الديوان » لبنان » سليمان البستاني » فاستتم الحديث والقوم طرا

عدد الابيات : 104

طباعة

فَاستَتَمَّ الحَدِيثَ والقَومُ طُرَّا

بِوُجُومِ خَالُوا التَّصَلُّبَ مُرَّا

ثُمَّ فِينِكسُ والدُّمُوعُ هَوَامٍ

لاَشتِدادِ الوَبالِ قالَ مُصِراَّ

إِن تَكُنِ عَن تَحَدُّمٍ واحتدادِ

راغباً عن لِقاءِ جَيشِ الأَعادِي

وَطلَبَت المآبَ يا ابني المُفَدَّى

كَيفَ اَلقى على بِعاَكَ صَبرا

فَمَعِي قد بُعِثتَ لِلحَربِ لَمَّا

رَامَ فِيلا تَؤُّ أَترِيذَا قِدما

بِاعتِنائِي أُنمِيكَ فَعَّالَ فِعلٍ

وخَطِيباً قَوَّالَ قَولٍ أَبَرَّا

يانِعاً كُنتَ حاهِلاً لِلطّعانِ

حَيثُ تَبدُو شَجاعَةُ الشُّجعانِ

وكذا جاهِلاً مَفَاوِضَ شُورا

نا وَفيها يَعلُو أَخُو الرَّأيِ فَخرا

لا فَلن أَلبَثَنَّ عَنكَ بَعِيدا

لَو حَباني رَبٌّ شَباباً جَديدا

ومَحا شَيبَتي فَعُدتُ كَيَومٍ

فِيهِ أَبحَرتُ من هِلاذَةَ قَسرا

يَومَ مِن فَرطِ غَيظِ آمِنطُورِ

فَرعِ أُرمِينَ والِدي وأَميري

هارِباً جئِتُ مُذ سَعَيتُ إِلى جا

ريَةٍ رَامَ رَغمَ أُمِّي نُكرا

فأَشارَت أُمِّي بِها لِيَ حَتَّى

تَمقُتَ الشَّيخَ إِن رَأَتنَي مَقتا

وَعلى رُكبَتَيَّ صُغراً تَرَامَت

فأَطَعتُ الهَوَى ولَبَّيتُ أَمرا

فَدَرى بي أَبي وباللَّعنِ مالا

وَبَناتِ الرَّدى استغاثَ وقالا

رُكبَتَيهِ لا يَعلُوَنَّ غُلامٌ

كانَ مِنهُ وقامَ يَنذُرُ نَذراد

فَاستَجابَ الدُّعاءَ زَفسُ الجَحِيمِ

وفُرُسفِينُ هَولُ كُلَّ عَظِيمِ

فَحَدا بي غَيظي فَكُدتُ أُوَافي

هِ بِسَيفٍ يَبتَتُّ بَطناً وَظَهرا

إِنَّما راحَ بَعضُ آلِ الخُلُودِ

يُخمِدُ الغَيظَ مِن فُؤَادي الحَدِيدِ

خَشيَةً أَن يُقال ما بَينَ قَومي

ذلِكُم كانَ قاتِلَ الأَبِ كِبرا

غَيرَ أَنِّي أَنِفتُ طُولَ المُقامِ

ضِمنَ صَرحٍ فِيهِ أَبي باحتِدامِ

بَيدَ أَنَّ الخُلاَّنَ والاَهلَ رَامُوا

بالتِماسٍ أَن لا اُغادِرَ قَصرا

ذَبَحُوا لِلشّوَا العُجُولَ السِّمانا

والخَنَانِيصَ في لَظَى بُركانا

وخِرافاً وَخَمرَةَ الشَّيخِ صَبُّوا

بأَبارِيقهش وطابوا مَقَرَّا

وأًقامُوا حَولي لَيَالِيَ تِسعا

إن يَنَم واحدٌ فَآخَرُ يَسعَى

وَلَدى بابِ غُرفَتي وبِبَابِ ال

دَّارِ لَم يُطفِئُوا مَدى اللَّيلِ جَمرا

غَيرَ أَنِّي بِعَاشِرِ الأَيَّامِ

والدَّياجِي قد خَيَّمَت بالظَّلامِ

فَلاِبوَابِ حُجرَتي عامِداً قُم

تُ وَقد أُوصِدَت فَكَسَّرتُ كَسرَا

وَعلَى الفورِ جُزتُ بابَ الدَّارِ

خافِياً عَن نَواقِدِ الأًبصارِ

وَطَلَبتُ الفِرارَ في بَرِّهِيلا

ذَةَ أَعدُو لإِفثِيا مُستَمِراَّ

فَلَقِيتُ المَلِيكَ فِيلا الحَلِيما

وَعَلَيهِ نَزَلتُ ضَيفاً كَرِيما

وَدَّني وُدَّ رَبِّ مالٍ وَفيرٍ

بِتَناهي المَشِيبِ أَنتَجَ بِكرا

فَحَباني مالاً وشَعباً كَثِيرا

وَبِقَومِ الذُّولُونِ قُمتُ أَمِيرا

لَكَ وُدِّي مِن ثَمَّ تَدرِي تَنَاهى

وبِجُهدِي بَلَغتَ ما أَنتَ قَدرا

لَم تَكُن تَرتَضي بِغَيرِ طَعامي

جَالِساً فَوقَ رُكبَتي وأَمامي

أقطَعُ اللَّحمَ باعتِناءِ وأُعطِ

كَ بِكَفِّي هذي وأَسقِيكَ خَمراً

وَلَكَم قد قَذَفتَ مِن فِيكَ راحا

فَبَلَلتَ الثِّيابَ مِني مِزَاحا

وَلَكَم قد أجهَدتُ بالقَهرِ نَفسي

وَلَكَم قد لَقِيتُ بالجُهدِ قَهرا

عالِماً كُنتُ أَنَّ آلَ الرَّشادِ

حَرَمُوني مِن لَذَّةِ الأَولاَدِ

فَبِكَ ابناً قد رُمتُ آخِيلُ حَتَّى

تَدفَعَالعَارَ إِبن عَراني وتَدرَا

فَاكظُمِ الغَيظَ لا تَرَ الحِقدَ أَبقَى

إنَّ نَفسَ الأَربابِ تَذعَنُ رِفقا

وَلَهُم ذُروَةُ الفَضائلِ والمَج

دِ وَبأسُ الذِّراعِ فَالرِّفقُ أحرى

إِن يَقُم خاشِعٌ لَهُم يَتضَرَّع

فالضَّحايا والنَّذرُ والخَمرُ تَشفَع

إِنَّ زَفساً بَناتُهُ الصَّلَواتُ ال

بلاّءِ تَعدُو ورِفقَهُ تَتَحَرَّى

هُنَّ عُرجٌ جُعدُ الوُجُوهِ وحُسرُ

يَتَعَقَّبنَ زَلَّةً حِينَ تَعرُو

إنَّما زَلَّةٌ لَها السَّبقُ مُذكا

نَت خُطاها أَشَدَّ وَقعاً وأَجرى

تَنهَبُ الأَرضَ حَيثُ تُلقِي الوَبالا

يَتَتَبَّعنَها فَيَشفينَ حالا

فالَّذي عِندَ ما يُوافِينَهُ يُب

دِي احتِراماً فَعَنهُ يَدفَعنَ ضُراًّ

إِنَّما الوَيلُ لِلَّذي صَدَّ صَدَّا

فِلِزَفسٍ يَعُدنَ يَطلُبنَ رِفدا

يَتَطَلَّبنَ زَلَّةً مِنهُ تُهمِي

فَوقَ ذَاكَ العاتي وَبالاً أَمَرَّا

فَاتَّقِيهِنَّ يا أَخِيلُ احتِراما

يَتَّقِيهِنَّ كُلُّ قَرمٍ تَسامى

ويقِيناً لَو أَنَّ أَترِيذَ لَم يُس

دِ الهَدايا الغرَّاءَ تُذخَرُ ذُخرا

أَو تَوانى عَن ذِكر ما سَوفَ يُسدَى

بَعدَ هذا أو ظَلَّ يَشتَدُّ حِقدا

لَم أرُم مِنكَ نُصرَةَ القَومِ مَهما اش

تَدَّ فِيهِم وَقعُ الرَّزِيَّةِ عُسرا

إِنَّما الآن قد حَبا وَسَيَحبُو

مُرسِلاً في بَلاغهِ مَن تُحِبُّ

فَخِيارُ السَّرَاةِ جاؤُوكَ فَاذعَن

وخُذِ الآن مِن بَلاغِيَ ذِكرى

قد أَتانا عَن سالفِ الأَبطالِ

عِندَما الغَيظُ كادَ صَدرَ الرِّجَالِ

أَنَّهُم بَينَ نَيلِ غُرِّ الهَدايا

والتماسٍكانُوا يَلِينُونَ صُغرَا

وَبِذِكرايَ حادِثٌ مَرَّ قِدما

هاكَمُوهُ كَما جَرى وأَلَمَّا

ذاكَ لَمَّا الكُورِيتُ ثارُوا على الإِي

تُولنِ والحَربُ وَقعُها اشتَدَّحَرَّا

تَحتَ أَسوارِ قَالِذَونَ تَلاقى

ذلك الجَمعُ واستَباحُوا الشِّقاقا

فَتَرامى الكُوريتُ يَبغُونَ فَتحاً

وَتَرامَى الإيتُولُ يخشَونَ غَدرا

ذلكَ الخَطبَ أَرطَمِيسُ أَثارَت

حَنَقاً مِن وِينَاس والحَربُ ثارَت

إِذ تَغَاضى عَن أَن يُقَدِّمَ باكُو

رَةَ زَرعٍ لَها وأغفَلَ بِرَّا

والضَّحايا المِئَاتِ لَمَّا أَتاها

لِجَمِيعِ الاَربَابِ أَذكى سِواها

غَفلَةً أَم تَغافُلاً كانَ مِنهُ

ذلكَ الأَمرُ إِنَّما كانَ وزرا

فأَثارَت بالغَيظِ خِرنَوصَ بَرّ

لأَراضيهِ حَيثُ عاثَ بِكِبرِ

بِعُتُوٍّ يَجتَثُّ أَصلاً وَفَرعاً

ويُبيدُ الأَشجارَ غُصناً وزَهرا

فَابنُ وِيناسَ مِيليَغرُ التَقاهُ

قاتِلاً بَعدَ أَن أَعَدَّ سُرَاهُ

مِن بِلادِ الجِوَارِ رَهطَ رُماةٍ

بِكِلابٍ لِتَذعَرَ الوَحشَ ذُعرا

رائعاً كانَ لَم يَكُن باليَسيرِ

صَدُّهُ في سِلاحِ نَذرٍ يَسِيرِ

قَتَلُوهُ مِن بَعدِ قَتلِ كَثِيرٍ

واستَتَبَّ الشِّقاقُ مِن ثمَّ جَهرا

بِنزِاعٍ يَبغُونَ رأساً وجِلدا

ذاكَ ما أَرطمِيسُ رامَتهُ حِقدا

وَبِهِم طالَما سَطا مِيلِيَغرٌ

نالَ قَومُ الإِيتُولِ فَوزاً ونَصرا

فالأَعادي وَلو يَزِيدُونَ عَدَّا

ما استَطَاعُوا أَن يَبلُغُوا السُّورَ حَدَّا

إِنَّما الغَيظُ وَهوَ يَعبَثَ بالعُ

قَّالِ بالكَيدِ مِنهُ أَوغَرَ صَدرا

فأَثارَتهُ نَفرَةً واحتِداما

أَلثِيا أُمُّه فَعافَ الصِّداما

وبذَاتِ الجَمالِ إِكلِيُّبَطرا

زَوجهِ قد خَلا وعافَ المَكَرَّا

أُمُّها غادَةُ العُلَى مَرفِيسا

مِن بَنَاتِ المَهِيبِ إِيفِينُوسا

وأَبُوها غِيذَاسُ اَعظَمُ قَرمِ

كانَ ذاكَ الزَّمانَ في الأَرضِ طُرَّا

صال حَتَّى على أَفُلُّونَ لَمَّا

رامَ مَرفِيسَ مُنفِذاً فِيهِ سَهما

أَبَواها مِن ثَمَّ قد لَقَّباها

أَلكِيُونا لِحَادِثٍ كان مَرَّا

حَيثُ مَرفِيسُ فِيبُسٌ قد بَغاها

مِثلَما قَبلُ أَلكِيونا سَباها

فَبَكَت تَلتَظِي بِشِدَّةِ بُؤسٍ

ودَعَت بِنتَها كَذلكَ ذِكرا

حانقاً مِيلَيَغرُ مِن ثَم ظَلاَّ

عِندَها نارَ سُخطهِ يَتَصَلَّى

ذَاكَ مُذ أَلثِيا لِقَتلِ أَخِيها

أَوسَعَتهُ لَعناً وشَتماً وزَجرا

تَضرِبُ الأَرضَ حِدَّةَ بِيَدَيها

ثُمَّ تَدعُو سُخطاً عَلى رُكبَتَيها

وأَذِيساً وفُرسُفِينا تُنَادي

أَن يُذِيقا ابنَها حِماماً أَشَرَّا

لإِرينِيسَ في دُجَى الظُّلَماتِ

بأَريبَا انتَهَى صَدى الصَّلَواتِ

تُمَّ قَضَّ العِدى الحُصُونَ وفي الأَ

وابِ عَجَّ العَجاجُ طَعناً ونَحرا

فَإِلى مِيليًَغرَ شِيبُ البِلادِ

بَعَثُوا بالكُهَّانِ لاِسنجادِ

وعَدُوهُ خَمسينَ فَدَّانَ حَقلٍ

حَيثُما شاءَها وكَرماً أَغَرَّا

وَوِناسُ الشَّيخُ الجَليلُ أَبُوهُ

جَاثِياً عِندَ بابِهِ يَرجُوه

والشَّقيقاتُ أَلثِيا نَفسُها والصَّحبُ

والاَهلُ وَهوَ يَزدَادُ نَفرا

ظَلَّ حَتَّى بِبابهِ الحَرب شَبَّت

خُرِقَ السُّورُ ثُمَّةَ النَّارُ شَبَّت

فَتَبَدَّت لَدَيهِ زَوجَتُهُ المَي

ساءُ لِلرِّفقِ مِنهُ تَسأَلُ عُذرا

وتُرِيهِ كم مِن وَبالٍ تُعاني

بَلدَةٌ ذُلِّلَت بِحَرِّ الطِّعانِ

لِلمَبَاني حَرقاً وَلِلقَومِ ذَبحاً

والغَواني والوُلدِ ذُلاًّ وأَسرا

رَقَّ وَارتَدَّ يَرفُدُ الصَّحبَ رَفدا

شَكَّ وَاشتَدَّ والعِدى صَدَّ صَدَّا

ولِهذا ما نالَ غُرَّ الهَدايا

ولَئن كانَ سامَ أَعداهُ كَسرا

صَاحِ قُم لا تَكُن كَذاكَ عِنادا

ولَئِن كانَ سامَ أَعداهُ كَسرا

وَالهَدايا فَاقبَل وَسِر مَعَنا يُع

لُوكَ طُرًّا مَقامَ رَبٍّ أَبَرَّا

فَغِذا جئِتَ عَن مَرامِكَ آنِس

لِصِدَامٍ بِهِ تُزِيحُ الدَّرَاهِس

لَن يُنِيلُوكَ ما أَنالُوكَ تَوًّا

لَو تُبِيدُ الأَعداءَ بَرًّا وَبَحرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

78

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة