الديوان » العصر العباسي » ابن نباتة السعدي » يا ليت شعري والعيش أطوار

عدد الابيات : 68

طباعة

يا ليتَ شِعري والعيشُ أطوارُ

والناسُ بعدَ العيانِ أخبارُ

هل أغمس الركبَ غِبَّ هاجرةٍ

في جِنحِ ليلٍ كأنّه القارُ

أو أتغنى لهم بقافيةٍ

سماعها في الرؤوسِ سَوّارُ

قد نلتُ عيشَ الفتى وشيعتي

وجدٌ بلبِّ الفَتاةِ عَيّارُ

وحاسبتْ نِيقَتي مُبتَّلَةٌ

فناقشتُها والحُبُّ مِقدارُ

جاريتُها في عِنانِ شِرَّتِها

وقلتُ إنّ الشّبابَ غدّارُ

كان خشوعُ الديارِ يطربُه

فاليومَ لا طَربَةٌ ولا دارُ

لولا العُلا ما أُحِبُّ مكرُمَةً

والحُبُّ ضيمٌ كأنّه العارُ

لا زفرةٌ تحطِمُ الضلوعَ ولا

قلبٌ مع الظّاعنينَ طيّارُ

في عضُدِ الدّولةِ الهُمامِ وما

أبدعَ شُغْلٌ لنا وإقصارُ

قد طرقتْ بعدَكم معضِلةٌ

مؤذنة بالبنين مِذْكارُ

شمَّرَ من كَرَّكانَ مُنصلتٌ

على تنائي الدِّيارِ زَوّارُ

في يده للخطوبِ أقضيةٌ

وعندَه للغيوبِ أسرارُ

أكوعُ أفراسه بخُرَّمةٍ

لها على الهندوانِ إعصارُ

كتيبةٌ لا يزالُ يدفقُها

مخيمٌ بالعراءِ سَيّارُ

بين العَوالي صوارمٌ قُضُبٌ

وفي خِلالِ السّروجِ أكوارُ

عدَّلَ في أهلهِ ممالكهِ

كلٌّ له كورةٌ وأمصارُ

لا حقَّرَ العِجزةَ الصغيرَ ولا

مالَ بهِ للكبيرِ إيثارُ

حتى إذا طاشَ من كنانَتِه

أفْوَقُ يومَ النضالِ خَوّارُ

لا ينكرُ الضميمَ وهو يعرِفهُ

ولا يفعادي صَفاهُ مِنقارُ

حاذَرَ من خزينةٍ يسوغُها

وهل على المخزياتِ أقدارُ

يجحدُ أولادَه الفتى كرماً

وهم له لذّةٌ وأنصارُ

إذا موازينُهم طمحنَ بهم

والمجدُ بين الكرامِ مِعيارُ

قومُكَ عقّوكَ واستمرّ بهم

جهلٌ على ظلمهم وإصرارُ

لا رمضوا شفرةَ الصديقِ ولا

فلّوا شَباةَ العدوِّ إذ ساروا

سرتَ وفي سيركَ الحثيثِ لهم

آجالُ قومٍ تَسري وأعمارُ

أعارضٌ جَلْجَلَتْ صواعقُه

أم فيلقٌ في الحديدِ جَرّارُ

يستلبُ الرعب من أكُفّهمُ

إلا لَهُم والقلوبُ أصغارُ

لم تجفُ أجفانها السيوف ولا

قاستْ متونَ القسيّ أوتارُ

حتى إذا خِفتَ أنْ تَنالَهُمُ

من عثراتِ الجنودِ أظفارُ

أمرتَ بالكفِّ عن طِلبهمُ

وأنتَ بالمكرُماتِ أمّارُ

مَقْدِرةٌ لم تَدَعْ لمُقْتَدرٍ

غيظاً وبالغيظِ يُدرَكُ النّارُ

توهّمَ الغزوَ قهوةً مزِجَتْ

يحثُّها بَربَطٌ ومزمارُ

حولَكَ صيدُ الكماةِ مُعلمةً

وحولَه قَينةٌ وسُمّارُ

مشتغلاً بالمنى يقدرُها

ودونَ تقديرِهنّ أقدارُ

قد كانَ في طولِ ما سكنتُ له

وَحْيٌ وبعضُ السّكونِ إنذارُ

ما كان ظنّي يخيبُ فيكَ وقد

خانتْ عيونٌ لهم وأبصارُ

نمتَ لهم نومةً تُسهّدهُم

ما بقيت للعيونِ أشفارُ

فدتْ تميماً أُمي وما وَلَدَتْ

يومَ فحولِ الرجالِ أغرارُ

ما ضرّهم والسيفُ تَعدِمُهُم

عفتْ كُلومٌ والقومُ أحرارُ

كرّوا وبالبيضِ والقَنا وبهم

مَعالمُ جَمّةٌ وآثارُ

يألفُهم حَدُّها وتألفُهُ

جماجمٌ منهم وأسْحارُ

أسنّةُ الجيشِ في نحورهم

كأنّها للدّروعِ أزرارُ

أدّبَهُم في الوَغى طِرادُكَ وال

كرَّةُ بينَ الخيلين أطْوارُ

وطعنةُ الفارسينِ واحدةٌ

كأنّ رمحَ الأخيرِ مِسْبارُ

قومتَهم والرماحُ عاسيةٌ

ورضتَهم والجيادُ أمهارُ

يا عضدَ الدولةِ الذي قَمَعَتْ

صَوْلَتُهُ الدهرَ وهو جَبّارُ

ترهبكَ الطيرُ في مواكبِها

ودونَها شاهِقُ وتيّارُ

قد أفلحتْ أمةٌ تؤدّبها

ومذهبٌ أنتَ فيه نظّارُ

أنتَ نهارٌ والعالمون دُجىً

وأنتَ طِرزٌ والناسُ أعيارُ

هُمُ غنمٌ في حِماكَ راتعةٌ

وصبيةٌ في يديكَ أغمارُ

لابدّ من سُنةٍ تُقيمُهُمُ

على طريقِ النّجاةِ إذْ حاروا

أنتَ لها حينَ ضلَّ قائدُها

في ليلِها والجُديُّ غَرّارُ

كنتَ وقد سربلوكَ جاحِمَها

جندلةً لا تسيغها النّارُ

ليس لنا في المديحِ محمدةٌ

فعلكَ غيثٌ والقولُ نُوّارُ

شُبَّتْ بأجدالِها الحروبُ فَما

يخبو لَظاها وأنتَ مِسْعارُ

خيلُكَ في بابلٍ معطَّلَةٌ

تَودُّ أنّ المقامَ تَسيارُ

شاخصةٌ تَرتمي بأعيُنها

معاقِلُ الرومِ وهيَ أوْعارُ

كيفَ يقولُ الخليجُ يأمنُها

وهي على الدربِ مُخُّها رارُ

متى أراها بأرضِ ساريةٍ

كما أفاضَ القِداح أيسارُ

تمزُجُ أنفاسَها إذا حَمِيَتْ

شَمالُ لُبنانَ وهو هَرّارُ

يَركُلُها كلّ حاسرٍ دَمُهُ

عليه تحت الغبارِ أطمارُ

كأنّه في وجارِ لبّته

أرْيٌ وصدرُ القناةِ مُشتارُ

قد عَدِمَتْ زادَها فوارسُه

فهي من الغوطتينِ تَمتارُ

إذا هبوطِ النّسرينِ واجهها

وضمّها والجَنوبُ مضمارُ

لم يبقَ من ساكنِ الصعيدِ ولا

بَرْقَةَ والقيروان ديّارُ

ليتَ ملوكَ البلادِ أنظرَهم

كيدُك لا عزَّ منكَ أنظارُ

لكلِّ راعٍ راعٍ يُجاوِرُهُ

وأنتَ كالليثِ ما لهُ جارُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباتة السعدي

avatar

ابن نباتة السعدي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Nabata-Al-Saadi@

291

قصيدة

91

متابعين

عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي، أبو نصر. من شعراء سيف الدولة ابن حمدان. طاف البلاد، ومدح الملوك، واتصل بابن العميد (في الري) ومدحه. قال أبو ...

المزيد عن ابن نباتة السعدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة