الديوان » لبنان » نجيب سليمان الحداد » الدهر بين مسائه وصباحه

عدد الابيات : 24

طباعة

الدهرُ بينَ مساءِهِ وصباحِهِ

والمرءُ بينَ غَدُوِّهِ ورواحِهِ

والعمرُ بينهما يمرُّ كأنّهُ

سَكرُ الطروبِ على سُلافةِ راحِهِ

لا يستفيقُ أخو الصبا لفسادِهِ

حتى يحولَ العجزُ دونَ صلاحِهِ

وشبيبةُ الفتيانِ مِهرٌ جامحٌ

والعقلُ خيرُ شكيمةٍ لجِماحِهِ

ولقد خبرتُ هوى الصبا فوجدتُهُ

ما بين حبِّ مدامةٍ وملاحِهِ

إن المتيّمَ في هوى أحداقِهِ

مثلُ المتيمِ في هوى أقداحِهِ

سَكرانُ ما انتصحَ المُقيمُ عليهما

حتى تكونَ النفسُ من نصّاحِهِ

خُذْ من شبابِكَ وهو روضٌ زائلٌ

حسنَ الفعالِ فَتِلكَ زهرُ أقاحِهِ

واعلمْ بأنّك ما غرستَ بهِ الرضى

إلا جنيتَ الشكرَ من أدوَاحِهِ

يا من يعلّلُ بالأماني نفسَهُ

حتى تراهُ كواثقٍ بنجاحِهِ

دَرَجَ الزمانُ على العنادِ فلا تكنْ

ممّنْ يُقاومهُ بغيرِ سلاحِهِ

وسلاحُهُ صبرٌ يقيكَ صُروفَهُ

ويَرُدُّ حدَّ سيوفِهِ ورِماحِهِ

مالي أَحضُّ على مُقامةِ الأسى

وأنا الذي قد ذُبتُ من أتراحِهِ

وشكيتي شوقٌ أقامَ بمُهجتي

بَرِحَ التبصّرُ فيه دونَ بَراحِهِ

شوقٌ إلى مَن لا أراهُ وإنّما

لم يَخلُ قلبي قطُّ من أشباحِهِ

هذا خليلُ اللهِ خُطَّ بقلبِهِ

ما خصَّهُ موسى على الواحِهِ

متفرّدٌ في الشرقِ يسطعُ نورُهُ

في الغربِ بينَ جبالهِ وبِطاحِهِ

كالضوءِ يصغُرُ جرمُهُ في نفسِهِ

ويفيضُ عنهُ النورُ من مصباحِهِ

ورثَ العلومَ وزادَها من عندِهِ

كالمالِ زِيدَ عليهِ من أرباحِهِ

ذو فكرةٍ تجلو المشاكلَ مثلَما

يجلو ظلامَ الليلِ نورُ صباحِهِ

ولهُ إذا ما الأمرُ أُغلقَ بابُهُ

قلمٌ ينوبُ لديهِ عن مفتاحِهِ

يا أيّها الشهمُ الذي أوصافُهُ

تُغني المشيرَ إليهِ عن إفصاحِهِ

مني إليكَ رسالةٌ ضمّنتُها

شوقاً يضيقُ الطرسُ عن إيضاحِهِ

وختمتُها بمديحِ فضلِك فهو قد

أضحى لسانَ الدهرِ من مدّاحِهِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نجيب سليمان الحداد

avatar

نجيب سليمان الحداد

لبنان

poet-Najeeb-al-Haddad@

36

قصيدة

12

الاقتباسات

1

متابعين

نجيب سليمان الحداد (1867 - 1899م / 1284 - 1317 هـ) صحفي وأديب وشاعر ومترجم وقاضٍ، وُلد في بيروت وتوفي في مدينة الإسكندرية بعد حياة قصيرة حافلة بالعطاء الأدبي والثقافي. عاش ...

المزيد عن نجيب سليمان الحداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة