الديوان » العصر العباسي » السري الرفاء » أكف تغلب أنواء الحيا الجاري

عدد الابيات : 49

طباعة

أَكُفُّ تَغلبَ أنواءُ الحَيا الجاري

ونارُ بأسِهِمُ أذكى من النارِ

والحمْدُ حَلْيُ بن حَمدانَ تَعرِفُهُ

والحقُّ أبلَجُ لا يُلقى بإنكارِ

قَومٌ إذا نَزَلَ الزُّوَّارُ ساحَتهم

تَفَيَّؤُوا ظِلَّ جَنَّاتٍ وأنهارِ

مُؤمَّرون إذا ثارَتْ قرومُهُمُ

أَفْضَتْ إلى الغايةِ القُصْوى من الثَّارِ

فكلُّ أيامِهم يومُ الكِلابِ إذا

عُدَّتْ وقائِعُهُم أو يومُ ذي قارِ

تتابَعتْ بركاتُ اللهِ نازلَةً

على أبي البَركاتِ المانعِ الجارِ

على الحَيا الغَمْرِ والبَحرِ الذي رسَبَتْ

فيه جواهرُه والضَّيْغَمِ الضَّاري

على الأميرِ الذي أضحَتْ مناقبُه

مِثلَ النُّجومِ تُضئُ اللَّيلَ للسَّاري

إذا عَزْمتُ على إحصائِها ازدَحَمَتْ

فكاثَرَتْ مِدَحي فيه وإكباري

وهل يُقاسُ فضاءُ البحرِ مُنحَرِفَاً

بأذرُعٍ قصَّرَتْ عنه وأَشبارِ

أصبحْتُ أُظْهِرُ شُكراً عن صَنائِعِه

وأُضْمِرُ الوُدَّ فيها أيَّ إضمارِ

كيانعِ النَّخْلِ يُبْدي للعيون ضُحىً

طَلْعاً نَضيداً ويُخفْي غَضَّ جُمَّارِ

أ أكرمَ النَّاسِ إلاَّ أن تُعَدَّ أباً

فاتَ الكِرامَ بآباءٍ وآثارِ

أشكو إليكَ حَلِيفَيْ غارةٍ شهَرَا

سَيفَ الشِّقاقِ على دِيباجِ أشعاري

ذِئْبَيْنِ لو ظفرَا بالشِّعرِ في حَرَمٍ

لَمَزَّقاهُ بأنيابٍ وأظفارِ

سَلاّ عليه سيوفَ البَغْيِ مُصْلَتةً

في جَحْفَلٍ من شَنيعِ الظُّلْمِ جرَّارِ

وأرخصَاهُ فقُلْ في العِطرِ مُنْتَهَبَاً

لديهِما يُشتَرى من غَيرِ عَطَّارِ

لَطائِمُ المِسْكِ والكافورِ فائحةٌ

منه ومُنْتَخَبُ الهِنْديِّ والغارِ

وكلُّ مُسفَرِةِ الألفاظِ تَحسَبُها

صفيحةً بين إشراقٍ وإسفارِ

أَرَقْتُ ماءَ شبابي في محاسِنِها

حتى تَرقَرقَ فيها ماؤُها الجاري

كأنَّما نَفَسُ الرَّيحانِ يَمْزُجُهُ

صَبَا الأصائلِ من أنفاسِ نَوَّارِ

باعا عرائِسَ شِعْري بالعراقِ فلا

تَبْعَدْ سَباياهُ من عُونٍ وأبكارِ

مجهولةُ القَدْرِ مظلومٌ عَقائِلُها

مقسومةٌ بين جُهَّالٍ وأغمارِ

وما يَضرُّهمُا والدُرُّ ذو خَطَرٍ

إن حلَّياهُ ملوكاً ذاتَ أخطارِ

وما رأى الناسُ سَبْياً مثلَ سَبْيِهِما

بِيعَتْ نفَيسَتُه ظُلماً بدينارِ

إذا كساكَ ثيابَ المَدحِ سالبُها

يَوماً فإنَّكَ أنتَ المكتسي العاري

واللهِ ما مدَحا حيّاً ولا رَثَيا

مَيْتاً ولا افتَخَرا إلا بأشعاري

إن توَّجاكَ بدُرٍّ فهو من لُجَجي

أو ختَّماكَ بياقوتٍ فأحجاري

هذا وعنديَ من لفظٍ أُشَعشِعُهُ

سُلافةٌ ذاتُ أضواءٍ وأنوارِ

كريمةٌ ليسَ من كَرْمٍ ولا التَثمَتْ

عروسُها بخمارٍ عندَ خَمَّارِ

تَنشُو خِلالَ شِغافِ القلبِ إن نشأَتْ

ذاتُ الحَبابِ خِلالَ الطِّينِ والقارِ

لم يبقَ لي من قريضٍ كان لي وَزَراً

على الشَّدائدِ إلا ثِقْلُ أوزاري

أراه قد هُتِكَتْ أستارُ حُرمَتِه

وسائرُ الشِّعرِ مستورٌ بأستارِ

كأنه جَنَّةٌ راحَتْ حدائقُها

من الغَبِيَّينَ في نار وإعصارِ

عارٍ منَ النَّسَبِ الوضَّاحِ مُنتَسِبٌ

في الخالديَّةِ بين الذُّلِّ والعارِ

وما أَظُنُّ دَعِيَّ الأزدِ يُنْصِفُني

حتى تموجَ به أمواجُ تَيَّاري

غضبانُ يستُرُ عني وجهَه بِيَدٍ

وَدِدْتُ لو سُمِّرَتْ فيه بمسمارِ

لقد تحيَّفَ شِعْري مَعْشَرٌ غَرَرٌ

منهم قريبٌ ومنهم نازحُ الدَّارِ

يُفوِّقون ونَبْلي في كِنانَتِه

إليَّ كُلَّ كليلِ النَّصلِ خَوَّارِ

ولو تفوَّقَ سَهمْي راكباً وَتَراً

يوماً لطال عليهم نَقْضُ أوتاري

إياكُمُ أن تَشِيمُوا برقَ غاديَةٍ

مُسِفَّةٍ بذُعافِ السُّمِّ مِدرارِ

ولا يَغُرَّنَّكُمْ أمطارُ مُبتَسمٍ

يُزجي الصَّواعِقَ في أثناءِ أمطارِ

فالسَّيفُ يُبدي ابتساماً عند هَزَّتِه

وقد أسَرَّ المنايا أيَّ إسرارِ

وما رأيتُم شُجاعاً قبلَ رؤيَتِه

قَراكُمُ وهو مُودٍ شَهْدَ مُشتارِ

يَبُرُّ مِنكم شبَاباً ما لَهم حزَنٌ

على الصِّبا وشيوخاً غيرَ أبرارِ

مَنْ كان يَعجَزُ عن سَهلي إذا استَبقَتْ

خَيلُ القَريضِ فكم تُجتابُ أوعاري

وهل يَقومُ لجَمْعي حينَ أُضرِمُهُ

مُغرَّرٌ عن زِنادٍ قلبُهُ واري

لو كنُتُمُ العنبرَ الوَردَ الشَّبيهَ به

والمنْدلَ الرَّطْبَ شَبَّتْ منكُمُ ناري

لكِنَّكُمْ حَطَبٌ بالٍ يُحرِّقُهُ

سَعيرُ شَمْسِ الضُّحى من قبلِ أشعاري

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن السري الرفاء

avatar

السري الرفاء حساب موثق

العصر العباسي

poet-Al-Sari-al-Raffa@

559

قصيدة

2

الاقتباسات

98

متابعين

السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن. شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بها، فعرف بالرفاء. ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد ...

المزيد عن السري الرفاء

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة