الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » سبى مني الفؤاد لحاظ فاتن

عدد الابيات : 80

طباعة

سبَى منّي الفؤادَ لحاظُ فاتِنْ

وعَذَّبني فِراق أغَرَّ شادنْ

وعَوَّضني خيالاً منه طَرْفي

وما أرضَى به عِوَضاً ولكِن

ألا يا حَبّذا بُرْجُ اغْتِماضٍ

لطَيْفي طَيْفُكمْ فيه يُقارِن

وعَيْنٌ عندَها في كُلِّ مُمْسىً

مُقيمٌ لا يَزالُ خَيالُ ظاعن

وعَيْبُ الطّيفِ أَنَّ الوَصْلَ منه

لظاهرِه منَ الهِجْرانِ باطن

وآخِرُ عَهْدِهمْ يومَ اسْتَشاروا

جُيوشَ الحُسْنِ فيه منَ المَكامن

غداةَ غدَوا يَزُمّونَ المَطايا

وقد هَمَّ الخليطُ بأنْ يُباين

وفي أَحَدِ الهوادجِ بَدْرُ تمٍ

ففي أَنوارِه تَسْري الظَّعائن

يَبيتُ كأنّه وكأنَّ عِيساً

تَعومُ برَكبها عَوْمَ السَّفائن

شَقيقٌ لابنِ يامينَ استقلَّتْ

بأُسرتهِ سَفينٌ لابْنِ يامِن

نظرتُ إلى الحُمولِ غداةَ سارَتْ

بطَرْفٍ غيرِ سافٍ وهْو سافن

وبيضُ الهِنْدِ من وَجْدي هَوازٍ

بإحدَى البيضِ من عُلْيا هَوازن

وقد عَرَض الرّماحَ على الهَوادي

لها فُرسانَ يَربوع ومازن

تَميمٌ خالُها والعَمُّ قَيْسٌ

فدونَ لقائها كلٌّ يُطاعن

تُطارُ لها الجَماجمُ كلَّ يَومٍ

وسُمْرُ الخَطِّ تُحطَمُ في الجَناجِن

وهذا الدَّهْرُ من أَعْدَى الأعادي

فما قَدْرُ المُعادي والمُضاغِن

إلامَ أَذودُ صادِيةَ الأماني

وماءُ مُهنَّدي في الغِمْدِ آجن

وقد نفَتِ الحِفاظَ رجالُ عَصْري

فَمرَّ كما نُفي الوَلَدُ المُلاعن

وكم حارَبْتُ سُلطانَ اللّيالي

فهاأنَذا أُسالمُ أَو أُهادِن

أَهُمُّ بمَطْلبي وأَرَى زماناً

أَنامِلُه بما أَبْغي ضَنائن

ولي أَبناءُ دَهْرٍ أَشْبَهوهُ

فكُلٌّ منهم كأبيهِ خائن

وقد حالوا عنِ المَعْهودِ طُرّاً

وَأَبْدَوْا عن ذَميماتِ الدَّفائن

فصَبْراً فالزَّمانُ كما تُعاني

وصَمْتاً فالأنامُ كما تُعايِن

وممّا شَفّني أَنْ مَرَّ عنّي

زمانُ صِباً وتلْكَ من الغَبائن

وظَنَّ الشّيْبُ أَنّ العَزْمَ وَاهٍ

إلى طَرَبٍ وأَنَّ العَظْمَ واهن

وفيَّ بَقيّةٌ بقيَتْ لوَجدٍ

ومَن يَصْحو معَ الحَدَقِ الفَواتن

فيا رشَأً تَعرَّضَ يومَ جَمْع

وولَّى والقلوبُ له رَهائن

ليَهْنكَ أَنْ سكنْتَ القلبَ منّي

وقَبلَك لم يكُنْ قلبي بساكن

وأَنّك لو أَجلْتَ الطّرفَ فيه

لَما صادفْتَ غيرَك فيه قاطن

وغيرُ وَلاءِ زَيْنِ الدينِ صدْقاً

فَداكَ به بدِينِ اللهِ دائن

إمامُ هُدّى لدِينِ اللهِ منه

على أَعدائه أَعلَى مَعاوِن

دَعُوهُ زَيْنَه فازدانَ معنىً

وكم يُدعَى بزَيْنٍ غَيرُ زائن

أَغرُّ من المكارمِ والمعالي

أَبوه أَحلَّه أَعلَى الأماكن

وصَفوةُ سُؤْدَدٍ خلَصتْ عُلاه

منَ الرِّيَبِ الشّوائبِ والشّوائن

له في الدّهرِ آثارٌ حسانٌ

إذا اخْتُبرَتْ وأخلاقٌ أحاسن

وحالٌ غيرُ حائلةٍ وطَبْعٌ

بلا طَبَعٍ وشأْنٌ غيرُ شائن

هُمامٌ ظَلَّ للإسلامِ تاجاً

فقَلَّ له المُوازي والمُوازن

ومَغْشيُّ الرِّواقِ لعُظْمِ قَدْرٍ

يَغَصُّ ذُراهُ بالخيلِ الصّوافن

مُذيلٌ مالَه حَزْماً ولكنْ

نَداهُ لدِينهِ والعِرْض صائن

إذا خُبئَتْ له الأموالُ يَوماً

فأيدي السائلين له المَخازن

فتىً يحبو ولكنْ لا يُحابي

إذا فصَلَ القضاءُ ولا يُداهن

ويأوي رُكْنُ دينِ اللهِ منه

إلى حَرَمٍ منَ الشُّبُهاتِ آمن

ألا يا أخطبَ الخُطباء طُرّاً

كما شَهِدَ المُصادِقُ والمُشاحن

وأعدلَ مَن قضَى في الدّهرِ يوماً

إذا أَضحَى يُلايِنُ أَو يُخاشن

لقد حُزْتَ المعاليَ والمعاني

وعُدَّ لك المَزايا والمَزاين

وأصبحتِ المَحاسنُ لِلآلى

لذاك كَنَوا أَباك أَبا المَحاسن

لِيَهْنِكَ أنّ خُوزِستانَ أَلْقَى

إلى يَدِكَ العِنانَ على المَيامن

فَثقِّفْ منه مُنْآدَ القضايا

وأبرِزْ أَخْزَميّاتِ الشّنائن

وكلُّ مُجازِفٍ من قَبلُ أَمسَى

وأَصبحَ وهْو بالقسطاسِ وازِن

كأنّ المجلسَ الرُّكنيَّ رامٍ

رمَى غرضَ العُلا وهْو المُراهن

فلم يَخْتَرْ سِواك إليه سَهْماً

وبينَ يدَيْهِ قد نُثرَ الكَنائن

أَنابَكَ عنه بدْراً وهْو شَمسٌ

فنُورُكما الّذي شَمَلَ المَدائن

ألا ففَداكما من كلِّ سَوءٍ

غداةَ عُلاكُما أركانُ كائن

ولا عَدتِ العِدا غِيَرُ اللّيالي

إذا زمَنٌ تحَرَّكَ منه ساكن

أيا مَن ما لفُلْكِ رَجاء قَومٍ

سِوى مأْلوفِ جُودِ يدَيْكَ شاحن

كما طَوَّقْتَني المِنَنَ البَوادي

لقد أَقْرَطْتُك الدُّرَر الثّمائن

ثَناءٌ تعبَقُ الآفاقُ منه

ولستُ لمَنْ شَرَى شُكْري بغابن

لغَيْرِكَ تَضْمَنُ الأموالُ غَيْري

ولكنّي بحُسْنِ الذَّكرِ ضامن

فما عُهِدَ المطامعُ قَطُّ فيكمْ

ولا فيمَنْ تُولّونَ المَطاعن

وما أَنا غيرَ عَضْبٍ تَنْتَضيه

على عُنُقِ العَدُوُّ لكَ المُباين

وكم من حائدٍ عنكمْ تَمادَتْ

غَوايتُه فأصبحَ وهْو حائن

مَرنْتُ على عَدُوِّكمُ إلى أنْ

قَدِمْتُ برَغْمِ هاتيكَ المَوارن

ولو أنّي قدَرْتُ لكان منّي

سِنانٌ في نُحورِ البيدِ طاعن

أَمامَ السّائرِين إليك شَوقاً

يُرقِّصُ كُلَّ مَلئِ النِّسْعِ بادن

ولكنْ هُمْ نَوَوْا لذُراكَ حَجّاً

وكانوا في القَصيِّ منَ المَواطن

فسرْتَ وأَنت بُغْيَتُهمْ إليهمْ

فقد حَجّوا وما بَرِحوا الأماكن

فها أنا في فنائكَ كُلَّ يَومٍ

أَروحُ بعُمْرةٍ للحجِّ قارِن

ولا أَرْضَى لتَهْنئتي نِثاراً

إذا عُدَّ الذي حَوتِ الخَزائن

سوى الدُّرِّ الّذي قَلَمي وفكْري

وأَلسنةُ الرُّواةِ لها مَعادن

ولي في الأرضِ غُرٌّ سائراتٌ

تَهاداها الأياسِرُ والأيامن

وما سَيّارةُ الأفْلاكِ إلاّ

حَواسِدُها المُسِرّاتُ الضَّغائن

وكانتْ سَبعةً من قَبْلِ عَصْري

فشِعْري راحَ وهْو لَهُنَّ ثامن

على أَنَّي وإنْ أَغرَبْتُ قَوْلاً

عليمٌ أنّني في الفعْلِ لاحن

كَبُرْتَ عنِ المديح فلا لِسانٌ

له إعْظامُ قَدْرِكَ غَيْر شاحن

فتَعليقُ المدائح من بليغٍ

عليك تَميمةٌ من عَيْنِ عائن

ستَملِكُ رِقَّ أهلِ الأرضِ طُرّاً

وهذا الشِّعْرُ للكُرَماء كاهن

وتَبْلو الخُوزَ مثْلَ الخُوزِ شَتىً

وكم ضَيْفٍ سيَتْبَعُه ضَيافن

وتَحكُمُ في الأقاليمِ البَواقي

وها أَنا للبَيانِ بذاكَ راهِن

فطالَعَكَ السُّعودُ بكلِّ أَرْضٍ

ظَلِلْتَ بها وصَبّحَك المَيامن

ودُمْتَ دَوامَ ذِكْرِ أَبيكَ غَضّاً

وجادَتْ عهدَه السُّحُبُ الهَواتن

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

103

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة