الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » شسع لنعلك ... كل موهبة

عدد الابيات : 65

طباعة

يا مُطْعِمَ الدنيا وَقَدْ هُزِلَتْ

لحماً بشحمٍ منه مقطوبِ

ومزيرَها يقظى وغافيةً

أطيافَ بادي البطش مرهوبِ

يا حالباً من ضَرْعِها عَسَلاً

عن غيرِ سُمٍّ غيرَ محلوبِ

وَمُرَقِّصاً منها كما انتفضتْ

نُطَفُ الحَبابِ بكأسِ شِرِّيبِ

وكما تراقصت الدمى عبثاً

ما بين تصعيد وتصويب

يا طاعنا أعجاس صفوتها

بمطي شديدِ الصُلبِ أُلهوب

شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ مَوْهِبةٍ

وفداءُ " زندِك " كلُّ موهوبِ

وصدى لُهاثِكَ كلُّ مُبتَكَرٍ

من كلِّ مسموعٍ ومكتوبِ

من كلِّ ما هَجَسَ الغواةُ بهِ

عن فرط تسهيدٍ وتعذيبِ

يا سالبا بِجِماعِ راحتِهِ

أغنى الغنى، وأعزّ مسلوبِ

ما الشعرُ ؟ .. ما الآدابُ ؟..

ما بِدَعٌ للفكر ؟.. ما وَمَضاتُ أُسلوب ؟

شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافية

دوَّتْ بتشريق وتغريب

وشدا بها السُّمَارُ مالئةً

ما يُفرِغُ النَّدمانُ من كوبِ

ومَعيلُها يجترُّ من ألمٍ

دامٍ على الأسَلاتِ مسحوب

يُلغى ويُنفى شأنَ مُنتَبَذٍ

سَقَطٍ من الأغلاطِ مشطوبِ

يا سيّدَ " اللّكَماتِ " شامخةً

تهزا بمنسوبٍ، ومحسوبِ

ومربِّبَ الضَّرَباتِ، ما مَسَحَتْ

يوماً على أكتافِ مَربوبِ

مجّدْ ذراعَكَ، إنّها هِبَةٌ

أغنتْكَ عن أدبٍ وتأديبِ

محبوكةُ " الأليافِ " في نَمَطٍ

عَجَبٍ، مُعَنّى فيه، مطلوبِ

وتغنَّ فيها، واسْتَجِدَّ لها

غَزَلاً، ولا تبخلْ بتشبيبِ

لله نسجُك .... أيُّ ذي عَصَبٍ

من عالَمِ القُدُراتِ مجلوب

ما كان إلا أن مددت به

سبباً لمجدٍ جدِّ مكذوبِ

حتى انثنيت بخيرِ ما حَفَلَتْ

حَلَباتُ موروثٍ ومَكْسوبِ

يفدى عروقكَ كل ما حملت

أعراق داود، ويعقوب

ونثارُ عُرسِكَ كلُّ مُقْتَرِنٍ:

من خاطبٍ عِرساً، ومخطوب

سُبحانَ ربِّكَ كيف عَوَّضني

عن " حَوْملٍ " قفرٍ و " ملحوبِ "

رَبْعاً أنيساً في ملاعبِهِ

ما شئتُ من لهوٍ وتطريبِ

مُتحاضنَيْنِ، وبيننا مُلَحٌ

من عاتبٍ صبٍّ، ومعتوبِ

نتبادلُ " اللّكمات " نحسَبُها

قبلاتِ محبوبٍ، ومحبوبِ

يا سيّدَ " اللكمات " يَسْحَرُها

ذهَبَاً بِذِهْنٍ منهُ مَشبوبِ

نحنُ الرعيةُ .. عِشْتَ من مَلِكٍ

بِمَفاخِرِ " العَضَلاتِ " معصوبِ

زَنْدٌ بزندٍ .. والورى تَبَعٌ

لكما، وَعُرْقوبٌ بِعُرقوب

مَرِّغْهُ.. مَزِّقْ ثوبَ سَحْنَتِهِ

رَقِّعْهُ من دَمِهِ بِشُؤبوبِ

لَدِّغْه بالنَّغَزاتِ لاذعةً

ما لم يُلدِّغْ سُمُّ يعسوبِ

سَلِمَتْ يداك... أأنت صُغْتَهما

أمْ صوغُ ربٍّ عنك محجوبِ

قل لي أبيْتَ اللّعْن مُمتَدَحاً

وَكَرُمْتَ عن لَوْمٍ وتثريبِ

ألملهمونَ أأنتَ ترسُمُهُمْ

خَوَلاً من الشُّبّانِ والشِّيبِ ؟!

خَدَماً " لقصرِكَ " صُنْعَ ساحرةٍ

ذي ألف سَقْفٍ فيه مَذهوبِ ؟!

ذي ألفِ " باطيةٍ " وساقيةٍ

وبألفِ رُعبوبٍ وَرُعْبُوبِ

أمْ أنتَ تخشى أن تَعيثَ به

نزواتُ " مَرْعوصٍ " وَمَجْذوبِ

" أمحمَّدٌ " والدهرُ مَلْحَمَةٌ

من غاصبٍ عاتٍ وَمَغْصوبِ

والناسُ ذُؤبانٌ تَضيقُ بها

أسلابُ تثقيفٍ، وتهذيبِ

لا يرتضونَ لِفَرْطِ مَكْلَبةٍ

وَثَبَات ذئبٍ غير مَكْلُوبِ

ويُصفِّقُونَ لِمحْرِبٍ شَرِسٍ

ويُبَصِّقونَ بوجهِ محروب

يُذكي " الهِراشُ " حماسَهمْ طرَباً

لِدَمٍ بِعُرفِ الدِّيكِ مَسكوبِ

وكأنّهُمْ يُسْقَوْنَ صافية

بنزيفِ رأسٍ منهُ مَنخوبِ

و " الثَّوْرُ "، تصطخِبُ الجراحُ بهِ،

مدعاةُ تهليلٍ وترحيبِ

وكأنَّ مُرْتَكَزَ الرِّماحِ بهِ

نَغَمٌ بِعُودٍ منه مضروبِ

كُنْ حيثُ أنتَ تَجِئكَ صاغرةً

دُفَعُ اللُّهى، والزَّهْوِ، والطيبِ

تَسعى لذي بَطَرٍ، وقد زُوِيَتْ

عن نابغٍ، أسيانَ، مغلوبِ

كم " عبقرياتٍ " مشتْ ضَرَماً

في جُنحِ داجي الجنْحِ غِربيبِ

وتنفَّستْ رئةُ الحياةِ بها

من بَعْدِ تعبيسٍ، وتقطيبِ

عاشتْ وماتتْ في حِمى جَشِبٍ

جاسٍ، شَتيمِ العيشِ مسبوبِ

مَجْلودةً تُولى أعنَّتُها

بسياطِ ترغيبٍ، وترهيبِ:

بمرجّمين ... نهارِ مُرْتَخَصٍ

وبليْلِ نابي الجنبِ، مرعوبِ

حِجَجٌ مِئونٌ، دون شهقتِها

شَهَقاتُ مخنوقٍ، ومصلوبِ

أعطتْ، وأغنتْ، وَاسْتُرِدَّ بها

أنفاسُ محزونٍ، ومكروبِ

ما عادلتْ أعشارَ " ثانيَةٍ "

عُمِرتْ بساحٍ مُوحشٍ مُوبي

تلكَ " الملايينُ " التي سُحِبَتْ

سَحْبَ " المخاضةِ " عَبْرَ " أُنبوبِ "

نُثِرَتْ على قدميْنِ خُضِّبَتَا

بِدَمٍ لآخرَ منهُ مخضوبِ

يا أيُّها " العملاقُ " نَازَعَهُ

" قَزَمٌ " على سَبَبٍ، ... وتسبيبِ

كم جاءَ دهرُكَ بالأعاجيبِ

من كلِّ مرفوضٍ ومشجوبِ

كم راغبٍ نَحّى، وَمُرْتَغَبٍ

وكم استعزَّ بِغيْرِ مرغوبِ

وكمِ اصطفى هَمَلاً بنادرةٍ

وكم ابتلى فَحْلاً بمجبوبِ

شسْعٌ لنعلِكَ كلُّ موْهبةٍ

وَفِداءُ زندِكَ كلُّ موهوبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1954

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة