الديوان » لبنان » سليمان البستاني » نظم القواد سرى الجند

نَظَم القُوَّادُ سُرى الجُندِ
بِحما الجَيشَينِ على الحَدِّ
زَحَفَ الطُّروَادَةُ عن بُعدِ
بِصَدِيدٍ عالٍ مُشتَدِّ
ودَوِيٍّ يَقصِفُ كالرَّعدِ
كالرَّهوِ إِذا اشتَدَّ المَطَرُ
والقُرُّ مَوَاطِنَهُ يَذَرُ
في الجَوِّ تَعَجُّ لَهُ زمَرُ
فَوقَ الأُقِيانُسِ تَنتَشرُ
للبُغمَةِ مُحكَمَةَ الحَشدِ
فَيَعُمُّ الفَتكُ بِحَملتَها
أَما الإِغرِيقُ بِجُمُلتِها
فَمَشَت بثَقِيلِ سَكِينَتِها
آلَت والنَّفسُ بِحِدَّتِها
تَتَعاضَدُ وارِيَةَ الزَّندِ
والسَّهلَ طَوَوهُ على الأَثَرِ
والقَسطَلُ مِن عَجِّ الزُّمَرِ
قد أَضحى حجَّابَ البَصَرِ
عن أكثَرِ مِن مِرمى حَجَرِ
كَكَثِيفِ ضَبابٍ مُربَدِّ
كضَبَابٍ نُوطُسُ قد نَشَرا
في قُنَّةِ طَودٍ فاستَتَرا
ولِرُؤيَتِهِ الرَّاعي ذُعِرا
لكِنَّ اللَّصَّ بهِ نَظَرا
خَيراً من لَيلٍ مُسوَدٍّ
جَدَّ الجَيشانِ وقد هَرَعا
حتى هَمَّا ان يَجتَمِعا
فإِذا فارِيسٌ قد طَلَعا
وَجَميلُ مُحيَّاهُ سَطَعا
وعَدا يَستَهدِفُ للطَّردِ
يَختَالُ بِحُسنٍ جَبَّاذِ
بالقَوسِ وسَيفٍ جَذَّاذِ
وبِفَروَةِ فَهدٍ بَذَّاذِ
بَيدَيهِ قَناتا فُولاذِ
يَتَقَدَّمُ مُستَبِقَ الوَفدِ
ويَسيرُ بِعُجبِ المُختالِ
يَدعُو لِبِرازٍ قَتَّالِ
عُمَدَ الإِغريقِ الأبطالِ
فرآه مَنِيلا في الحالِ
فَبَدا يَتَهَلَّلُ بالرَّغدِ
كاللَّيثِ يُضَوِّرُهُ السَّغَبُ
والظَّبيُ لَدَيهِ يَضطَرِبُ
فَعَلَيهِ مُنقَضًّا يَثِبُ
ولَوِ القَنَّاصُونَ اقتَرَبُوا
بِضراءٍ تُقبِلُ للصَّدِّ
بالعُدَّةِ مِن أًعلى العَجَلَه
بالشِّدَّةِ بادَرَ بالعَجَلَه
لا يَبغي إِلاَّ أن يَصَلَه
يَقتَصُّ لِجُرمٍ قد فَعَله
ومَضَى بيَتَوَقَّدُ بالحِقدِ
نَظَرَ الإِسكَندَرُ وامتُقِعا
فَنَجا لِمُعَسكَرِهِ هَلَعا
كالغُرِّ لَهُ فَوراً طَلَعا
صِلٌّ في الغابِ قدِ اندَفعا
فَيَعُودُ بِقَلبٍ مُنهَدِّ
فأَتاهُ هَكطُورٌ يَجري
وَيُقُولُ بِطَرفٍ مُحمَرِّ
فارِيسٌ يا وجهَ الشَّرِّ
يا زِيرَ نِساءٍ مُغتَرِّ
بجمالٍ يَلهُو بالوَجدِ
يا لَيتَكَ عُمرَكَ لم تُولَد
أومُتَّ بُضعُكَ لم يُعقَد
ولَعِندِيَ خَيرٌ أَن يُلحَد
خَوَّارُ العَزمِ ولا يَنكَد
بشَماتَةِ أَعداهُ اللُّدِّ
فَلفَيفَ أَخايَ الشُّعرَ تَرى
بِكَ هُزءًا قَهقَهَ إِذ نَظَر
ظَنُّوكَ لحُسنِكَ لَيثَ شَرى
فإِذا بِك خَوَّارٌ فُطِرا
بِشَعائِرِ رِعديدٍ وَغدِ
أَجمَعَت الصَّحبَ مِنَ الوَطَنِ
وَطَوَيتَ البحرَ السُّفُنِ
ووَلجتَ بِلاداً لم تَطِنِ
وسَبَيتَ فَتاةً لم تُشَن
لأَماثِلَ أَبطالٍ أُسدِ
لِتُذِلَّ أَباكَ وأَوطانَك
والشَّعبَ وَتَكشِفَ أَهوانَك
وتَسُرَّ بِجُبنٍ قد شانَك
قوماً عَرَفُوكَ وبُهتانَك
وبَلَوكَ على غَيرِ العَهدِ
اَخَشِيتَ مَنِيلا القَهَّارا
وعَرَفتَ وأَكثَرتَ العارا
لمِنِ المَسبِيَّةُ والثَّارا
مَن يَطلُبُ مِنكَ وقَد ثارا
بِجَنَانٍ عَزَّامٍ صَلدِ
أَفَلا أَثبَتَّ لَهُ بَاسَك
في الحَربِ فَأَحمدَ أَنفاسَك
ورَاَيتَ العُودَ ونِبرَاسَك
وشُعُوراً قد زَانَت راسَك
وهِباتِ الزُّهرَةِ لا تُجدِي
لَو لَم يَكُنِ الطُّروَادُ أُولي
جُبنٍ لَكسَوكَ بلا مَهَلِ
ثَوباً مِن صَخرٍ مُبتذَلِ
لِوَبالِكَ والخَطبَ الجَلَلِ
ودَوَاهي الأرزَاءِ الأُدِّ
فأَجابَ أَخُوهُ ذُو المَدَدِ
بالحَقِّ نَطَقتَ ولَم تَزِدِ
لَكَ قَلبٌ كالصَّخرِ الأَجَدِ
وبِصَدرِكض نَفسُكَ لَم تَمِدِ
جَهداً تَزدادُ على جهدِ
كالأَفؤسِ تفنُنُي الخَشَبِ
بِذِراعَي قَطَّاعِ الحَطَبِ
وَشَّارِ الفُلكِ المُقتَضِبِ
لِقُوَاهُ تُضِيفُ قُوَى القُضُبِ
بمَجامِعِ مَصقُولِ الحَدِّ
لكن ما اللَّومُ إِذا الزُّهَرَه
حَبَتِ الإِحسانَ لِمَن ذَخَرَه
فالرَّبُّ إِذا أَسدى غُرَرَه
لا خِيرَةَ في أَمرٍ أَمَرَه
فَلَنا الإِذعانُ لِما يُسدِي
وإِذا ما رُمتَ تَرى شاني
قُل فَليَتَخَلَّ الجَيشانِ
فأَجُولَ بهذا المَيدانِ
ومنَيلا دُونَ الأَقرانِ
والجَيشُ حَرَاكاً لا يُبدِي
فالفاتِكُ يُحرِزُ هِيلانَه
وكُنُوزاً تُبرِزُ بُرهانَه
والكُلُّ يُثَقِّلُ أَيمَانَه
بِوِفاقٍ لا خَلَلٌ شانَه
والنَّصلُ يُرَدُّ إِلى الغِمدِ
يَبقى الطُّروادَةُ في الحُبِّ
بِبِلادِهِم ذاتِ الخِصبِ
يَمبضي الإٍغريقُ بلا حَربِ
لَغَواني آخايَ الشُّنبِ
وصَوَافِنِ أَرغُوسَ الجُردِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

78

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة