الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » منازلنا التي لبست بلاها

عدد الابيات : 53

طباعة

مَنازِلُنا التي لَبِسَت بِلاَها

وحاَلت بَعدَ نُضرَتِها حِلاَها

خَطَتكِ رِكابُنا لحُلولِ خَطبٍ

أناخَ على رُباكِ فما خَطَاها

مَنحنَاها القِلَى كُرهاً ولَولا

صُروفُ الدَّهرِ لم نَختَر قِلاها

يَميلُ بنا الهَوى طَرَباً إليها

فنَبكِيها ونَسعَدُ من بُكاها

تَلقَّاها الزَّمانُ بخَفْضٍ عَيشٍ

وعاودَها السُّرورُ كما بَدَاها

نَقولُ لها سَقاها الغيثُ رَيّاً

وقلَّ لها مَقالُتنا سَقَاها

قُصورٌ حَلَّقَت في الجوِّ حتّى

لقَصَّرَتِ الكَواكِبُ عن مَداها

مُشَرَّفةٌ كأنَّ بَناتِ نَعشٍ

تُناجيها إذا خَفقَت شِفاها

يُتَوِّجُها اصفرارُ الشمسِ تِبراً

فَتُمْسِي وَهيَ مُذْهَبةٌ ذُراها

وجَنَّاتٌ يحيِّي الشَّربَ وَهناً

جَنَى وَهَدَاتِها وجَنَى ربُاها

مُصَنْدَلةُ الثَّرى والريحُ تَأْبَى

غرائبَ حُسنِها إلا اشتَباها

إذا رَكَدَ الهواءُ علَت نسيماً

وإن فُقِدَ الغَمَامُ طَغَتْ مِياها

تَفرَّجَ وَشيُها عَن ماءِ وَردٍ

يَفيضُ على لآلٍ من حَصاها

إذا صلَّتْ بها أوقاتُ فَرضٍ

جِباهُ الشَّربِ عَطَّرتِ الجِباها

وذائدةٍ دموعَ العَينِ صَفواً

إذا باتَت تُرَقرِقُ في صَفاها

تُعانِقُ رِيحُها لِمَمَ الخُزامى

وأعناقَ القَرَنْفُلِ في سُراها

ويَأبى زَهرُها إلاّ هُجوعاً

ويأبَى عَرفُها إلا انتباها

قَرَاها الدَّهرُ بُؤسَى واقشَعَّرتْ

مَغانِيها الحِسانُ كما قَراهَا

ذَوَتْ أشجارُها الغِيدُ اللَّواتي

إذا عَبثَ النَّسيِمُ بها ثَناها

وقد مَرِيَ الحَمامُ بها وكانت

على الأفنانِ لا يُغني مَراها

كأنْ لم تَغْنَ عَرصَتُها بخُضرٍ

يُقَيِّدُ لَحْظَ مُبصِرها غِناها

ترقْرَقُ في نَواظِرها دُموعٌ

أحَبُّ إلى النَّواظرِ من كَراها

وساقيةٍ كأنَّ الريحُ ساقَت

إليها الخوفَ فارتعَدَت حشَاها

إذا نَظمَ الشَّقائقُ جَانِبَيها

أَرَتكَ صفائحاً دُمِيَت ظُباها

عفَت منَّا السُّوَيقةُ فالمُصلَّى

فمُشرِقةُ المِياه فمُلتقاها

ملاعبُ لو جُلِينَ غَداةَ دَجْنٍ

على النُّعمانِ آثر مُجتلاها

يُجلِّلُ رِيحُها الرِّيحانَ حسرَى

مُعَنبرةَ الهُبوبِ وهَتْ قُواها

وتَقصِدُ أو تَجوُرُ بها سواقٍ

كحيَّاتِ الرِّمالِ عَصَت رُقَاها

وتَبتسمُ القِبابُ البِيضُ منها

على خَضراءَ مُحمرٍّ جَناها

على جرعاءَ مَيثَاءَ النَّواحي

يُلبِّدُ نَقْعَ تُربتِها نَداها

تُساقُ إلى أصائِلها النَّدامَى

فتُنسِيهم أصائلُها ضُحَاها

تراءَت من كِفاحِ الدَّهرِ غُبراً

كأنَّ عِجاجَ حُومتِها عَلاها

فما لِنَعيمِها انفضمَت عُراها

وما لرِياضِها حَسَرت كُساها

وما لرياحها العَطِراتِ ردَّت

رِداءَ الحِلمِ وادَّرَعت سَفاها

أَحِينَ أَظلَّها سِلمُ اللَّيالي

وقُلنا قد تجَنَّبَها أَذاها

رمَاها بالتي عَظُمت ولكِن

أصابَ قلوبَنا لمّا رَماها

فمالَ بمَعشَرٍ غِرَرٍ إليها

ومالَ بِنا إلى أُخرى سِواها

أراذلُ ليسَ تَحمي الأُسدُ غِيلاً

كما تَحمِي رَوائحُها حِماها

عُراةٌ في الجنائبِ لا تُبالي

أصُدَّ العارُ عنها أم عَراها

لَهتنا أن نُلِمَّ بساحَتَيها

رياحٌ إن سَطت أردَت سَطَاها

وأَمواهٌ لو أنَّ التُّربَ يَشكو

مجَاورةَ الأَذى يوماً شَكاها

فلو غُسِلَت بماءِ المُزنِ مِنهم

وماءِ البَحرِ لم يَطْهُرْ ثَراها

يَحِنُّ الطائرُ المُوفِي علَيها

وتُوسِعُ كلُّ ماشيةٍ خُطاها

سلامُ اللهِ منكَ على رِباعٍ

نَأَتْ أحبابُها ودَنت عِداها

وطيِّبَةِ النَسيمِ عدتْ علَينا

جنائبُها وعَادَتْنا صَبَاها

وكافوريَّةِ البُنيانِ تُثني

على من خَطَّها أو مَن بَناها

مُحلِّقةٍ يكِلُّ الطَّرفُ عَنها

إذا ما الطَّرفُ حاولَ مُنتهَاها

تُضئُ إذا الدُّجَى اشتملَت علَيها

فَتحسِبُها مُؤلَّقَةً دُجاها

بَعَثْتُ الطَّرفَ مُشتاقاً إليها

فكادَ يَرُدُّه عَنها سَناها

وَحَبَّبَها إليَّ وإن تَوَلَّت

مآربُ بَلَّغتْ نفسي مُناها

لقد كانَت جِلاءَ العَينِ حُسناً

فعادَت وهي من قُبحٍ قَذاها

عِقابُ الدَّهرِ بُقياه علَيها

وعَفوُ الدهرِ عَنها لو عَفَاها

فيا نُوَبَ الخُطوبِ إليكِ عَنها

كفَاها ما أَلمَّ بها كفَاها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة