الديوان » لبنان » نجيب سليمان الحداد » ما كان ضرك لو سررت حزينا

عدد الابيات : 46

طباعة

ما كان ضرّك لو سررتَ حزينَا

وشفيتَ داءً في الفؤادِ دفينَا

ووفيتَ بالإنجازِ دينَ مواعدٍ

أبلينَ صبرَ فؤادهِ وبلينا

هيهاتَ كم من مدنفٍ أودى بهِ

داءٌ إذا آنَ الدواءُ ثمينَا

ولكمْ غنيٌّ بات يطوي جارَهُ

فقرًا إذا كان الغنيُّ ضنينَا

لله كم من ليلةٍ بتنا بها

نفني الدجى وسهادُها يفنينا

تتمثلون لنا فنُبسمُ للهوى

حينًا ونذكركم فنَبكي حينَا

لم تجنِ أعينُنا جواهرَ ثغرِكم

إلا وأعطينا الذي أعطينا

نرعى نجومَ الليل وهي ثوابتٌ

تجري مدامعُنا ولا تجرينا

طالَ الظلالُ لأنهنَّ ثوابتٌ

أم طالَ من بَرَحٍ ثوابتٌ فينا

حلفَ الغواني لا يعدنَ بحلفةٍ

إلا حلفنَ على الخلافِ مئينَا

منيتنَا حتى تعلقنا الهوى

فنزحنَ عن دارِ الهوى وبقينا

وغلبننا إذ كنَّ أفتكَ لحظةً

وأشدَّ دلالًا وأوثقَ دِينَا

نرعى المواثقَ حين لا يرعينها

ونفي المواعدَ حين ليس يفينا

يشفي الملامُ قلوبهنَّ من الهوى

ويزيدنا وجدًا ولا يشفينا

خانَتْ لواحظُها على قربِ المدى

قلبًا على بعدِ المزارِ أمينَا

إن الذي خلقَ المَونَ أباحَها

فينا وأرسلَها فكنَّ عيونَا

لم يكفِهِنَّ الحُسنُ وهو مبرّحٌ

حتى اكتحلنَ فزدنهُ تحسينَا

يا حبَّذا تلك الديارُ لو أنها

ردت تحيتَها التي تُحيينا

تلك الربوعُ وقفتُ فيها ساعةً

فذكرتُ أيامًا بها وسنينا

أيامُ كنتُ بها رشيدًا هاديًا

للحُبّ مهدي الهوى مأمونَا

تعطي الغواني ما أشاء وربما

حكمتهنَّ فنلنَ بي ما شينا

يا جَبْرَةَ في الحيّ نذكرُ عهدَكم

ما كنتُ أحسبُ أنكم تسلونا

كمْ قد شقينا فيكمُ ونعمتمُ

فينا وكمْ متنا بكمْ وحيينا

هل تحفظونَ من المواثقِ موثقًا

أم تذكرونَ من العهودِ يمينَا

أم تذكرونَ مواقفًا انطلقتْ بها

أبصارُنا وتعاقدتْ أيدينَا

وعلى جبينك والخدودِ من الحيا

نُقطٌ تزينُ الوردَ والنسرينا

بَرَحَ الخفا فعلمتِ ما أبغيه من

سرّ الهوى، وعلمتِ ما تبغينا

وبدا الغرامُ فكان ما أدريهِ من

سرِّ اللقاء، وكان ما تدرينا

سرٌّ تحملهُ النسيمُ فكادَ من

رِيّاهُ أن يفشو به فيبينا

ويكادُ ينشقُّ الخليُّ من الهوى

فيعودُ منهُ متيمًا مفتونا

ويكاد عاذلُنا يشمُّ أريجهُ

فيظنّ فينا يا سعادُ ظنونا

لا تنكري تلك المواقفَ بعدما

قبّلتُ فيها وجنةً وجبينَا

قُبَلٌ لو انطبعتْ كما شاء الهوى

لبقينَ رسمًا في الجبينِ مبينَا

والليلُ يسعدنا فننشرُ تحتَهُ

سرَّ الهوى وظلامُهُ يطوينا

والشهبُ ساهرةٌ حسبتْ عيونُهُمَا

ترنو إليكِ فكدتِ تستحيينا

والبدرُ مطلعٌ يحاولُ كشفَنا

تحتَ الغصونِ وظلُّها يخفينا

والريحُ تعبثُ بالرياضِ عليلةً

فتخالُ هينمةَ النسيمِ أنينا

والأرضُ زينَها الربيعُ فزادَها

طيبًا وزادَ بساطَها تلوينَا

والأيكُ يطربُهُ الخريرُ فتنثني

أغصانُهُ طربًا وترقصُ لينا

والروضُ قد زارَ الندى أزهارَهُ

فكأنّهنَّ لواحظٌ يبكينا

أيامُ أنسٍ قد فنينَ، وليتَنا

كنّا فنينَا يومَ كنَّ فنينَا

ولتْ وما تركتْ لنا أثرًا سوى

ذكرى تزيدُ بها القلوبُ شجونا

أمرضتْ يا ذكرى الغرامِ قلوبَنا

وقد انقضى عهدُ الهوى، فدعينا

قد كنتِ تجدينَ الوصالَ إذا الهوى

باقٍ، فأنتِ اليومَ لا تجدينا

نبغي السلوَّ ونحنُ نذكرُ الهوى

فنزيدُ بالذكرى الهوى تمكينا

هيهاتَ يسلو القلبُ عهدَ غرامهِ

إن القلوبَ إذا هوينَ هوينا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نجيب سليمان الحداد

avatar

نجيب سليمان الحداد

لبنان

poet-Najeeb-al-Haddad@

36

قصيدة

12

الاقتباسات

1

متابعين

نجيب سليمان الحداد (1867 - 1899م / 1284 - 1317 هـ) صحفي وأديب وشاعر ومترجم وقاضٍ، وُلد في بيروت وتوفي في مدينة الإسكندرية بعد حياة قصيرة حافلة بالعطاء الأدبي والثقافي. عاش ...

المزيد عن نجيب سليمان الحداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة