متى آمن الدنيا من الغدر أخدع

ولست لها ألوي من الذل أخدعي

أيرجو الفتى منها الوفاء وإنها

إذا أحسنت يوما أساءت بأربع

ترى المرء صفو الماء لمع سرابها

وبالورد لم يغرر بها كل ألمعي

معودة تبدي الأذى عن طبيعة

بها غرست من قبل لا عن تطبع

وسود لياليها تدب عقارب

متى حركت أذنابها الكف تلسع

ولانت كحيات الرمال ملامس

رمت بسمام في النواجذ منقع

إذا ما دنت مقدار ميل بميلها

إليك فلا تدنو بمقدار صبع

متاع غرور للأنام تخلقت

فلم تصف منها نظرة المتمتع

لقد لبست أيامها البيض صبغة

حكت قطع ليل بالغياهب أسفع

بدت وظلام الظلم وارى جبينها

وعنها غمام الغم لم يتقشع

ولا بد أن تجلى بوجه مغيب

كبدر الدجى يبدو بأسعد مطلع

هو القائم المهدي من نور رشده

كومض بروق في ذرى الجو لمع

يؤلب حزب الدين جمعا بعزمة

تفرق من حزب الشقا كل مجمع

أبا صالح أنت الموطد للهدى

قواعده في كل ناد وموقع

وأنت لباري الخلق أذن سميعة

فحاشاك أن تدعى غياثا ولا تعي

ألم القذى حيث النوائب جمة

بأعين حزم منك في النوم هجع

أيصفو لك العيش الرغيد وقد ذوى

لروض علاكم كل أصل ومفزع

أمط عن محياك الحجاب ولا تدع

وجود الهدى يبقى بوجه مبرقع

فقم طالبا بالسيف من كل جاحد

مواريث مجد بالخمول مضيع

اثر عزمات الخيل في صهلاتها

هدير سحاب بالرعود مقعقع

نزايع يسبغن السهام موارقا

وقد أغرقت عنها القسي بمنزع

يضيق الفضا ذرعا غداة تكرها

لها فوق هام القود بسطة أذرع

تعوف جمام الورد عذبا على الصدى

وتألف من ورد الردى كل مشرع

تهادت بفرسان الملاحم شزبا

بظل قنا ميد لدى الطعن شرع

فكم غادة شعواء عندك جردها

من الحزم ترعى في مصيف ومربع

وكم صعدة سمراء يشهق في الوغى

بطعنتها صدر الكمي المدرع

تقوم في ملمومة أعوجية

لدى الروع يمطو ظهرها كل أروع

فلا يدرك الثارات إلا مثارها

إلى الزحف في سجف العجاف المرقع

ولا صبر حتى تملأ الأرض نجدة

تهز ذرى أطوادها بالتضعضع

بها تترك الذئبان في فلواتها

رعاتها على الأغنام في كل مرتع

بحيث بزاة الطير ترعى بغاثها

ويأمن منها كل قلب مروع

بموقف حرب يستغيث بقسطل

أديم السما إن ينخرق فيه يرقع

وبيض الظبى بالضرب تهوى حوانيا

هوي سجود في الصفوف وركع

بمزدلف ضنك لدى الروع مأزق

لكل كمي بالحديد مقنع

وتردي العدى جمعا بثاقب عزمة

تجبن في الهيجاء كل مشجع

غداة عدت فاستنزعت بيعة الهدى

لخير بطين في الخليقة أنزع

أبي حسن من زان للدين طلعة

من القدس قد لاحت بنور مشعشع

تولد في البيت العتيق وقد نشا

بحجر الهدى في خطوه المترعرع

هو الأجدل الغطريف حصت جناحه

منا سر سرب للضلال مذعذع

أولئك قوم جد بالبغي جدهم

وقد تبعوا أشقى ثمود وتبع

لهم شاد في الإسلام أعواد رفعة

وهم شحنوا في سبه كل موضع

وشقت يمين الشرك بالسيف رأسه

ومن نجله رضت جناجن أضلع

وفي كربلا حلت فحلت سهامها

مناحير أطفال لدى المهد رضع

وأبدت بنات المصطفى من خدورها

حواسر تهدي من دعي إلى دعي

ثواكل ما الهيم العشار على الصدى

بأفجع منها بالحنين المرجع

إذا بكيت أحيت من الأرض ميتها

بنوء دموع كالمرازم همع

تظن عيونا فجرت من عيونها

تساقط جمرا شب لا ماء أدمع

تجرعن للوجد المرح صابه

وسارت بها الأنضاء في كل أجرع

يزيد فؤادي لوعة سلب حليها

وحلت بمرأى من يزيد ومسمع

يراها بعينيه من الكبر سوقة

وبالملك سلطانا على الناس يدعي

رعت كفه عهد الضلال تخلقا

وعهد ابن بنت الوحي بالخلق ما رعي

من الريب لم تحفظه أم لأنه

لوى للهدى يمنى بعهد ممنع

لحا الله قوما بادر الغدر منهم

لموثق أبناء الشفيع المشفع