الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » هل بعد شيبك من عذر لمعتذر

عدد الابيات : 50

طباعة

هَل بَعدَ شَيبكَ مِن عُذرٍ لِمُعتَذِرِ

فَازجُر عَنِ الغَيِّ قَلباً غَيرَ مُنزَجِرِ

ما أَنتَ وَالبِيضُ في شِعرٍ تَفُوهُ بِهِ

بَعدَ البَياضِ الَّذي قَد لاحَ في الشَعَرِ

فَلا تَكُن مِن ظَعينِ الجِزعِ ذا جَزَعٍ

وَلا بِمَن حَلَّ وَادي السِدرِ ذا سَدَرِ

وَاَردع فُؤادكَ عَن وَجدٍ يُخامِرُهُ

إِذا نَزَلنَ ذَواتُ الخُمرِ بِالخَمَر

فَالراجِحُ اللُبِّ يَأبى أَن يُحَمِّلَهُ

وِزراً هَوى الرُجَّحِ الأَكفالِ وَالأُزُرِ

أَو يَطَّبِيهِ وَشملُ الحَيِّ مُنشَعِبٌ

رَبعٌ بِشِعبِ يَعارٍ دارِسُ الأُثَرِ

قَد كانَ مَأوى ظِباءِ الأُنسِ فَاتَّخَذَت

عُفرُ الظِباءِ بِهِ مَأوى مِنَ العَفَرِ

فَلَيسَ يَبرَحُ مُحتَلاً بِدِمنتِهِ

سِربٌ مِن الغِيدِ أَو سِربٌ مِنَ البَقَرِ

فَكُلُّ جازِئَةٍ مِنهُنَّ جاثِمَةٌ

بِحَيثُ كانَ ذَواتُ الدَلِّ وَالخَفَرِ

جِنسانِ ما أَشتَبها إِلّا لِأَنَّهُما

نَوافِرٌ قَلَّما يَألفَن بِالنَفَرِ

يا ظَبيَةً لا تَبيتُ اللَيلَ ساهِرَةً

هَلا رَثَيتِ لِمَوقُوفٍ عَلى السَهَرِ

أَورَدتِهِ بِالمُنى وِرداً عَلى ظَمَإٍ

وَما شَفَيتِ غَليلَ الصَدرِ في الصَدَرِ

لَقَد بَخِلتِ وَفَضلُ البُخلِ مَكرُمَةٌ

مِنَ الأُناثِ كَفَضلِ الجُودِ في الذَكَرِ

لا حَبَّذا صَفَرٌ شَهراً فَقَد صَفِرَت

يَدايَ مِن زَورَةِ الأَحبابِ في صَفَرِ

كَأَنَّ أَعشارَ قَلبي يَومَ بَينِهِمِ

تُذكى بِزِندَين مِن مَرخٍ وَمِن عُشَر

يا سَاكِنينَ بِحَيثُ الخَبتُ مِن هَجَرٍ

أَطَلتُمُ الهَجرَ مُذ صِرتُم إِلى هَجَرِ

عُودوا غِضاباً وَلا تَنأى دِيارُكُم

فَقِلَّةُ الماءِ تُرضي الكُدرَ بِالكَدِرِ

يا دَهرُ لا تَستَقِل جُرماً بِنَأيِهِمِ

فَإِنَّ جُرمَكَ جُرمٌ غَيرُ مُغتَفَرِ

ما لُمتُ غَيرَكَ في تَغييرِ وُدِّهِمِ

لِأَنَّ صَرفَكَ مَجبُولٌ عَلى الغِيَرِ

سَحَبتُ بُردَيكَ في غَيٍّ وَفي رَشَدٍ

وَذُقتُ طَعمَيكَ مِن حُلوٍ وَمِن صَبِرِ

فَما حَمَدتُكَ في بُؤسي وَلا رَغَدي

وَلا شَكَرتُكَ في نَفعي وَلا ضَرَري

لَكِنَّ شُكري لِمَن لَو لا مَكارِمُهُ

لَكُنتَ فَلَّلت مِن نابي وَمن ظُفُري

فَتّىً يَعَمُّ جَميعَ الخَلقِ نائِلُهُ

كَما تَعُمُّ السَماءُ الأَرضَ بِالمَطَرِ

يُنبيكَ بِالبِشرِ عَن بُشرى مُؤَمَّلَةٍ

فَالبِشرُ أَحسَنُ ما في أَوجُهِ البَشَرِ

يَعلَو الأَسِرَّةَ مِنهُ بَدرُ مَملَكَةٍ

أَبهى مِنَ البَدرِ لا يُعطي سِوى البِدَرِ

حَجِّي إِلَيهِ وَتَطوافي بِحَضرَتَهِ

نَظيرُ حَجِّي وَتَطوافي وَمُعتَمَرِي

حَتّى إِذا ما اِستَلَمنا ظَهرَ رَاحَتِهِ

قامَت مَقامَ اِستِلامِ الرُكنِ وَالحَجَرِ

زُرهُ نَزُر مِن أَبي العُلوانِ خَيرَ فَتىً

يُزارُ مِن وُلْدِ قَحطانٍ وَمِن مُضَرِ

وَالقَ المُعِزَّ بنَ فَخرِ المُلكِ تَلقَ فَتىً

يُحَقِّقُ الخُبرُ عَنهُ صِحَّةَ الخَبَرِ

حَكى أَباهُ فَقالَ الناسُ كُلُّهُمُ

مِن أَطيَب العُودِ يُجنى أَطيَبُ الثَمَرِ

بَنى مِنَ الفَخرِ ما لَم يَبنِهِ أَحَدٌ

إِلّا الطَراخينُ مِن أَجدادِهِ الغُرَرِ

ماتُوا وَعاشُوا بِحُسنِ الذِكرِ بَعدَهُمُ

وَالذكرُ يَحيى بِهِ الأَمواتُ في الحُفَرِ

لا يُصبِحُونَ حَليبَ الدَرِّ ضَيفَهُمُ

أَو يُمزَجَ الدَرُّ لِلضِيفانِ بِالدُرَرِ

سُودُ المَرائِرِ لا يُفشَونَ يَومَ وَغىً

إِلّا عَلى لَحِقِ الآطالِ كَالمِرَرِ

هُمُ اللُيوثُ وَلَكن لا تَرى لَهُمُ

مِثلَ الليوثِ أَظافيراً سِوى الظَفَرِ

أَو مُرهَفاتٌ إِذا هَزوا مَضارِبَها

هَزُوا بِهِنَّ قُلُوبَ البَدوِ وَالحَضَرِ

وَذُبَّلٌ مِن رِماحِ الخَطِّ حامِلَة

مِنَ الأَسِنَّةِ نيراناً بِلا شَرَرِ

إِذا هَوَوا في مُتونِ الدارِعينَ بِها

حَسِبتَهُم غَمَسوا الأَشطانَ في الغُدُرِ

مِن كُلِّ مَن تُرِك الذِكرُ الجَميلُ لَهُ

مُخَلَّداً في غِرارِ الصارِمِ الذَكَرِ

رُوحي الفِداءُ لَهُم قَوماً تُرابُهُمُ

عَلَيَّ أَكرَمُ مِن سَمعِي وَمِن بَصَرِي

ذَمَمتُ شَرخَ شَبابي عِندَ غَيرِهِمِ

وَعُدتُ أَحمَدُ طِيبَ العَيشِ في الكِبَرِ

يا ابنَ السَمادِعَةِ الشُمسِ الَّذينَ هُم

في كُلِّ وِزرٍ لَنا أَحمى مِنَ الوَزَرِ

غالَيتُ في الحَمدِ حَتّى صِرتَ مُشتَرِياً

مِنَ القَريضِ سُطُورَ الحِبرِ بِالحَبَرِ

لا خَلقَ أَكرَمُ عَفواً مِنكَ عَن زَلَلٍ

وَلا أَعَفُّ عَنِ الفَحشاءِ وَالنُكُرِ

تَبيعُ نَفسَكَ في كَسبِ النَفيسِ بِها

إِنَّ الخَطيرَ لَمِقدامٌ عَلى الخَطَرِ

لَو كُنتَ في الزَمَنِ الماضي لَما تَرَكُوا

ذِكراً يُسَيَّرُ إِلّا عَنكَ في السِيَرِ

يا مَن تَأَلَّمَ قَلبي مِن تَأَلُّمِهِ

فَباتَ في غَمَراتِ الهَمِّ وَالفِكَرِ

شَكَوتَ فَاِشتَكَتِ الدُنيا وَلا عَجَباً

إِنَّ الكُسُوفَ لَمَحتُومٌ عَلى القَمَرِ

فَاِسلَم رَفيعَ بِناءٍ المَجدِ شاهِقَهُ

وَعِش طَويلَ رِداءِ العِزِّ وَالعُمُرِ

وَلا سَلَكت طَريقاً غَيرَ مُتَّسِعٍ

وَلا هَمَمتَ بِأَمرٍ غَيرَ مُتَدِرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة