وَاِلبِس عَدوَّكَ في رِفقٍ وَفي دَعَه
لِباسَ ذي إِربَةٍ لِلدَّهرِ لَبّاسِ
وَلا تَغُرَنَّكَ أَضغانُ مُزَمِّلِهِ
قَد يَضرِبُ الدُبرَ الدامي بِأَحلاسِ
فَإِنّ الجَهلَ مَحمِلُهُ خَفيفٌ
وَإِنَّ الحِلمَ مَحمِلُهُ ثَقيلُ
متعي قلبيَ الحزينَ بوهمٍ
إنّ سرّ الحياة وهمٌ، وكانا
لَيتَني ما عِشتُ يَوماً بَعدَهُ
لَيتَني قَرَّبَ مَوتي أَجلي
اسلُبوا عَقلي وَرُوحي بَعدَهُ
فَهُمومي بَعدَهُ لا تَنجَلي
فإنْ جَزَعْنَا فإنّ الشّرّ أَجْزَعَنَا
وَإنْ صَبَرْنَا فَإنَّا مَعْشَرٌ صُبُرُ
وَلا خَيرَ فيما كَذَّبَ المَرءُ نَفسَهُ
وَتَقوالِهِ لِلشَيءِ يا لَيتَ ذا لِيا
وَإِن أَعجَبَتكَ الدَهرَ حالٌ مِن اِمرِئٍ
فَدَعهُ وَواكِل حالَهُ وَاللَيالِيا
وَنَحنُ أُناسٌ لا حِجازَ بِأَرضِنا
مَعَ الغَيثِ ما نُلفى وَمَن هُوَ غالِبُ
تَرى رائِداتِ الخَيلِ حَولَ بُيوتِنا
كَمِعزى الحِجازِ أَعوَزَتها الزَرائِبُ
إِنَّ المُحِبَّ إِذَا جَفَاهُ حَبِيْبُهُ
فَكَفَى بِصُحْبَتِهِ عَنَاءً للفَتَى
والهَمُّ مَا لَمْ تُمْضِهِ لِسَبِيْلِهِ
لَيْسَ المُفَارِقُ يَا أُمَيْمَ كَمَنْ نَأَى
فإذا النعيمُ وكلُّ ما يُلهى به
يوماً يَصيرُ إِلى بِلى ونفَادِ
بُدّلتُ شيبا قد عَلا لمتي
بعد شَبابٍ حَسنٍ مُعجبِ
صَاحبتُه ثُمَّت فارَقتُهُ
ليتَ شبابي ذاك لم يَذهبِ
قَد يَجمَعُ المالَ غَيرُ آكِلِهِ
وَيَأكُلُ المالَ غَيرُ مَن جَمَعَه
وَيَقطَعُ الثَوبَ غَيرُ لا بِسِهِ
وَيَلبِسُ الثَوبَ غَيرُ مَن قَطَعَه
فَاِقبَل مِنَ الدَهرِ ما أَتاكَ بِهِ
مَن قَرَّ عَيناً بَعَيشِهِ نَفَعَه
وَإِذا الأُمورُ تَعاظَمَت وَتَشابَهَت
فَهُناكَ يَعتَرِفونَ أَينَ المَفزَع
وَإِذا عَجاجُ المَوتِ ثارَ وَهَلهَلَت
فيهِ الجِيادُ إِلى الجِيادِ تَسَرَّع
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ
وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم
وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
نَقودُ وَنَأبى أَن نُقادَ وَلا نَرى
لِقَومٍ عَلَينا في مَكارِمِهِم فَضلا
أَيا نَفسُ رِفقاً في الوَغى وَمَسَرَّةً
فما كَأسُها إِلّا مِنَ السُمِّ يُنقَعُ
إِذا لَم أَقُد خَيلاً إِلى كُلِّ ضَيغَمٍ
فَآكُلَ مِن لَحمِ العُداةِ وَأَشبَعُ
وَالضَيفَ أَكرِمهُ فَإِنَّ مَبيتَهُ
حَقٌّ وَلا تَكُ لُعنَةً لِلنُزَّلِ
وَاِعلَم بَأَنَّ الضَيفَ مُخبِرُ أَهلِهِ
بِمَبيتِ لَيلَتِهِ وَإِن لَم يُسأَلِ
فَلا الحِرصُ يُغنيني وَلا اليَأسُ مانِعي
نَصيبي مِنَ الشَيءِ الَّذي أَنا نائِلُه
وَالخَيلُ تَعلَمُ أَنّي مِن فَوارِسِها
يَومَ الطِعانِ وَقَلبُ الناسِ يَرتَعِدُ
وَقَد حَلَفتُ يَميناً لا أُصالِحُهُم
ما دامَ مِنّا وَمِنهُم في المَلا أَحَدُ
وَاللُؤمُ داءٌ لِوَبَرٍ يُقتَلونَ بِهِ
لا يُقتَلونَ بِداءٍ غَيرِهِ أَبَدا
نَعدّ لَه الأيّام مِن حبّ ذِكرهِ
وَنُحصي لَه يا تيّحان اللّياليا
فَليت المَطايا قَد رَفعنكَ مُصعداً
تَجوبُ بِأيديها الحزونَ الفَيافيا