الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » محياك يهدي فجره المتوضح

عدد الابيات : 63

طباعة

مُحيّاكَ يهْدي فجْرُهُ المتوَضِّحُ

فمَرْآهُ للأبْصارِ مرْقىً ومطْمَحُ

وكفُّكَ تسْتَجْدي العفاةُ سَحابَها

فتُخْجِلُ صوْبَ الغادِياتِ وتَفْضَحُ

إذا ما غَمامٌ سارَ أو علَمٌ رَسا

فمِنْكَ النّدى والحِلْمُ أرْجى وأرْجَحُ

وإنْ صابَ غيثٌ أو تطلّعَ نيّرٌ

فقَدْرُك أسْمى أو عطاياكَ أسْمَحُ

خلائِقُ ما روْضُ المكارِمِ عندَها

هَشيمٌ ولا مرْعَى الأماني مُصوِّحُ

عَواليكَ في الهَيْجاءِ تَهْوي كأنّها

كَواكِبُ في لَيْلٍ من النّقْعِ جُنَّحُ

أشِعّتُها في مُلْتَقى الحرْبِ أنجُمٌ

بلَيْلٍ عَجاجٍ عن مُحيّاكَ يُصْبِحُ

إذا ما انجَلى النقْعُ المُثارُ حسبْتَها

أزاهِرَ في خُضْرِ الرُّبى تتفتّحُ

تهُبُّ رياحُ النّصْرِ والحرْبُ تلْتَظي

فتنفَحُ هذي حيثُ هاتيكَ تلْفَحُ

تمُرُّ بربْعِ الشّرْكِ غيرَ لَواقِحٍ

فتَسْقي ثَراهُ والعوامِلُ تسْفَحُ

كأنّي بمَغناهُ وكُلُّ موَحِّدٍ

يُهلّلُ في أرْجائِهِ ويُسبِّحُ

وهامُ العِدَى تعْلو النّجيعَ كأنّها

حَبابٌ بمَتْنِ اللُجِّ يَطْفو ويطفَحُ

عنِ النّاصرِ الموْلَى الخَليفةِ يوسُفٍ

تُرَوّى أحاديثُ العُلَى وتُصَحّحُ

شمائِلُهُ كالرّوْضِ هبّتْ شمالُهُ

فأزْهارُهُ غِبّ الغَمائِمِ تنْفَحُ

إذا جادَ أفْقٌ فهْوَ أنْدى سَجيّةً

وإن لاحَ صُبْحٌ فهْو أجْلى وأوضَحُ

وتجمَعُ بينَ السيفِ والسّيْبِ كفُّهُ

فتَمْنَعُ عن أقصى البِلادِ وتمْنَحُ

يُناجيهِ عندَ المنْعِ بالمنْحِ جُودُهُ

فيسمَعُ ما تُلْقي عُلاهُ ويسْمَحُ

ترى الخَطّ والخَطّيَّ طوْعَ يَمينِه

أزاهِرَ دوْحٍ قُضْبُهُ تترنّحُ

ألا إنهُ مَولَى الخلائِفِ يوسُفٌ

إمامُ الهُدى الفذُّ الأغرُّ المُمَدّحُ

إمامٌ يفوقُ الدّهْرَ صرْفاً على العِدَى

ويعْفو عن الذنْبِ العظيمِ ويصْفَحُ

أقرّ لهُ بالفضلِ كُلُّ معانِدٍ

فقرّتْ عُيونُ المؤمِنينَ وأفْلَحوا

نظَرتَ لمُلْكِ الغرْبِ يا مَلِكَ الهُدى

بما الرّأيُ أنْجى فيهِ والقصْدُ أنجَحُ

وأضْمرْتَ طوْعَ الحِلْمِ كامِنَ عزْمَةٍ

إلى أنْ تجلّى فجرُها المُتوَضِّحُ

فخابَ شقيٌّ قد ثنَيْتَ عَنانَهُ

غَداةَ انثَنى في غَيّهِ وهْو يجمَحُ

رمَيْتَ بنورِ الهَدْي ليْلَ ضلالِه

فَلا فجْرُهُ منْ بعْدِها يتوضّحُ

تلافَيْتَ دينَ اللهِ وهْو على شَفاً

يعرّضُ بالإتْلافِ ثُمَّ يُصرِّحُ

وأمّلَتْ تمْهيدَ البِلادِ وإنّها

ليُذْكَى زِنادُ الخَوْفِ فيها ويُقْدَحُ

وإن الذي بالمُلكِ عزّ لَصاغِرٌ

أيَطمَعُ فيه أو لمَرْقاهُ يطْمَحُ

يرومُ سَبيلاً للنّجاةِ مُمَنَّعاً

أيُنْجِدُهُ القَصْدُ الذي ليسَ يُنْجِحُ

نَبا في يديْهِ الصّارمُ الصّلْتُ وانثَنى

عنِ القَصْدِ فيه الذّابِلُ المُترنِّحُ

ومَن أسلَمَ الإيمانَ للشّرْكِ عامِداً

أيُفْلِتُ من قيْدِ الهَوانِ ويُفْلِحُ

وحلّ عُرَى الإسْلامِ في عَقْدِ سَلْمِهِ

غَداةَ انثَنى طوْعاً لها وهْوَ يجْنَحُ

صنائِعُ جلّتْ أنْ يُحيطَ بوَصْفِها

بَليغٌ ولا في روضِها الفِكْرُ يسْرَحُ

وقد كان فيها الحزمُ ضُيِّعَ بُرْهَةً

وصُدّقَ فيها الماكِرُ المُتَنصِّحُ

فدارَكْتَ مَنْ أوْلَيتَهُ النّصْرَ مُنْعِماً

بعزْمٍ يَفوقُ الرّاسِياتِ ويَرْجَحُ

وأُسْدِ رِجالٍ منْ جُنودِكَ كلّما

أُزيحُوا عنِ الهَيْجاءِ لمْ يتزَحْزَحوا

كتائِبُ تُلْقي عندَ بابِكَ كُتْبُها

منَ النّصْرِ والتأييدِ ما ليسَ يُشْرَحُ

كأنَّ مذاكيها لدى الحرْبِ ترتَمي

ظِباءً على كُثْبانِ رامةَ تسْنَحُ

تخِفُّ إلى الأعداءِ وهْيَ ثوابِتٌ

وتخْتالُ زهْواً في مَداها وتمْرَحُ

إذا استشْرَفَتْ فهْيَ الظّباءُ وإن بدَتْ

لها غرَرٌ فهْيَ الكواكِبُ تُلْمَحُ

على أنّ هذي حيثُ تسبِقُ للعِدى

وتبدو بليْلِ النّقْعِ أسْنى وأسْنَحُ

وحضْرتُكَ العَلياءُ عزّ جَنابُها

حَديثُ عُلاها مُسْنَدٌ ومُصحَّحُ

أقامتْ زماناً ليسَ تُطْلِعُ من سَنا

مُحيّاكَ بَدْراً نورُه يتوضّحُ

إلى أن حلَلْتَ الآن هالَةَ أُفْقِها

كما راقَ من شمْسِ الصّباحِ تَوضُّحُ

لقد أبْصر القُصّادُ مرْآكَ عندَها

فللْعَيْنِ والآمالِ مرْمىً ومَلْمَحُ

فبُشْرى لهُمْ أنْ أبْصروا بشْرَك الذي

يُترْجِمُ عن نيْلِ الأماني ويُفْصِحُ

وبُشْرى بهِ عيداً يعودُ بكلِّ ما

إلى نيْلِه الآمالُ تسْمو وتَطْمَحُ

أتاكَ وقدْ شفّ الغرامُ هِلالَهُ

وأنحَلَهُ الشّوْقُ الحَثيثُ المُبَرِّحُ

وودّعَ شهْرُ الصّومِ أكْرَمَ ظاعِنٍ

يروّي أحاديثَ العُلَى ويُصحّحُ

نأى وهْوَ يُثْني بالذي أنت أهْلُهُ

وعنْدَ جَميل الذكْرِ يُمْسي ويُصْبِحُ

يُرجّيكَ للدّنْيا وللدّينِ عصْمَةً

لديْها غَدا حُكْمَ المُقامِ يُرجّحُ

ومن ألفَ الإيمانَ والعِلمَ والتُقَى

ونيْلَ المعالي والنّدى كيف يبْرَحُ

فهُنّئتَهُ يوماً أغرَّ وموْسِماً

غدَتْ فيه أبوابُ القَبولِ تُفَتَّحُ

ودونَكها منْ بحْرِ فكري لآلِئاً

بمَنْظومِها جيدُ العُلى يتوشّحُ

تروقُ النُّهى وصْفاً كأنّ حديقَةً

بها للصّبا مَسْرىً وللعينِ مسْرَحُ

إذا اللهُ قد أثْنَى عليْكَ كتابُهُ

بماذا عَسى يُثْني البَليغُ ويمْدَحُ

فأيُّ بيانٍ عن معاليكَ مُنْبِئٌ

وأيُّ لِسانٍ عن صِفاتِكَ مُفْصِحُ

على أنّ من نعْماكَ صُبْحَ هِدايةٍ

يُبينُ ليَ النّهْجَ القَويمَ ويوضِحُ

تطوّقُني طوْقَ الحمامَةِ منعِماً

فأُصْبحُ في روضِ المدائِحِ أصْدَحُ

فللنّثْرِ منها في المعاني مَدائِحٌ

وبالدُّرِّ منها للغَواني توَشُّحُ

دَعا لكَ بالتأييدِ كُلّ مُوَحّدٍ

لذلكَ أبْوابُ السّماءِ تُفَتَّحُ

وتدْعو لكَ الرُكْبان حيث يَضُمُّها

مَقامٌ ورُكْنٌ يسْتَلامُ وأبْطَحُ

فخُلِّدتَ ما سارَ الحَجيجُ إلى مِنىً

وما هلّلوا بالذّكْرِ فيه وسبّحوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

81

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة