ بها

وقد أحرزتْ سُبْلَ الفضائلِ وحدَها

أُسامُ التسلِّي وهو عنِّي بمعزِلٍ

وكيف تُسامُ النّفسُ ما ليس عندها

وَبَينَ ضُلوعي يا عَذول نوافدٌ

أَبى العَذْلُ وَالتأنيبُ لِي أنْ يسدّها

وَودّي بأَنّ اللَّه يَومَ اِختِرامها

تخرّم من جنبيَّ ما حاز وُدّها

وَإنِّيَ لَمّا غالَها الموتُ غالني

فَبُعداً لِنَفسي إِذْ قَضى اللَّه بُعدَها

أَفي كلِّ يومٍ أيّها الدّهرُ نكبةٌ

تكدُّ حيازيمي فأحمل كدَّها

بلغتُ أشُدِّي لا بلغتُ وجزتُهُ

وَأعجلتها من أنْ تجوزَ أشُدَّها

ففزتُ بأَسنى ما حَوَتْهُ رواجبِي

وجاوزت في أمِّ المصيباتِ حدَّها

فَيا قَلب لِمْ أنت الجليدُ كأنّما

تحادثك الأطماعُ أنْ تستردّها

وما كنتُ أهوى أنّك اليومَ صابرٌ

ويدعوك فتيانُ العشيرةِ جَلْدَها

أَليسَ فِراقاً لا تلاقِيَ بعدَه

وغيبةَ سَفْرٍ لا يرجّون وفْدَها

أَلا فَاِلبَس الأحزانَ لبسةَ قانعٍ

بأثوابه لا يبتغِي أن يُجدَّها

وَصمَّ عنِ المغرينَ بالصّبرِ إنّهمْ

يطفّون ناراً ألْهبَ اللّه وقْدَها

وقبلكَ ما نال الزّمانُ مُعلَّقاً

بِأَجبالِ رَضْوى يرتعِي ثَمّ مَرْدَها

تواعَدَ في شمّاءَ يرقُبُ مُزْنَةً

تصوبُ عليه أعذبَ اللّهُ وِردَها

وَتَلقاهُ خِلْواً لا يطالع رِيبةً

ولا يتّقِي خِطْءَ اللَّيالِي وعَمْدَها

وداءُ الرّدى أفنى ظباءَ سُوَيقةٍ

وطيّر عن أجزاعِ تَدْمُرَ رُبْدَها

وأفضى إلى حُجْبِ الملوكِ وَلَم يَخفْ

شَباها ولم يرقُبْ هنالك حَشْدَها

يَسيرُ إِلَيها كلَّ يومٍ وليلةٍ

على مَهَلٍ منه فيسبقُ شَدَّها

وَكم عُصبةٍ باتتْ بظلٍّ سعادةٍ

تخطّفها أو أولج النّحْس سَعدها

وَهَدّمها مَنْ كان شاد بناءَها

وجرّدَها مَن كان أحكمَ غِمْدَها

سلامٌ على أرضِ الطّفوف ورحمةٌ

مَرى اللَّهُ سُقياها وأضرمَ زَنْدَها

ولا عَدِمتْ في كلِّ يومٍ وليلةٍ

حفائرُها من جنّةِ اللّهِ رِفْدَها

فَكَمْ ثَمَّ مِن أَشلاءِ قومٍ أعدَّها

لِيُعطِيَها ما تبتغي مَنْ أعدّها

وَللّهِ مِنها حفرةٌ جئتُ طائعاً

فأودعتُ دينِي ثُمَّ دنيايَ لَحْدَها

وولّيتُ عنها أنفضُ التّربَ عن يدٍ

نفضتُ ترابَ القبرِ عنها وزندَها

ولم يُسلِني شَيءٌ سِوى أنّ جارتِي

قَضى اللَّه بَعدِي أن تجاور جَدّها

وإنِّيَ لمّا أنْ شققتُ ضريحَها

إِزاءَ شهيد اللّه أَنجزت وعْدَها

وَكيفَ تَخافُ السّوءَ يومَ حسابها

وَقَد جعلتْ من أجنُدِ اللَّهِ جُندَها

وَتُمسِك في يومِ القيامةِ منهمُ

بُحجْزَةِ قومٍ لا يُبالون حدَّها

يَقونَ الّذي وَالاهُمُ اليومَ حَرَّها

ويُعطونَه عفواً كما شاءَ بَرْدها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

89

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة