الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ما في السلو لنا نصيب يطلب

عدد الابيات : 53

طباعة

ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ

الحُزن أقهر والمصيبة أغلبُ

لكِ يا رزّيةُ في فؤادِيَ زفرةٌ

لا تُستطاع ومن جفونيَ صَيِّبُ

قد كان عيباً أن جرى لِيَ مدمعٌ

فاليوم إن لم يجرِ دمعٌ أعيبُ

وَلَطَالَما كان الحزين مؤنّبا

فالآن مُدّرع العَزاء مؤنَّبُ

طَرَقتْ أَميرَ المؤمنين رزيّةٌ

والرُّزْءُ فينا طارقٌ لا يُحْجَبُ

لَم يَنجُ منها شامخٌ مترفِّعٌ

أو مدخلٌ مُتَمَنّعٌ مُتَصَعَّبُ

لو كان يُدفع مثلُها ببسالةٍ

لحمى عواليها الكماةُ الغُلَّبُ

الضّاربون الهامَ في رَهَج الوغى

والسُّمْرُ تُلطخ بالنّجيع وتُخضَبُ

وَالهاجِمونَ على المنيَّة دارَها

وَقُلوبُهم كالصَّخرِ لا تتهيَّبُ

قَومٌ إِذا حَملوا القنا وَتَنمّروا

رَكِبوا مِنَ العَزّاء ما لا يُركبُ

أَو أَقدموا في معركٍ لم ينكصوا

أو غالبوا في مَبْرَكٍ لم يُغلبوا

رُزءٌ بمُفتَقَدٍ أَرانا فقدُه

أنَّ العُلا والمجدَ قَفْرٌ سَبْسَبُ

وَالأرضُ بعدَ نضارةٍ ما إن لها

إِلّا الأَديمُ المقشعرُّ المُجدِبُ

والنّاس إمّا واجمٌ متخشِّعٌ

أو ذاهلٌ خلع الحِجى مُتَسَلّبُ

إِن يَمضِ مقتبِل الشّباب فإنّه

نالَ الفَضائلَ لَم يَنلْها الأَشيبُ

ورعٌ نبا عنهُ الرّجال وعفّةٌ

لم يَستطعها النّاسك المتجنِّبُ

قُلنا وَقَد عالوهُ فَوق سريرِه

يَطفو عَلى قُلل الرّجال ويرسُبُ

وَوَراءَه الشُمُّ الكرامُ فناشِجٌ

يُذرِي مدامعه وآخرُ يندُبُ

مَن ذا لَوى هَذا الهمام إِلى الرّدى

فأطاعه أم كيف قيد المُصْعَبُ

صَبراً أَميرَ المؤمنينَ فَلَم نَزلْ

بالصّبر من آدابكم نتأدّبُ

أَنتُم أَمَرتم بِالسُّلوّ عن الرّدى

وَأَريتمُ في الخطبِ أَين المذهبُ

وَرَكِبتمُ أَثباجَ كلّ عَظيمةٍ

إذ قلّ ركّابٌ وعزّ المركبُ

ووردتُمُ الغَمراتِ في ظلّ القنا

والطّعن في حافاتها يتلهّبُ

حوشيتُم أن تُنقصوا أنوارَكم

أو تُبخسوا من حظّكم أو تُنكبوا

وَإِذا بَقيتم سالِمينَ منَ الأذى

فَدَعوا الأذى في غَيركم يتقلّبُ

شاطَرتَ دَهرك واجداً عن واجدٍ

فَغَلبتهُ والدّهرُ غيرَك يغلبُ

ما ضَرّنا وَسُيوفنا مَشحوذةٌ

مَصقولةٌ إِن فلَّ منها المِضربُ

وَالشَمسُ أَنتَ مُقيمةً في أُفقها

وَهُدىً لَنا مِن كُلّ شَمسٍ كَوكَبُ

وَإِذا البحورُ بَقينَ فينا مِنكُمُ

مَملوءةً فدعِ المذانبَ تنضُبُ

وَلَئِن وَهى بِالرُّزءِ منّا منكبٌ

فَلَقد نَجا مِن ذاكَ فينا منكِبُ

نَجمانِ هَذا طالِعٌ إِيماضه

مَلأ العيونَ وذاك عنّا يغرُبُ

أَو نِعمتانِ فَهذهِ مَتروكةٌ

مذخورة أبداً وأُخرى تُسلبُ

أَصلٌ لهُ غُصنانِ هذا ذابِلٌ

ذاوٍ وهذا ناضرٌ متشعّبُ

أَو صَعْدةٌ فُجِعَتْ ببعض كُعوبها

ولها كعوبٌ بعد ذاك وأكعُبُ

أَو أَجدَلٌ ما سُلّ منه مِخْلَبٌ

فَاِجتُثَّ إلّا ناب عنه مِخلَبُ

ماذا التنافسُ في البقاءِ وَإِنّما

هُوَ عارِضٌ ماضٍ وبرقٌ خُلَّبُ

ذاقَ الحِمامَ مبذّرٌ ومُقتّرٌ

وَأَتى إليه مبغضٌ ومحبّبُ

فَمُعجّلٌ لحمامهِ ومؤجّلٌ

وَمُشرّقٌ بِطلوعهِ ومغرّبُ

وَنُعاتبُ الأيّامَ في فُرُطاتها

لكنْ نُعاتب سادراً لا يُعتبُ

لا نافعٌ إلّا وَمنهُ ضائرٌ

أَو مرغبٌ إلّا وَفيه مُرهِبُ

وَمَتى صَفا خلل الحوادِث مشربٌ

عَذبٌ تكدّر عن قليلٍ مشربُ

فَخراً بَني عمّ الرّسول فأنتُمُ

أَزكى المَغارس في الأنام وأطيبُ

إِرثُ النبيِّ لَكم ودار مُقامِهِ

والوحْيُ يُتلى بينكم أو يُكتبُ

والبُرْدُ فيكم وَالقضيبُ وَأَنتمُ الْ

أَدنَوْن من أغصانه والأقربُ

وأبوكُمُ سقّى الأنامَ بسجْلَهِ

وَأَحلّه والعام عامٌ مُجدبُ

خُتمت خِلافته بكمْ وعليكُمُ

إشرافُها أبدَ الزَّمان مطنَّبُ

هِي هَضْبةٌ لَولاكمُ لا تُرتَقى

أَو صَعبةٌ بِسواكمُ لا تُركبُ

حَكمَ الإِلهُ بِأنّها خِلَعٌ لكمْ

لا تُنْتضى وبَنيَّةٌ لا تُخربُ

كَم طامِعٍ مِن غَيرِكمْ في نيلها

فَرَقتْ مفارِقَه السّيوف الوُثَّبُ

وَمُؤمّلين وُلوجَ بَعضِ شِعابها

لَم يَبلُغوا ذاكَ الرّجاءَ وخُيّبوا

جِئناك نَمتاحُ العَزاء فَهَب لنا

مِنكَ العَزاءَ فَمِثلُ ذَلكَ يوهبُ

وَاِرفُقْ بِقَلبٍ حاملٍ ثِقلَ الورى

وَالكَلْمُ يؤْسى والمضايقُ تَرحُبُ

وَاِسلُكْ بِنا سُبُلَ السلُوّ فإنّنا

بِكَ نَقتَدي وَإِلى طريقك نذهبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

80

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة